انتخابات لا تُحدث فرقاً

27 فبراير 2018
أخطأ سعد الحريري في تحديد سعر ربطة الخبز(حسين بيضون)
+ الخط -
فلندع البرامج الانتخابية جانباً. ولننس أن الشعب اللبناني يُعاني من أزمات معيشية كبيرة. وأن يوميات المواطنين مُرتبطة بساعات التقنين الكهربائي، وبمواعيد الأزمات المرورية، وبمواعيد التحركات المطلبية شبه اليومية لمُختلف العاملين في القطاعين العام والخاص. ولننس أن "الديمقراطية التوافقية" التي حكمت لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990 وحتى اليوم، قسّمت مسؤولية هذه الأزمات على كُل القوى السياسية الكبرى. علينا أن ننسى كل ذلك لأن التصريحات السياسية التي تسبق الانتخابات تُريد أصوات الناخبين دون تقديم أي مشاريع حلول للأزمات. يكفي المواطنين أن يُصوتوا لمن "يحمي المقاومة" أو "لابن الشهيد" أو لمن يُريد "تكسير رأس" الخصم. ليس مُهماً أن ينتهي عصر التقنين الكهربائي في لبنان، أو أن تحد سياسة اقتصادية واضحة من سطوة المصارف على المال الخاص والعام. المُهمّ أن يُصدّق المواطنون أن البرامج الانتخابية غير مُهمة، وأن الأساس هو في "المشاريع السياسية" الضخمة التي تحمل الأحزاب همّها وتُقاتل من أجلها وتبذل دماء مُحازبيها فداء لها.

وليس أوضح من تصريح نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، لشرح نظرة القوى الحزبية إلى المواطنين. دعا قاسم خلال لقاء انتخابي المواطنين إلى اختصار الوقت وكلفة العلاج من تبعات الزعل والعصبية، والتصويت مباشرة لمرشحي الحزب.
المُقاطعة لن تُصلح البنى التحتية بحسب قاسم. يتحدث الرجل وكأن عقود التصويت القائم على شد العصب الطائفي منحت المواطنين في مناطق انتشار "حزب الله" حياة مُرفهّة! لم يكن هذا التصريح الفجّ الأول لنعيم قاسم، ولكن جيوش المُحازبين كانت وبقيت جاهزة لتبرير المواقف. لم يجد هؤلاء حرجاً من نشر فيديو لرجل مُسن يُخاطب الأمين العام للحزب حسن نصر الله، ويعده بالتصويت "لقاتل ابنه في حال رشّحه الحزب ضمن قوائمه". يُدرك هؤلاء جيّدا أن حُرمة الدم كافية لتعطيل أي نقاش، وأن رفع لواء "التضحية" و"حماية جمهور المقاومة" كافيان أيضاً لإسكات أي أصوات مطلبية مُحقّة. هكذا يتحوّل كُل مُعارض إلى عدوّ. تماما كما حدث عندما أخطأ رئيس الحكومة سعد الحريري في تحديد سعر ربطة الخبز، رغم أن الحكومة هي المسؤولة عن تسعير "لقمة العيش". اختار هؤلاء مديح "الجانب الإنساني" الذي أظهره الحريري خلال مقابلة مع تلاميذ مدرسة، وهاجموا كل من انتقد عدم دراية الرجل. فقط لأنه "مهضوم". وكأن الهضامة أو الفجاجة تبني وطناً!

المساهمون