اليونان تدافع والأميركيون يعانون

01 يونيو 2015
حكومة اليونان ترفض توجيهات خطط التقشف (لويزة غلويامكي/فرانس برس)
+ الخط -
* كتب الحائز على نوبل في الاقتصاد، بول كروغمان، مقالة في "نيويورك تايمز"، يوم الجمعة الماضي، بعنوان: "الأميركيون غير الآمنين"، وقال فيها:
لا تزال أميركا، على الرغم من الضرر الناجم عن الكساد العظيم وتداعياته، تعتبر بلداً غنياً جداً في الواقع. ولكن العديد من الأميركيين غير آمنين اقتصادياً، يعيشون مع القليل من الحماية من مخاطر الحياة. كثيرون يواجهون ضائقة مالية. الكثيرون لا يتوقعون أنهم قادرون على التقاعد. العديد من القراء لن يعثروا على شيء يثير الدهشة في ما قلته للتو. ولكن الكثير من الأميركيين الأثرياء، وعلى وجه الخصوص أعضاء من النخبة السياسية لدينا، يبدو أنهم لا توجد لديهم فكرة عن كيفية عيش النصف الآخر.

أنا لا أتحدث فقط عن الازدراء اليميني للفقراء، إذ وفق مركز بيو للأبحاث، أكثر من ثلاثة أرباع المحافظين يعتقدون أن الفقراء حياتهم أسهل بفضل الإعانات التي تقدمها الحكومة. 1 فقط من أصل 7 يعتقدون أن الفقراء "لديهم حياة صعبة". وهذا الموقف يترجم في السياسات.

نحن نعلم، على سبيل المثال، أن 3 من كل 10 أميركيين قالوا إنهم ليس لديهم مدخرات للتقاعد، وأن النسبة نفسها ذكرت أنها لم تتلق أي رعاية طبية العام الماضي لأنها لا تستطيع تحمّل ذلك. والمذهل أكثر أن 47% قالوا إنهم لا يملكون الموارد اللازمة لمواجهة نفقات غير متوقعة من 400 دولار، وسيكونون مضطرين لبيع شيء أو الاقتراض لتلبية هذه الحاجة.

بطبيعة الحال، فإن الواقع يمكن أن يكون أسوأ من ذلك بكثير، فالتأمين ضد البطالة وقسائم الطعام فعلت الكثير للتخفيف على الأسر سيئة الحظ، ومشروع التأمين الصحي، المنقوص، خفض بشكل كبير انعدام الأمن، وخاصة في الولايات التي لم تتعرض لتخريب في البرنامج الصحي... ولكن رغم أن الأمور يمكن أن تكون أسوأ من ذلك، فإنها يمكن أيضاً أن تكون أفضل. لا يوجد شيء اسمه تأمينات مثالية، ولكن العائلات الأميركية يمكن أن تحصل على الأمن المعيشي بسهولة أكثر، حين يتم التوقف عن الحديث بكل سرور عن الحاجة إلى قطع "الاستحقاقات"، ويتم النظر إلى حال من هم أقل حظاً.

اقرأ أيضا: الاقتصاد العالمي مهدد.. واتفاقيات التجارة ليست حرة

* كتب وزير المالية اليوناني، يانيس فاروفاكيس، مقالة تحت عنوان "التقشف هو المقوّض الوحيد للصفقة"، في موقع "بروجيكت سانديكايت"، وقال فيها:
هناك مغالطة شائعة تهيمن على تغطية وسائل الإعلام العالمية للمفاوضات بين الحكومة اليونانية ودائنيها. وهذه المغالطة، التي تجسدت في تعليق صادر أخيراً عن فيليب سيتفنز من صحيفة فاينانشال تايمز، هي أن "أثينا غير قادرة أو غير راغبة أو الأمرين معاً، في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي". وبمجرد عرض هذه المغالطة باعتبارها حقيقة، فمن الطبيعي أن تسلّط التغطية الإعلامية الضوء على "الكيفية التي تهدر بها حكومتنا الثقة وحسن النوايا من جانب شركائها في منطقة اليورو"، على حد تعبير ستيفنز.

ولكن واقع المحادثات مختلف تمام الاختلاف. ذلك أن حكومتنا حريصة على تنفيذ أجندة تتضمن كل الإصلاحات الاقتصادية التي أكدت عليها مؤسسات الفكر ومراكز البحوث الاقتصادية الأوروبية. ونحن قادرون فضلاً عن ذلك على الحفاظ على دعم الرأي العام اليوناني لبرنامج اقتصادي سليم.

ولكن، إذا كانت حكومتنا على استعداد لتبني الإصلاحات التي يتوقعها شركاؤنا، فلماذا لم تسفر المفاوضات عن اتفاق؟ وأين هي نقطة الخلاف؟ المشكلة بسيطة، ذلك أن دائني اليونان يصرون حتى على المزيد من التقشف لهذا العام والذي يليه، وهو النهج الذي من شأنه أن يعرقل التعافي، ويعوق النمو، ويؤدي إلى تفاقم دورة الديون والانكماش، وفي النهاية تآكل رغبة اليونانيين وقدرتهم على الرؤية عبر أجندة الإصلاح التي تحتاج إليها البلاد بشدة. ولا تستطيع حكومتنا أن تقبل، ولن تقبل، العلاج الذي أثبت على مدى خمس سنوات طويلة كونه أسوأ من المرض ذاته.

الواقع أن وجهة النظر التي تزعم أن اليونان لم تحقق القدر الكافي من ضبط الأوضاع المالية ليست كاذبة فحسب، بل إنها سخيفة بشكل واضح. الواقع أن أي مراقب منصف للمفاوضات التي دامت أربعة أشهر بين اليونان ودائنيها لا يستطيع أن يتجنب استنتاجاً بسيطاً، وهو أن نقطة الخلاف الرئيسية، والمقوّض الوحيد للاتفاق، هي إصرار الدائنين على المزيد من التقشف، حتى على حساب أجندة الإصلاح التي تحرص حكومتنا على ملاحقتها.

اقرأ أيضا: اذهبوا الآن إلى أوروبا
المساهمون