انتهاكات مستمرة في سجون تونس

22 ابريل 2019
تجاوزات للشرطة التونسية (تسنيم نصري/ الأناضول)
+ الخط -

الانتهاكات
في مراكز التوقيف وفي السجون التونسية مستمرة. وتسجل المنظمات الحقوقية حالات عديدة وصل بعضها إلى حدّ الموت، مع تلفيق الاتهامات، وعدم انكشاف الحقيقة كاملة. وهو ما يسيء إلى السجل الحقوقي للبلاد

"خلال الوقفة الاحتجاجية في 12 مارس/ آذار الماضي ألقي القبض عليّ، وطلبوا مني رخصة مشاركة في الاحتجاجات التي دعا إليها بعض ناشطي المجتمع المدني على خلفية وفاة الرضّع في مستشفى الرابطة بالعاصمة. ودوناً عن جميع المشاركين طُلبت مني رخصة الاحتجاج بالرغم من أنّه حق يكفله الدستور. ثم التف حولي تسعة عناصر شرطة وبدأوا بركلي واقتادوني إلى مركزهم بعد تمزيق ملابسي والتحرش بي جنسياً مع ضربي وشتمي وتعرية جسدي". هذا ما يتحدّث به المدون والناشط في الجمعيات وجدي المحواشي عن ظروف وأسباب توقيفه في ساحة القصبة أخيراً.




يضيف: "تمّ في المركز تعنيفي أكثر بالسبّ والضرب، وجرى تصويري داخل مركز الشرطة واستفزازي ومنعي من الاتصال بمحامٍ أو بعائلتي، كما اتهامي بأنّني مثلي، وهددوا بإجراء فحص شرجي لي". يواصل: "بقيت أربع ساعات من دون محامٍ ومن دون إبلاغ عائلتي عن مكان وجودي، ليجري نقلي في ما بعد إلى مستشفى شارل نيكول بالعاصمة للخضوع إلى فحوص. طلبت بنفسي من الطبيب القيام بفحص شرجي لإثبات أنّي لست مثلياً جنسياً. ثمّ جرى نقلي إلى مركز التوقيف في بوشوشة". يتابع: "جرى الاتصال بالهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب من قبل بعض الأصدقاء لأنّها الوحيدة التي يمكنها زيارة مركز التوقيف في بوشوشة بالعاصمة من دون بلاغ مسبق، لكن جرى تعطيل أعمالهم في معاينة الأضرار على جسدي. وتمكنت الهيئة لاحقاً من تسجيل إفادتي وتصويري. في التوقيف حاولوا إثبات أنّني مضطرب نفسياً أو عقلياً، لا سيما مع نقلي في ما بعد إلى مستشفى الأمراض العقلية: الرازي".

بدورها، تشير الناشطة الحقوقية مريم منور، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّها تابعت قضية المحواشي منذ إبلاغها بخبر توقيفه. لكن جرى إخفاء مكان توقيفه ومنعه من الاتصال بمحامٍ أو بأحد أفراد عائلته، وهو أمر مخالف للقانون. تضيف أنّ "مثل هذه التصرفات ليست بالجديدة. بل تتكرر عمليات سوء المعاملة خلال توقيف الأشخاص وحرمان بعضهم من حق الاتصال بمحامٍ".

نفى المحواشي ما صرّح به المتحدّث باسم وزارة الداخلية بخصوص معاناته من اضطرابات عقلية، مشيراً إلى أنّه سيرفع دعوى ضد عناصر الشرطة المعتدين عليه، وضد وزارة الداخلية على خلفية تعرضه للعنف والتحرش الجنسي والتشويه. وكان المحواشي قد اتهم بالاضطراب العقلي، بالرغم من إخلاء سبيله بعد 24 ساعة فقط من نقله إلى مستشفى الأمراض العقلية.

بدورها، أشارت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب في الآونة الأخيرة إلى عدد من حالات التعذيب والعنف الأمني. كذلك، سجلت حالة وفاة الشاب أيوب بن فرج بمنطقة براكة الساحل، مع تأكيد شهود عيان تعرّضه للعنف والرش بالغاز، كما أكد تقرير الطب الشرعي وجود آثار عنف بكامل أنحاء جسمه. الشاب ثلاثيني متزوج وأب لطفل، مقيم في الخارج وجاء إلى تونس لزيارة أهله. يعود الحادث إلى 15 فبراير/ شباط الماضي بعد استدعاء الضحية إلى مركز الأمن ببراكة الساحل، على أثر نشوب شجار عنيف بين 3 شبان. لكنّه توفي داخل مركز التوقيف. وعلى أثر وفاته، خرج عدد من أهالي المنطقة للاحتجاج أمام مركز الحرس الوطني بالمنطقة.

تشير لطيفة، والدة الشاب المتوفي، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّه خلال تغسيله وُجدت كدمات على كامل جسده، مؤكدة تعرضه لإصابة خطيرة على مستوى كليته وعلى مستوى رقبته وكسر في فكه وصدره. وقد صدر بتاريخ 6 مارس/ آذار الماضي تقرير الطب الشرعي، ليؤكد وجود آثار عنف على كامل أنحاء الجسم مع آثار اختناق حاد، بحسب ما أكدته المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب.

كذلك، سجلت المنظمة شكاوى من الظروف السجنية وحالات عنف داخل السجون. ففي 15 مارس/ آذار من العام الماضي جرى أيضاً توقيف محمد عمر الطريفي على ذمة قضايا جزائية من قبل عناصر الأمن في سيدي البشير، بالعاصمة تونس. وأحيل إلى المحكمة بعدها بأربعة أيام، وأودع سجن المرناقية، وهو موقوف تحفظياً. لكن في منتصف شهر فبراير/ شباط الماضي، تعرض الطريفي وهو في مركز التوقيف، لاعتداء عنيف جداً من قبل عنصر سجون نتجت عنه أضرار جسيمة بالوجه والفكين وانتفاخ كبير على مستوى الوجه، إلى درجة العجز عن الأكل. وفق ما أكدته المنظمة. وتشير والدة الموقوف لـ"العربي الجديد"، إلى أنّها رأت خلال زيارتها لابنها في 26 فبراير، آثار اعتداء على وجهه مع رضوض في كامل الجسم. وأخبرها بأنّه منع من الخروج إليهم بثيابه الملطخة بالدماء. تضيف أنّها أعلمت جميع المنظمات الحقوقية بما في ذلك الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب إلى جانب هيئة الوقاية من التعذيب، كما طالبت بفتح تحقيق في الاعتداءات المسلطة على ابنها.




بدورها، تشير راضية النصراوي، رئيسة المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، لـ"العربي الجديد"، إلى تواصل الانتهاكات داخل مراكز التوقيف ومراكز الشرطة والسجون. وتؤكد ضرورة فتح تحقيقات جدية في حالات الانتهاك تلك، ومحاسبة مرتكبيها. تضيف أنّ المحاسبة في قضايا التعذيب والانتهاكات غائبة تماماً، والإفلات من العقاب هو السبب الرئيس لتواصل ارتكاب الانتهاكات في حق الموقوفين.