انتخابات الكونغرس: أوباما "الخاسر" ينوي التصرّف كفائز

07 نوفمبر 2014
أعلن أوباما أنه سيعتمد "الأوامر التنفيذية الرئاسية" (مارك ويلسون/Getty)
+ الخط -

على الرغم من سيطرة اللون الأحمر التابع للحزب الجمهوري على معظم الولايات الأميركية الـ50، وتعزيز أغلبيته في مجلس النواب، وخسارة الحزب الديمقراطي وعلى رأسه الرئيس الأميركي باراك أوباما، الأغلبية في مجلس الشيوخ، إلا أن أوباما ظهر يوم الأربعاء، إلى جانب رئيس الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، مصمماً على أنه سيمضي قدماً في سياساته، ملّوحاً بأنه سيلجأ للأوامر التنفيذية الرئاسية، لإنجاز ما لا يُمكن إنجازه بالتفاهم مع الكونغرس.

وقد تكون أولى قرارات أوباما، بعد الانتخابات النصفية في الكونغرس، التي قد يصدرها قبل نهاية العام الحالي، مرسوم رئاسي تنفيذي، يقضي بالعفو عن عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين، ومنحهم الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة. ويُعارض الجمهوريون هذا القرار، ولكنهم لا يستطيعون إيقاف القرارات التنفيذية، التي لا يُخضعها الرئيس لتصويت الكونغرس. ويعتبر عدد من المشرّعين بعض القرارات التنفيذية بأنها تمثل تجاوزاً للكونغرس، أو مخالفة للدستور، ويطالبون بمحاكمة الرئيس بسبب هذا التجاوز المزعوم.

ووفقاً لما ورد من تصريحات على لسان أوباما، فإنه لا يعتبر رسالة الناخبين موجّهة إليه، بل إنها رسالة لكل من في واشنطن، بمن في ذلك أعضاء حزبه في مجلسي الكونغرس، في حين أن الخاسرين من أعضاء حزبه يحمّلونه مسؤولية الفشل الذي حققه. وأكدوا أن "الناخبين يحكمون على سياسات الرئيس ويحاكمون الحزب الذي يتبعه الرئيس".

ويبدو أن "الصدمة كانت مؤثرة على أوباما، ولذلك ظهر معانداً، لكنه لم يستطع اخفاء معالم الصدمة على محياه. وقد لا يكون أوباما مصدوماً من التأثير المباشر لنتائج الانتخابات على هامش حركته في السنتين المتبقيتين من عهده، ولكنه على ما يبدو محبط من فشل تنبؤاته لحزبه، إذ إن أوباما وكثيرا من راسمي استراتيجية الحزب الديمقراطي، كانوا يراهنون على أن تؤدي الفجوة بين جيل الشباب وجيل الكبار إلى ترجيح الكفة لصالح الديمقراطيين.

مع العلم أن الزيادة السكانية تقدم كل سنتين ناخبين جددا من الشباب، "يفترض" أن يصوتوا لصالح الحزب الديمقراطي وتزيح أعداداً كبيرة من كبار السن، نسبة كبيرة منهم من الجمهوريين، تحت عامل الوفاة، لكن نتيجة الانتخابات النصفية، على الرغم من أنها كانت متوقعة، كانت صادمة أيضاً.

ومن التغييرات في الانتخابات الأخيرة، أن المستقلّين أو المنتمين لجهة ثالثة، غير الحزبين المعروفين، باتوا رقماً مهماً بين الناخبين والمرشحين وأيضاً. وجاء صعود "حركة الشاي" لصالح الحزب الجمهوري، لأن الحركة محسوبة عليه بحكم كونها يمينية، وتناصر مبدأ "السلطة المحدودة للحكومة" وتؤيد خفض الإنفاق الحكومي.

ولم تخلق الحركة انقساماً داخل الحزب الجمهوري، كما كان متوقعاً بل عززت موقف الحزب في كثير من المناطق التي قرّر الحزب ألا ينافس مرشحيها الأقوياء. وتُعتبر نتائج الانتخابات النصفية بمثابة استفتاء عام حول سياسات الرئيس الحالي، ولكن هذا التفسير الضيّق يُمكن أن ينتقص من أهميتها الحقيقية، وفقاً لما تقوله مصادر الحكومة الأميركية.

فمن نتائج الانتخابات المنصرمة، أن هيمنة الحزب الجمهوري على مجلس النواب تعززت أكثر، ولهذا فقد أصبح الجمهوريون أكثر قدرة على صياغة التشريعات وتحديد النفقات الحكومية، والإشراف على أنشطة السلطة التنفيذية. وجرى التنافس في هذه الانتخابات على جميع المقاعد الـ 435 في مجلس النواب، وفاز الحزب الجمهوري بما يزيد على 56 في المائة من تلك المقاعد، وهو ما لم يتسنّ له ذلك منذ 60 عاماً.

