انتخابات الشيوخ المصري: مجلس بنكهة عسكرية

31 يوليو 2020
أعادت الانتخابات الجدل داخل الأجهزة الأمنية (Getty)
+ الخط -

يحيط جدلٌ واسع بأول انتخابات لمجلس الشيوخ المصري التي تنطلق أولى مراحلها في 11 أغسطس/ آب المقبل، تحت ظلال السيطرة المطلقة لجهازي المخابرات العامة والأمن الوطني على تشكيل المجلس الجديد. فمع بداية انطلاق مرحلة الدعاية الانتخابية بدت واضحة سيطرة العسكريين على الترشيحات الفردية، بخلاف عدد آخر منهم على القائمة الوحيدة التي تخوض سباقاً فردياً. وللمرة الأولى تغزو شوارع العاصمة القاهرة وعدد من المحافظات، منها الجيزة، صور للمرشحين بالزي العسكري، وتسبق أسماءهم رتبتهم العسكرية، في سابقة لم تحدث في الانتخابات، وذلك على الرغم من صدور قانون يُلزم العسكريين، سواء الحاليين أو السابقين، بالحصول على تصريح مسبق من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لخوض أيٍّ من الاستحقاقات الانتخابية بدءاً من المحليات وحتى انتخابات رئاسة الجمهورية.


برزت عشرات الأسماء التي عجّت بها القوائم لعسكريين وضباط شرطة سابقين

وتجري انتخابات مجلس الشورى بصورته الجديدة على 200 مقعد، منهم 100 بنظام القائمة المغلقة، و100 مقعد آخر للفردي، فيما يعين رئيس الجمهورية 100 عضو آخرين، وسط توقعات لمراقبين بأن يكون مجلساً عسكرياً بامتياز بعد إضافة الأعضاء الذين سيعينهم رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، وسط الحديث عن تعيين عدد من قيادات المجلس العسكري السابق، وقادة أفرع وإدارات سابقين بالقوات المسلحة.

وازدحمت قوائم المرشحين، سواء على القائمة أو الفردي، بالعسكريين الذين جاء في مقدمتهم قائد القوات الجوية السابق الفريق يونس المصري، كما شملت العميد السابق بالقوات البحرية عبد الرافع درويش، واللواء وجدي أبو زيد، والعميد بهاء الدين سيف النصر، والعميد إيهاب مرقس خليل، وعميد الكلية الفنية العسكرية سعيد محمد سليم، والعميد علاء الدين صبحي، الذي يخوض المنافسة بمحافظة الجيزة، وسامح محمد صلاح الدين، وهو صاحب شركة للمهمات العسكرية والتوريدات الحكومية، وممثل حزب "مستقبل وطن"، الذي يشرف على إدارته جهاز المخابرات العامة، بالإضافة إلى العميد مهندس محمد إبراهيم الجندي، والعقيد عبد الله أحمد القدح، والعميد محمد جلال عبد الغني، والعميد مهندس بالقوات الجوية محمد علي حمزة، واللواء عبد الإله الطوي.

كما برزت عشرات الأسماء الأخرى، التي عجّت بها القوائم لعسكريين وضباط شرطة سابقين، فيما بدا أنها "كوتا" متفق عليها مسبقاً. وظهرت العديد من الأسماء لقيادات أمنية تابعة لوزارة الداخلية، بالتنسيق مع جهاز الأمن الوطني الذي عاد لإدارة المشهد مجدداً ضمن اتفاقٍ أعقب دوره في السيطرة على تظاهرات 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، دعا إليها المقاول محمد علي، وكادت أن تطيح بالسيسي وقتها. وعلى الرغم من أن العديد من الأسماء هي لعسكريين أُحيلوا للتقاعد، إلا أنهم صدّروا صورهم بالزي العسكري على لوحات الدعاية الانتخابية الخاصة بهم.

وأعادت الانتخابات المرتقبة الجدل داخل الأجهزة الأمنية والسيادية التي تدير الإعلام والحياة السياسية، وذلك في ظل حالة المنافسة بين جهازي الأمن الوطني والمخابرات العامة، بعدما خالف الأخير اتفاقاً مسبقاً بتولي الأمن الوطني للملف. فعاد محمود السيسي، نجل الرئيس والقيادي البارز بجهاز المخابرات العامة، لتولّي الإشراف على هندسة قوائم المرشحين والترتيبات الخاصة بالعملية الانتخابية للمجلس الجديد، بعد فترة من الاختفاء أعقبت حالة الغضب التي أثارها نفوذ السيسي الابن في نهاية عام 2019.


عاد جهاز الأمن الوطني لإدارة المشهد بعد تظاهرات 20 سبتمبر الماضي

يذكر أن مجلس النواب المصري أقرّ، في 6 يوليو/ تموز الحالي، تعديلات تشريعية تقضي بعدم السماح لضباط الجيش العاملين أو المتقاعدين بالترشح للرئاسة أو لعضوية البرلمان إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وقضى التشريع الجديد بعدم جواز ترشح الضباط، سواء الموجودين بالخدمة أو من انتهت خدمتهم بالقوات المسلحة، لانتخابات رئاسة الجمهورية أو المجالس النيابية أو المحلية إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يأتي على قمته السيسي. وتضمّن التشريع الجديد فرض ضوابط على عناصر الجيش، بعد انتهاء خدمتهم بشأن إفشاء المعلومات التي اتصل علمهم بها أثناء الخدمة.

وكانت السلطات المصرية قد ألقت القبض على رئيس الأركان الأسبق سامي عنان، عقب إعلانه نيته الترشح لرئاسة الجمهورية قبل الانتخابات الرئاسية عام 2018، قبل أن يتم الإفراج عنه ووضعه رهن الإقامة الجبرية بمنزله في عام 2019 بعدما أمضى نحو عامين في السجن. وفي 19 ديسمبر/ كانون الأول 2017، قضت محكمة عسكرية بحبس ضابط في الجيش ست سنوات لإعلانه عبر مواقع التواصل الاجتماعي اعتزامه على خوض انتخابات الرئاسة.