انتقادات واسعة تواجه قانون التقاعد العراقي الجديد

23 نوفمبر 2019
البطالة من أبرز محركات احتجاجات العراق(Getty)
+ الخط -
أثار قانون التقاعد الجديد الذي أقره البرلمان العراقي على وقع التظاهرات الشعبية التي تعم البلاد منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انتقادات واسعة، على الرغم من توفيره فرص عمل جديدة. إذ اعتبر خبراء أن هذا القانون مجحف ببعض فقراته، لكن لحسابات سياسية وحزبية ضيقة تم اعتماده ضمن صيغة تراعي مصالح فئوية أو حزبية.

إذ كان القانون السابق يخصص نحو 100 مليار دينار عراقي سنوياً كمرتبات لما يعرف بالخدمة الجهادية في إشارة إلى فترة معارضة نظام صدام حسين، وكذا يحدد مخصصات للسجناء السياسيين وغيرهم...

القانون الذي أقر منتصف الأسبوع الماضي، جاء ضمن ما يعرف بحزمة الإصلاحات الحكومية والبرلمانية استجابة لمطالب المتظاهرين. وتقول الحكومة إنه سيوفر عشرات آلاف فرص العمل للعاطلين.

وبحسب بيان للمتحدث الرسمي باسم الحكومة سعد الحديثي، فإن القانون الجديد نص على أن "تكون سن التقاعد هي إكمال 60 سنة من العمر، بعدما كانت 63 سنة، مع استثناء أساتذة الجامعات، والأطباء، والقضاة والمستشارين القانونيين في مجلس الدولة، والطيارين". كما يحق للموظف الذي أكمل 45 سنة من عمره ولديه 15 عاما من الخدمة أن يحال على التقاعد بعدما كانت هذه السن 50 عاما، ويمنع الجمع بين مرتبين تقاعدي وآخر وظيفي".

وقوبل قانون التقاعد الجديد بانتقادات من قبل نواب ومسؤولين، حيث أكد عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي أحمد الجبوري، أن "القانون فيه كثير من الاستثناءات التي وضعتها لجان برلمانية أشرفت على تعديل القانون الجديد، ولولا تلك الاستثناءات لوصل عدد الدرجات الوظيفية التي سيوفرها القانون إلى 500 ألف درجة"، في إشارة الى استثناء شرائح مختلفة من القانون الجديد مثل السجناء السياسيين.

وأكد في تصريحات صحافية أن "القانون الجديد خفض سن التقاعد ثلاث سنوات فقط، بشكل عام، يستثنى من ذلك نفس الفئات القديمة التي كانت تأخذ أكثر من راتب وتشمل السياسيين وذوي الشهداء والعسكريين، بالإضافة الى السلطة القضائية"، مبينا أن "أقل راتب تقاعد سيكون 500 ألف دينار، وهذا يعني ارتفاع راتب المتقاعد، والقضية الثانية التي أعتقد أنها مهمة هي توفير أكثر من 200 ألف فرصة عمل موزعة على كل الوزارات ومؤسسات الدولة".

الخبير الاقتصادي العراقي علي العلواني شدد على أن القانون الجديد فيه الكثير من الإيجابيات على مستوى تحسين دخل العائلة وتوفير فرص العمل وقطع امتيازات عن بعض الشرائح، لكنه بنفس الوقت غير كاف ويمكن اعتباره ترقيعا.

وقال لـ"العربي الجديد"، إن خفض السن التقاعدية لا يعني توفير فرص عمل جديدة بقدر ما هو إحلال وظائف عبر تسريع إخراج الموظف للتقاعد ويأتي غيره. وأشار إلى أنه سيكون على الدولة دفع راتب تقاعد يصل إلى نصف ما كان يتقاضاه تقريباً، والموظف الجديد يريد مرتبا شهريا كاملا، وبذلك لم تسهم الدولة في اعتماد خطة مالية أو إدارية جديدة أو لم تحل المشكلة من جذروها، عبر دعم الاقتصاد الإنتاجي مثلاً لخلق فرص العمل.

واعتبر أن الحل الأول والأخير لأزمة البطالة هو دعم السوق والقطاع الخاص والاستثمار وتشجيع العمل لا الاستمرار في حشو الموظفين بالدوائر بلا فائدة، بعدما فاض عدد الموظفين عن حاجة البلاد في بعض المؤسسات، ووصل الى مستويات قياسية.

وشرح العلواني أن تحديد مرتب المتقاعد بالحد الأدنى إيجابي، وقطع امتيازات ومخصصات منحت بالسنوات الماضية ضمن مصالح حزبية إيجابي أيضا، لكن ما زال القانون من ناحية اقتصادية أو مالية على الأقل يحتاج الى الكثير ليكون مكتملا ويصل الى درجة يمكن أن تكون مقنعة.

بدوره، اعتبر النائب عن كتلة سائرون، بدر الزيادي، أن تشريع القانون في الوقت الحالي، خطوة مهمة كونه سيوفر فرص عمل كثيرة وهو مطلب للمتظاهرين، مضيفا أن خفض سن التقاعد يعني فرصة لإحلال الشباب والطاقات الجديدة وبالتالي سيتم تعيين الخريجين وأصحاب الشهادات العليا، وبعد ذلك يكون للشباب العاطلين من العمل حق بالتعيين". وبين أن "القانون أعطى مرونة للحكومة بإصدار بعض التعليمات التي تراها مناسبة".

بالمقابل قال خبراء قانونيون إن قانون التقاعد وفر امتيازات معينة لذوي مخيم رفحاء من المعارضين السياسيين، إبان فترة حكم الرئيس الراحل صدام حسين. وأكد الخبير القانوني طارق حرب لـ"العربي الجديد"، أن "القانون جعل الراتب الشهري للمشمولين برفحاء مليون ونصف دينار شهرياً لكل فرد منهم، وبذلك سيكون للعائلة منهم المكونة من أب وأم وثلاثة أبناء سبعة ملايين ونصف المليون دينار شهرياً".

وأضاف، أن "هذا الراتب يفوق أي راتب تقاعدي يتقاضاه الوزير والنائب وذوي أعلى الرتب العسكرية والدرجات القضائية ورؤساء الجامعات".
المساهمون