انتقام في عيد العُشّاق

13 فبراير 2015
الشر يتطاير من وجهها (Getty)
+ الخط -
نثرت ليال اللون الأحمر في أرجاء المنزل. خطّطت لأمسية ظنّتها رائعة، لكنّ شاءت الأقدار أن تتحوّل إلى أسوأ ذكريات حياتها. يبغض زوجها، فادي، تلك المناسبة، إذ ينبغي عليه أن يمثّل دور العاشق الولهان. يحبّها؟ نعم، بيد أنّه يشعر بواجب تجاه المناسبة أكثر منه الإحساس الصادق.
يوم 14 فبراير/ شباط، يحكم فالنتاين على غالبية الرّجال أن يعيشوا غصباً عن إرادتهم أجواء الحب.
احتار، وهو في ذروة انهماكه بضغوط العمل، كيف يرضي زوجته ويشتري هدية تليق بفالنتاين. أغلقت المتاجر أبوابها ولم تسنح له الفرصة لانتقاء أي شيء. تأخّر في العمل، وساعده ابن عمّه بلال حتى ساعة متأخرة.
في السيارة، شعر فادي بالإنهاك يسيطر على بلال، فتفوّه بكلمات نسفت رومانسية المساء: "تعا نتعشّا سوا". أجابه بلال بابتسامة: "ليلة فالنتاين، لا أكيد، لكن أحتاج لشراء سجائر، لو توقّف دقيقة جنب أي دكّان؟".
أصرّ الزوج أن يرافقه ابن عمّه. وردّ باستهزاء: "صرلي سبع سنين مجوّز، منتعشّى سوا وبتروح".
اقتنع بلال أمام إلحاح فادي، وحين ترجّل من السيارة لشراء السجائر، اتّصل فادي بزوجته ليخبرها. اعتبرت ليال تلك الدعوة جريمة لا تُغتفر. وتردّد صدى صوتها المزمجر في السيّارة وجُنّ جنونها: "هيدا عيد الحب".
"شو يعني فالنتاين؟ هيدا للمراهقين والهبل". استدرك ذاته فجأة وشعر أنّ ليال تكاد تنفجر كبركان، فحاول تهدئتها: "بيتعشّى وبيروح، اشتغل معي ساعات إضافية، عيب ما قدّر تعبو...".
يفتح ابن عمّه باب السيارة، فينهي المكالمة. بدا الارتباك واضحاً على فادي. لن يتراجع عن كلامه، ولو انقلبت الدنيا على رأسه. أدرك أنّ زوجته لن تتساهل، فالويل لمَن يخطئ التصرّف في "فالنتاين" مع امرأة.
شتم تلك المناسبة في سرّه، وسخر من جنس حوّاء، اللواتي يتوّقعن أن يتحوّل رجالهن في ليلة وضحاها فجأة إلى روميو.
طرق الباب، فتحت ابنته، التي بدت متوتّرة، وهرولت. لم تظهر الزوجة التي اعتصمت في غرفة النوم.
اضطرب بلال حين رأى لمسات الرومانسية التي زيّنت المكان، وقال: "مرتك حضّرت للمناسبة وأنا حاسس إنّي خرّبت كل شي". أجاب فادي: "شو هل حكي! يلا ارتاح".
توجّه فادي إلى غرفة ليال، مرّت الدقائق على بلال كالساعات، وتوتّر وندم.
أطلّت ليال بوجه أصفر، بالكاد ألقت التحية. أراد بلال التخفيف من الجوّ المشحون، فسلّم عليها وسألها المساعدة، رفضت بلؤم. أحسّ بالإهانة، فتوّجه إلى الباب الرئيسي. لحق به فادي، قال بلال: "أنا رايح ...".
فأجاب فادي: "شو صار؟ حدا زعجك؟"، ليردّ: "لا أبداً، تعبان".
اعتقد بلال أنّ قراره عين الصواب، ولم يدر أنّه بفعلته تلك كمَن سكب الزيت على النار، ولم تمض نصف ساعة حتّى سمع طرقاً على باب منزله.
فتح الباب ليرى أمامه فادي، والشرّ يتطاير من وجهه: "كسّرت البيت على راسها، خلّيها تعيّد فالنتاين وحدها".
اختفت ليال في اليوم الثاني مع أبنائها، انتقاماً لفالنتاين..
دلالات
المساهمون