انتخابات العريش: ضعف الإقبال رغم شراء الأصوات

21 ديسمبر 2018
ظلّت نسب الاقتراع منخفضة (خالد الدسوقي/فرانس برس)
+ الخط -



لم تشهد مراكز الاقتراع في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، يومي الأربعاء الماضي وأمس الخميس، إقبالاً من الناخبين، للمشاركة في اختيار النائب الذي سيشغل المقعد الشاغر في مجلس النواب المصري عقب وفاة النائب حسام الرفاعي، في 16 سبتمبر/أيلول الماضي، فيما يتسابق تسعة مرشحين على حجز المقعد، بينهم مرشحان اثنان ينتميان إلى أحزاب سياسية، وسبعة مستقلين، في ظل استبعاد الأمن المصري أربعة مرشحين في بداية مرحلة الترشح للانتخابات.

وبدأت عملية الاقتراع الأربعاء واستمرت حتى مساء أمس الخميس، من دون وجود إقبال من المواطنين، على الرغم من كل الحملات الانتخابية التي قام بها المرشحون على مستوى مدينة العريش، تخللتها لقاءات مع المواطنين، ودعايات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والمشاركة في المناسبات الاجتماعية للعائلات، بهدف ضمان الحصول على أصواتهم. كما أن بعض الحملات الانتخابية للمرشحين دفعت أموالاً للناخبين من أجل القدوم إلى مراكز الاقتراع والتصويت لمرشحهم، وكذلك تم توفير سيارات لنقل المواطنين من منازلهم باتجاه المراكز الانتخابية.

وعلى مدار يومَي الانتخابات، تفقد محافظ شمال سيناء اللواء محمد شوشة، والقيادات الأمنية مراكز الاقتراع التي كان من المقرر أن يؤمها آلاف المواطنين على مدار اليومين، إلا أن ذلك لم يحصل. وقال شوشة إنه "جرى اتخاذ كافة الإجراءات الأمنية والإدارية اللازمة لإتمام العملية الانتخابية بصورة ناجحة، ومع ذلك لم يكن الإقبال بحجم التجهيزات التي جرى تطبيقها على أرض الواقع، سواء بالاستنفار الأمني، أو تشكيل غرفة عمليات للانتخابات من قبل محافظة شمال سيناء، بهدف إحكام المتابعة والسيطرة على العملية الانتخابية".

وفي التفاصيل، أفاد مصدر حكومي "العربي الجديد" بأن "الانتخابات أُجريَت في 16 مركزاً انتخابياً تضمّ 37 لجنة فرعية على مستوى الدائرة الأولى بالعريش، وعدد الناخبين المقيدين في جداول الانتخابات على مستوى أقسام العريش الأربعة يبلغ 115 ألفاً و383 ناخباً، من بينهم 32 ألفاً و238 ناخباً بقسم أول العريش، و43 ألفاً و287 ناخباً بقسم شرطة ثاني العريش، و24 ألفاً و942 ناخباً بقسم شرطة ثالث العريش، و14 ألفاً و916 ناخباً بقسم شرطة رابع العريش".

وأضاف أن "الإقبال كان دون المتوقع، بحسب المرشحين والمواطنين في العريش، خصوصاً في اليوم الأول، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركة 5 في المائة من أعداد الناخبين، فيما استكملت في اليوم الثاني بنسبة مشاركة مشابهة لليوم الأول، على الرغم من محاولات المرشحين استدراك ما حصل في اليوم الأول، من خلال توجيه العاملين في حملاتهم الانتخابية لدفع المواطنين إلى الحضور، سواء بدفع مبالغ مالية تراوحت بين 50 جنيهاً (2.7 دولار) إلى 100 جنيه (5.6 دولارات)، أو من خلال توفير مواصلات للمواطنين لنقلهم من مناطق سكناهم نحو المراكز الانتخابية. ومع ذلك، لم تكن نسبة المشاركة بالحد الأدنى المتوقع، إذ فضل عشرات آلاف المواطنين عدم المشاركة في الانتخابات".

ومن الواجب ذكر أنه جرى استبعاد أربعة مرشحين من قبل اللجنة العليا للانتخابات بناءً على توصية من الجهات الأمنية المصرية، بشكل يعيد للذاكرة تدخل الجهات الأمنية في الانتخابات المصرية في السنوات الماضية خصوصاً في محافظة شمال سيناء، لما لها من خصوصية دوناً عن بقية محافظات مصر. وهذا من الأسباب التي تضاف إلى رفض المواطنين المشاركة في الانتخابات؛ باعتبارها صورة غير معبرة عن رأي المواطنين، واختيارهم النائب الذي سيكون مدافعاً عن حقوقهم أمام مجلس النواب الموالي للنظام.



