انتشار المليشيات ببغداد:انقلاب على العبادي أم سيطرة على العاصمة؟

بغداد

أحمد الجميلي

avata
أحمد الجميلي
13 يوليو 2016
95064DDD-801C-4337-AC97-435A207893B0
+ الخط -
استفاق العراقيون صباح يوم أمس الثلاثاء في العاصمة العراقية بغداد على أصوات الدبابات والمدرعات والطائرات التي حلقت بكثافة في سماء العاصمة العراقية بغداد، في مشهد يعيد إلى أذهان العراقيين الانقلابات العسكرية التي شهدها العراق عبر تاريخه.

وانتشرت في شوارع بغداد فصائل كبيرة من مليشيات "الحشد الشعبي" ترافقها قوات حكومية من الجيش وجهاز مكافحة "الإرهاب" بكامل تجهيزاتهم العسكرية، بينما تكدست آلاف المركبات على بوابات العاصمة بغداد بعد قيام الأجهزة الأمنية بإغلاق نقاط التفتيش وقطع العديد من الطرق، ما أدى الى إصابة المؤسسات الحكومية بالشلل التام نتيجة عدم تمكن آلاف الموظفين الحكوميين من الوصول لأماكن عملهم.

ما جرى في بغداد يوم أمس وضع العراقيين في حيرة كبيرة وحالة خوف وترقب حول سبب انتشار هذه المليشيات، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام التكهنات والإشاعات التي تداولها العراقيون في مجالسهم الخاصة وفي مواقع التواصل الاجتماعي، هل ما يجري انقلاب عسكري تنفذه مليشيات "الحشد" ضد حكومة العبادي؟، أم أن ما يجري يهدف الى مسك العاصمة بغداد بقبضة من حديد بعد سلسلة التفجيرات الدامية التي ضربت بغداد ومدناً آخرى.

هذه التكهنات دفعت المتحدث الرسمي لقيادة عمليات بغداد العميد سعد معن إلى الإسراع في إصدار بيان يبرر فيه سبب انتشار هذه القوات.

وقال معن في بيان له إنه "تم قطع الشوارع في بغداد وذلك تمهيدا لاستعراض عسكري سيقام في بغداد ولغرض تأمين هذه الممارسة"، وأضاف "تم فتح أغلب شوارع الكرخ والرصافة الآن وبقي فقط شوارع السعدون وساحة التحرير مغلقة"، واللافت في بيان معن أنه لم يحدد بالضبط اليوم الذي سيقام فيه هذا الاستعراض.

وقد رافق انتشار القوات الأمنية ومليشيات "الحشد الشعبي" في شوارع بغداد قيام قوات الأمن بحملة دهم وتفتيش استهدفت عدة مناطق في العاصمة بغداد، وذلك بحسب مصدر أمني في قيادة عمليات بغداد.

وتأتي هذه الأحداث في الوقت الذي تعيش فيه البلاد أوضاعاً سياسية وأمنية خطيرة وتصعيداً طائفياً برز بشكل كبير خلال أحداث معركة الفلوجة وما تلاها من تفجير منطقة الكرادة.

فقد أصبحت معركة الفلوجة وتفجير الكرادة مادة دسمة لجهات سياسية ومليشيات طائفية استغلت هذين الحدثين في تأجيج الروح الطائفية من خلال تصريحات وتهديدات خطيرة أطلقتها قيادات في مليشيات بدر والعصائب وأبي الفضل العباس.

ومارست مليشيات "الحشد" ضغطا كبيرا على الحكومة العراقية لغرض تسلم الملف الأمني في بغداد بحجة عدم قدرة الأجهزة الأمنية على حماية المناطق وتوفير الأمن للمواطنين، مع أن نظام المحاصصة الطائفي والسياسي في العراق وضع كل الأجهزة الأمنية بقبضة شخصيات تنتمي لذات المليشيات مثل وزير الداخلية العراقي المستقيل، محمد الغبان المنتمي لمليشيا بدر، المعروفة بولائها لإيران.

وقد نجحت ضغوط هذه المليشيات في إجبار رئيس الحكومة حيدر العبادي للموافقة على قيام لجان شعبية تابعة لمليشيات بالمشاركة في تأمين عدة مناطق في العاصمة بغداد، وذلك بحسب بيان صحافي صدر من المكتب الإعلامي التابع لرئيس الوزراء.

وكذلك، نجحت تهديدات مليشيات "الحشد" في تنفيذ أحكام الإعدام بحق آلاف المعتقلين العراقيين المتهمين بجرائم "الإرهاب" بإجبار حكومة العبادي على تنفيذ بعض هذه الأحكام، وأيضاً، إجبار رئيس الجمهورية فؤاد معصوم عن التخلي عن حق المصادقة على أحكام الإعدام لصالح وزارة العدل التي تسيطر عليها جهات سياسية تمتلك مليشيات طائفية.

وهو ما اعتبرته منظمات محلية ودولية معنية بحقوق الانسان إذعاناً حكومياً لضغوط مليشيات عرفت بطائفيتها وقيامها بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان خلال المعارك التي شاركت فيها هذه المليشيات في تكريت وبيجي والفلوجة.

