13 فبراير 2022
انتفاضة "الأطراف" العربية
انتفضت على مدار الأسابيع الماضية مناطق ريفية وشبه حضرية في أكثر من بلد عربي، علي وقع أزمات اقتصادية واجتماعية طاحنة، تمر بها هذه البلدان. ففي تونس، اشتعلت الاحتجاجات في ولاية تطاوين في أقصى الجنوب، بعد أن اعتصم شباب المدينة في صحرائها، وقطعوا طرقاً رئيسية، بل وحاولوا اقتحام إحدى محطات البترول التي تعمل في المنطقة، مطالبين بإغلاقها، وذلك احتجاجاً على أوضاعهم الاقتصادية المتردية، مطالبين بالعمل، وبالحصول على نسبة 20% من عوائد الشركات النفطية العاملة في المنطقة. وقد فشلت جهود حكومة يوسف الشاهد في تهدئة الاحتجاجات، بل أدت الطريقة الخشنة التي تعاطت بها السلطة مع الاحتجاجات إلى إشعالها، وارتفاع سقفها وتحولها من مطالب اقتصادية واجتماعية إلى مطالب سياسية تطالب بإقالة الحكومة.
وفي المغرب، خصوصا في مدينة الحسيمة شمالاً، اندلعت احتجاجات عديدة، طوال الأسبوعين الماضيين، وازدادت بعد اعتقال الناشط المغربي ناصر الزفزافي الذي قاد الحراك الريفي طوال الشهور الماضية، وخصوصا منذ مقتل بائع السمك، محسن فكري، الذي دهسته شاحنة نفايات، فانتفض كثيرون، تنديداً بما حدث له، ومطالبين بضرورة محاسبة المسؤولين عن الجريمة، خصوصا الذين لم ينل بعضهم جزاءه بعد، في حين انتقلت الاحتجاجات إلى مدن أخرى، منها طنجة وفاس والقنيطرة والرباط. وقبل أشهر قليلة، انتفضت بعض مدن الجزائر، احتجاجاً على فرض رسوم وضرائب جديدة، خصوصا في بلديات بجاية والبويرة وتيزي وزو، وكنت قد كتبت عنها في وقتها.
وتحمل الموجة الراهنة من الانتفاضات دلالاتٍ عديدة، أولها أنها انتفاضات عفوية وتلقائية وغير منظمة، وجاءت من مواطنين عاديين، يرزحون تحت وطأة العوز والفقر الاقتصادي والاجتماعي، ويعانون من تهميش الأطراف الحضرية لهم. وثانيها، أنه لا يوجد دور مؤثر للقوى والوسائط السياسية، كالأحزاب والحركات التقليدية، ما يعكس انعداما كاملا للثقة من المواطنين تجاه هذه القوى. وثالثها، أن هذه الانتفاضات والاحتجاجات لا تتم من خلال نشطاء سياسيين أو حركات اجتماعية أو نقابات عمالية، وإنما من خلال مواطنين عاديين، معظمهم من الشباب العاطل من العمل. وأخيراً، هذه الاحتجاجات، وإن رفعت مطالب اقتصادية واجتماعية، سرعان ما تأخذ طابعاً سياسيا، ما يشكل عبئاً كبيراً على الأنظمة الحاكمة التي لا تعرف كيف تتعاطى مع هذه المسائل بقدر من الذكاء والحكمة.
ولعل ما يزيد من تعقيد هذه المشكلات وتعميقها هو التعاطي الرسمي معها، والذي يتراوح ما بين التجاهل والاستخفاف إلى القمع والتخويف والترهيب. وبالتالي، عدم تقديم حلول عملية وحقيقية للمواطنين يمكنها امتصاص غضبهم. ففي تونس، استعان رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، بالجيش من أجل التصدي للاحتجاجات وأنشطة المحتجين، خصوصا فيما يتعلق بالهجوم على المؤسسات العامة، ومحاولة تخريبها، وهو ما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل في مواجهاتٍ بين المعتصمين في صحراء ولاية تطاوين. وفي المغرب، اعتقلت السلطات الزفزافي، وحسب بعض التقارير، فإنه يواجه تهماً ثقيلة، قد تصل إلى حد "التخابر لصالح جهات أجنبية"، وذلك حسبما ذكرت صحيفة "العربي الجديد" في تقرير لها الأربعاء الماضي.