والمرشحون المتنافسون على المقعد البرلماني هم المستقلون: حسن الحلواني وممدوح أيوب وأمين جودة وعادل محسن وعلاء الدين محمد ومحمد السيد علي وأحمد سعد يعقوب، وجمال البنديرى، عن حزب حماة الوطن، وأحمد العايق المطري، عن حزب مصر المستقبل. وجرى استبعاد كل من حسام شاهين منسي وعماد البلك وشريف عرفات الكاشف وأسامة كامل الكاشف.

ويعود استبعاد الأمن عدداً من المرشحين من سباق الانتخابات إلى أن سيناء تمثل موقعاً حساساً بالنسبة إلى النظام المصري، إذ يتخوّف من طبيعة شخصيات المحافظة، نظراً إلى نمط العلاقة السائد بين النظام وسيناء على مدار السنوات الماضية، وعدم رغبة النظام في قدوم شخصيات ذات تأثير شعبي بين المواطنين كالذين جرى استبعادهم من سباق الانتخابات. وبحسب وجهة نظر النظام المصري، فإن لذلك تأثيراً على مستقبل الأوضاع في سيناء، تحديداً لجهة إمكانية دعوة المواطنين لرفض أي قرار صادر عن النظام في المحافظة، أو رفض أي إجراء أمني يجري اتخاذه في المنطقة. كما جرى في مرات سابقة عدة على مدار السنوات الخمس الماضية.

وعن أسباب عدم مشاركة المواطنين في الانتخابات التكميلية، يقول أحد وجهاء مدينة العريش لـ"العربي الجديد" إن "حالة الاستبعاد للمرشحين بهذا الشكل المعيب، كانت دافعاً لآلاف المواطنين لعدم المشاركة في الانتخابات، لرفضهم تدخل الأمن في كل شؤون حياتهم بما فيها حرية الترشح والانتخاب. كما أن بعض المواطنين يرون في مقعد مجلس النواب أمراً شكلياً لا فائدة منه، ولا رجاء من أي نائب في سيناء بأن يغير الوضع المأساوي الذي وصلت إليه محافظة شمال سيناء في السنوات الأخيرة، حتى في أعقاب انتخاب مجلس النواب الحالي، فيما يغيب نواب سيناء عن القرارات العسكرية التي تصدر بحق سكان المحافظة، ويحاولون الظهور في حل بعض المشاكل الفرعية التي تخص جزءاً بسيطاً من المواطنين".

ويضيف أن "حالة استدعاء القبيلة في الانتخابات الحالية كانت ظاهرة من قبل بعض المرشحين أبناء القبائل الكبرى في العريش، إذ تم استنفار العائلات تحت حجة دعم ابن القبيلة في مواجهة بقية المرشحين، إلا أن هذه المحاولة الجادة باءت بالفشل في ظل عدم قبول كل العائلات بالشخصية المرشحة في القبيلة، وعدم الاهتمام المسبق من القبيلة أو المرشح بأبناء العائلات، إلا في وقف الحاجة، في ظل حالة الوعي المتنامي في صفوف أبناء العائلات، بضرورة أن يتم ترشيح من يعبّر عن مواقفهم، ويهتم بهم في كل الأوقات وليس في وقت الحاجة فقط المتمثلة في الوقت الحالي في الانتخابات التكميلية".


وضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بتفاعل النشطاء السيناويين مع الانتخابات منذ بداياتها وحتى الوصول إلى نهاية أيام الاقتراع، سواء بدعم بعض المرشحين، أو رفض استدعاء القبيلة من قبل بعض المرشحين، بالإضافة إلى الكشف عن حالة عدم المشاركة من قبل المواطنين في الانتخابات بصورة لافتة خلال يومي الاقتراع، ما تسبّب بانتكاسة للمرشحين، وللجهات الحكومية التي اعتقدت بأن يتجه المواطنون للانتخابات، وإعادة التذكير بالأوضاع الإنسانية الصعبة في سيناء وانعكاسها على اهتمام المواطنين بالانتخابات أو غيرها من النشاطات الحكومية.



المساهمون