انتخبوا الرئيس المعيَّن

01 مايو 2014
+ الخط -
موسم انتخابات رئاسية يلفّ المنطقة، من الجزائر إلى مصر إلى سوريا ولبنان، وأيضاً في العراق. باستثناء لبنان والعراق، كل الرؤساء أصبحوا كذلك، قبل أن تبدأ الانتخابات. عبد العزيز بوتفليقة كان واضحاً أنه الرئيس قبل بدء التصويت، وكذلك عبد الفتاح السيسي الذي كان واضحاً أنه الرئيس، وبالتأكيد بشار الأسد. فالديموقراطية هي أن يُعيَّن الرئيس قبل أن يُنتخب. فالتصويت "من مستلزمات العملية الديموقراطية"، لكنها مُستلزَمٌ من أجل "الشرعية" فقط.
بوتفليقة يصوّت، ويدلي بالقَسَم الرئاسي وهو على كرسي متحرك، وغير قادر على الكلام. لكن، كان يجب أن يكون هو الرئيس، لماذا؟ ليس من سببٍ ممكنٍ إلا الصراعات في إطار المؤسسة، ربما ليس هناك مَن يلمّ تفكّك السلطة إلا شخص بتاريخيته. وربما أن المافيا الحاكمة تريد رئيساً مهلهلاً، لا يستطيع الحكم كواجهة لحكمها. وربما، أيضاً، أنه يمسك بكلية السلطة "من قبره". وضع الجزائر الاقتصادي ليس سيئاً، فقد عمل بوتفليقة منذ التحرك الذي حدث، بُعيد الثورة التونسية، على لمّ مشكلة البطالة والفقر من "الرصيد الضخم" الذي كانت تملكه الدولة الجزائرية كوفرة من عائدات النفط. وبهذا، تجاوز (مؤقتاً) الثورة، وربما هذا يُحسب له. لهذا، كان يجب أن يبقى رئيساً متحركاً.
في سوريا، يريد بشار الأسد أن يستمر، لكي يكمل ما بدأ، فقد دمّر مدناً وقرى، وهجّر أكثر من ثلث الشعب، وقتل مئات الآلاف، وسجن مئات الآلاف. فقد السيطرة على جزء كبير من سوريا، وهو يدمره عبر الصواريخ والطائرات والبراميل المتفجرة، ويُخضع المناطق الأخرى لسيطرة أمنية شديدة العنف. والسؤال: أين ستجري الانتخابات في غير المناطق المُخضعة لسيطرة أمنية؟ طبعاً من الأساس ينطلق من أن السلطة وراثة، بالتالي هو الرئيس المستمر.
نوري المالكي كذلك يريد استمرار سيطرته، بعدما صادر الدولة، ونهب النفط، وبات يحكم بدعم من النظام الإيراني مطلق. يقاتل غرب العراق باسم مقاومة الإرهاب، ومن منظور طائفي. ويقطع مع الأكراد الذين يحكمون الشمال. وفكّك "الطائفة" (الشيعة) التي يحكم باسمها، على الرغم من أنه "دولة الحق والقانون" (طبعاً الحق الإلهي والقانون الطائفي)، فباتت تنهض ضده، وفقد "حلفاءه"، وربما يراهن على ضغط إيراني لِلَمِّهِم خلفه من جديد.
في لبنان، ننتظر التوافق الدولي على رئيس توافقي. ولا شك في أن تغيّر العلاقات بين القوى الإقليمية يلعب دوراً في تحديد الرئيس "العتيد". وهنا، كل الأنظار تتجه إلى الحوار السعودي ـ الإيراني، والذي يبدو أنه الذي سيعيّن الرئيس، بعدما اندفع الوضع اللبناني نحو التفجُّر، نتيجة مشاركة حزب الله في الصراع ضد الشعب السوري.
شكل هزلي يبدو واضحاً، وهو يعبّر عن واقع النُظُم ذاتها، خصوصاً بعد انفجار الثورات العربية التي كانت مؤشراً لهشاشة هذه النُظُم، وتعفُّن الطبقة الرأسمالية المسيطرة. بالتالي، فإن خلف هذا الشكل الهزلي لانتخابات الرئاسة، وللرؤساء، مصالح قوى، يبدو أنها باتت لا تستقيم إلا برئاسةٍ من هذا النمط. لكن، جميل أن يكون هؤلاء في السلطة، بوضعهم هذا، في لحظة الثورات، بدئها واستمرارها. فقد باتت الشعوب في مواجهة طبقاتٍ حاكمة، ونُظُمٍ رثّة، على الرغم من كل العنف الذي تحاول إظهاره.