وعلى صعيد متصل، أحدثت التداعيات الأمنية التي شهدتها بغداد مؤخراً خلافات كبيرة بين الأحزاب السياسية الحاكمة في العراق، فقد اتهمت جهات وشخصيات سياسية حكومة العبادي بالفشل والتقصير في إدارة شؤون البلاد، خصوصاً الملف الأمني على خلفية التفجيرات والخروقات الأمنية التي عصفت مؤخراً في البلاد.

كما أطاحت تفجيرات بغداد بالعديد من المسؤولين الأمنيين كان آخرهم وزير الداخلية محمد الغبان، ومن قبله قائد عمليات بغداد، والذي أقيل بأمر العبادي، فضلا عن تراشق بالاتهامات بين الكتل السياسية وصلت إلى حد التهديد باستخدام القوة وفرض سياسية الأمر الواقع.

وتشهد شوارع العاصمة انتشارا كثيفا لمليشيات "الحشد"، مستغلة حالة الفوضى الأمنية التي تشهدها البلاد في أعقاب تفجير الكرادة، وفق شهود عيان.

وأضاف الشهود أن "العديد من المليشيات استغلت حالة الغضب الجماهيري وجاءت إلى مكان تفجير الكرادة بأسلحتها وأقامت استعراضات عسكرية تخللتها شعارات طائفية"، وهو ما دفع العبادي إلى انتقاد حالة انتشار السلاح في بغداد واصفاً إياها بـ"الفوضى".

كما طالب أهالي الكرادة وذوو الضحايا الذين قتلوا في انفجار الكرادة بسحب مظاهر السلاح في مناطقهم ورفع الرايات الطائفية التي رفعتها العديد من المليشيات فوق مكان الانفجار، مستنكرين حالة استغلال ما حصل في الكرادة من قبل جهات سياسية ومليشيات طائفية، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده أهالي الكرادة في مكان الانفجار.

وكان آخر الزائرين لمكان انفجار الكرادة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، ليلة أمس، وهو يرتدي بزة عسكرية على رأس موكب كبير من سيارات الدفع الرباعي ويحيط به المئات من عناصر حمايته الخاصة.

الصدر، وصل العاصمة بغداد ليلة أمس الثلاثاء وذلك قبيل موعد التظاهرة الشعبية التي دعا إليها انصاره والمزمع إجراؤها يوم الجمعة المقبلة، حيث دعا أنصاره للخروج بتظاهرة واصفاً إياها بـ"المهيبة لإزالة الفساد والظلم، وإقالة المسؤولين الفاسدين"، وسط بغداد.

ومن جانبه، طالب مجلس الوزراء العراقي، الصدر، يوم أمس، بتأجيل التظاهرة التي دعا إليها يوم الجمعة المقبلة، معتبرا أن التظاهر في هذا الوقت سيجلب الفوضى للبلاد ويخدم أهداف "الإرهاب" في الوقت الذي تنشغل فيه القوات الأمنية بقتال تنظيم "داعش".

وكان زعيم التيار الصدري قد أصدر بياناً، دعا فيه المتظاهرين إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية وعدم ارتداء الملابس العسكرية خلال التظاهرة، مطالباً في الوقت ذاته الأجهزة الأمنية بحماية المتظاهرين، بينما أصدر الصدر أوامر لمليشيا "سرايا السلام" التابعة له تقضي بالتهيؤ لما وصفها بالحالات الطارئة التي قد تحدث في بغداد.

وقد اعتبر مراقبون للشأن العراقي أن "تصريحات الصدر تحمل الكثير من المؤشرات التي تدل على أن مقتدى الصدر يتهيأ لصدامات كبيرة قد تصل إلى حد استخدام السلاح مع خصومه السياسيين مثل نوري المالكي الذي يملك علاقات وثيقة وتحالفات مع العديد من المليشيات المنافسة للتيار الصدري في العراق كمليشيا العصائب المنشقة عن التيار الصدري ومليشيا الخرساني وغيرها".

 وكانت منظمات محلية ودولية قد حذرت الحكومة العراقية من العودة إلى الاقتتال الطائفي على خلفية الأحداث الأمنية التي شهدتها البلاد مؤخراً، والتي تنذر بعودة البلاد إلى حالة الاقتتال الطائفي التي شهدها العراق في عام 2006 عقب تفجير المراقد في سامراء، والتي أدت إلى مقتل آلاف العراقيين بسبب انتمائهم الطائفي.

ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة

سياسة

تطابقت شهادة العراقي طالب المجلي لـ"العربي الجديد" مع ما حمله تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، نشر اليوم الاثنين، بخصوص صنوف التعذيب والقتل التي تعرض لها سجناء عراقيون من أمثاله في سجن أبو غريب سيئ الصيت قبل نحو 20 عاماً.
الصورة
اقتحام السفارة السويدية في بغداد (تويتر)

سياسة

ردد المتظاهرون شعارات تندد بالسويد وحكومتها، وتؤيد زعيم التيار مقتدى الصدر، وطالبوا الحكومة العراقية بطرد السفيرة السويدية من بغداد.
الصورة
سلوان موميكا (Getty)

سياسة

أصدر مجلس القضاء الأعلى في العراق، اليوم الخميس، مذكرة إلقاء قبض بحق مواطنه اللاجئ في السويد سلوان صباح متي موميكا، الذي أقدم الأسبوع الماضي على حرق نسخة من المصحف الشريف أمام مسجد في العاصمة السويدية استوكهولم.