وبصورة متزامنة، تم انتخاب نحو ثلث عدد أعضاء مجلس الشيوخ، وفاز الحزب الجمهوري بمقاعد أهّلته لرفع نسبته في المجلس إلى 52 في المائة، وأصبح بمقدور الجمهوريين أن يعززوا حضورهم في معظم اللجان التابعة لمجلس الشيوخ ويسببوا للسلطة التنفيذية صداعاً حاداً، خصوصاً في لجان الاستخبارات والقوات المسلحة والسياسة الخارجية.

وبما أن الحزب الفائز لا يحكم، وانما يراقب، فإن هذا الوضع قد يفرض على الطرفين التوصل إلى تسويات أكبر لتذليل المآزق السياسية، وفقاً لما يقوله خبراء السياسية الأميركية. ويبدو أن الأميركيين يميلون إلى انتخاب أعضاء في الكونغرس من الحزب الذي لا يحكم في البيت الأبيض، من أجل إحكام الرقابة والتوازن، ربما بسبب ارتيابهم من منح سلطات واسعة أكثر مما يلزم للحكومة الفدرالية.

ووفقاً لموقع الخارجية الأميركية على الإنترنت، فإنه منذ عام 1968، لم يسيطر نفس الحزب على السلطتين التنفيذية والتشريعية، إلا في عهد الرئيس جيمي كارتر (1976 ـ 1980) وفي أول سنتين من حكومة الرئيس بيل كلينتون (1992 ـ 2000).

ومن بين 50 ولاية أميركية، خضعت مناصب حكام الولايات في 36 ولاية للمنافسة، وانتهت النتائج بأن تجاوزت عدد الولايات الحمراء أو التي يحكمها حمر من الحزب الجمهوري، إلى 32 ولاية، في حين تقلّص عدد الولايات التي يحكمها الديمقراطيون إلى 17 ولاية فقط.

وفي ولاية ميتشغن ذات الكثافة السكانية العربية، أُعيد انتخاب حاكمها الجمهوري ريك سنايدر، لفترة ثانية. وساعد المرشح الجمهوري على النجاح تركيزه على الاقتصاد، ووقوفه إلى جانب مدينة ديترويت عند إعلان إفلاسها. ويتأثر سكان المناطق المجاورة لديترويت، وبينهم نسبة عالية من العرب الأميركيين بوضعها الاقتصادي ويؤثرون في الانتخابات المحلية، وانتخابات حاكم الولاية، وإن كان تأثيرهم أقلّ على المستوى الفدرالي أو انتخابات الرئاسة.

ومقارنة مع عدد مسؤولي الولايات والحكومات المحلية، فإن انتخابات الكونغرس لا تُشكّل سوى نسبة ضئيلة من العدد الإجمالي للمناصب المُنتخبة التي يختارها الناخبون الأميركيون في انتخابات منتصف الولاية. وعلى مستوى الولايات، اختار الناخبون، المسؤولين الحكوميين المحليين، مثل المسؤولين التنفيذيين في المقاطعات، ورؤساء البلديات، وأعضاء المجالس البلدية في المدن.

واختاروا أيضاً العديد من المناطق القضائية، المدّعين العامين وأمناء الصناديق ومراقبي الحسابات وحتى القضاة. وتفيد مصادر الحكومة الفدرالية أن الفائزين في السباقات المحلية، لهم تأثير أقوى على الحياة اليومية لناخبيهم، خلال فترات ولايتهم؛ ويعمل العديد منهم برواتب ضئيلة أو حتى بدون راتب.

وقد أسفرت الانتخابات المحلية في ولاية تكساس عن فوز شاب صاعد من أحفاد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب، هو جورج بي بوش (38 عاماً)، أو كما يطلق عليه البعض جورج بوش الثالث، بمنصب "مفوّض أراضي ولاية تكساس" الغنية بالنفط والغاز.

جورج بوش الثالث هو نجل حاكم فلوريدا السابق، جيب، شقيق الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن. ويُعدّ جيب مرشحاً بارزاً للعام 2016، وفي حال فشله، فإن أسرة بوش على ما يبدو، قد بدأت تعدّ البديل لمرحلة مقبلة لتنافس به على الرئاسة مستقبلاً، ولن يكون الطامح المحتمل لمنصب الرئاسة سوى جورج بوش الحفيد.