ربما تنجح الحكومات العربية مؤقتا في امتصاص غضب القطاعات المهمشة من الفقراء والفلاحين والعاطلين وغيرهم، بيد أن استمرار هذه المشكلات على حالها من دون وضع حلول جذرية لها، تقوم على مبدأ العدالة الاجتماعية، فستظل "الأطراف" العربية تغلي، وربما تنفجر في وجوه الجميع، ووقتها لن ينفع الندم.
وفي المغرب، خصوصا في مدينة الحسيمة شمالاً، اندلعت احتجاجات عديدة، طوال الأسبوعين الماضيين، وازدادت بعد اعتقال الناشط المغربي ناصر الزفزافي الذي قاد الحراك الريفي طوال الشهور الماضية، وخصوصا منذ مقتل بائع السمك، محسن فكري، الذي دهسته شاحنة نفايات، فانتفض كثيرون، تنديداً بما حدث له، ومطالبين بضرورة محاسبة المسؤولين عن الجريمة، خصوصا الذين لم ينل بعضهم جزاءه بعد، في حين انتقلت الاحتجاجات إلى مدن أخرى، منها طنجة وفاس والقنيطرة والرباط. وقبل أشهر قليلة، انتفضت بعض مدن الجزائر، احتجاجاً على فرض رسوم وضرائب جديدة، خصوصا في بلديات بجاية والبويرة وتيزي وزو، وكنت قد كتبت عنها في وقتها.
وتحمل الموجة الراهنة من الانتفاضات دلالاتٍ عديدة، أولها أنها انتفاضات عفوية وتلقائية وغير منظمة، وجاءت من مواطنين عاديين، يرزحون تحت وطأة العوز والفقر الاقتصادي والاجتماعي، ويعانون من تهميش الأطراف الحضرية لهم. وثانيها، أنه لا يوجد دور مؤثر للقوى والوسائط السياسية، كالأحزاب والحركات التقليدية، ما يعكس انعداما كاملا للثقة من المواطنين تجاه هذه القوى. وثالثها، أن هذه الانتفاضات والاحتجاجات لا تتم من خلال نشطاء سياسيين أو حركات اجتماعية أو نقابات عمالية، وإنما من خلال مواطنين عاديين، معظمهم من الشباب العاطل من العمل. وأخيراً، هذه الاحتجاجات، وإن رفعت مطالب اقتصادية واجتماعية، سرعان ما تأخذ طابعاً سياسيا، ما يشكل عبئاً كبيراً على الأنظمة الحاكمة التي لا تعرف كيف تتعاطى مع هذه المسائل بقدر من الذكاء والحكمة.
ولعل ما يزيد من تعقيد هذه المشكلات وتعميقها هو التعاطي الرسمي معها، والذي يتراوح ما بين التجاهل والاستخفاف إلى القمع والتخويف والترهيب. وبالتالي، عدم تقديم حلول عملية وحقيقية للمواطنين يمكنها امتصاص غضبهم. ففي تونس، استعان رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، بالجيش من أجل التصدي للاحتجاجات وأنشطة المحتجين، خصوصا فيما يتعلق بالهجوم على المؤسسات العامة، ومحاولة تخريبها، وهو ما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل في مواجهاتٍ بين المعتصمين في صحراء ولاية تطاوين. وفي المغرب، اعتقلت السلطات الزفزافي، وحسب بعض التقارير، فإنه يواجه تهماً ثقيلة، قد تصل إلى حد "التخابر لصالح جهات أجنبية"، وذلك حسبما ذكرت صحيفة "العربي الجديد" في تقرير لها الأربعاء الماضي.
ربما تنجح الحكومات العربية مؤقتا في امتصاص غضب القطاعات المهمشة من الفقراء والفلاحين والعاطلين وغيرهم، بيد أن استمرار هذه المشكلات على حالها من دون وضع حلول جذرية لها، تقوم على مبدأ العدالة الاجتماعية، فستظل "الأطراف" العربية تغلي، وربما تنفجر في وجوه الجميع، ووقتها لن ينفع الندم.