قال مسؤول بارز في وزارة النفط اليمنية، إن الحكومة ستوقع عقب إجازة العيد مع صندوق النقد الدولي، على منظومة إصلاحات اقتصادية طالب بها مانحون دوليون أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، تتضمن تقليص دعم الوقود في البلاد.
وأوضح المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح خاص لمراسل "العربي الجديد" في صنعاء، أن الاتفاق يقضي برفع الحكومة دعمها عن الوقود ابتداءً من مطلع أغسطس/آب المقبل.
وأشار إلى أن هذه الخطوة لتلافي الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يمر به اليمن، لافتا إلى أن دبة (جردل) البنزين سعة 20 لترا، التي كانت تباع بنحو 2500 ريال (11.62 دولار)، ستباع بعد رفع الدعم بنحو 4 آلاف ريال (18,60 دولار) بزيادة تبلغ نسبتها 40 في المائة.
ويتعرض اليمن إلى ضغوط دولية من المانحين، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، باعتباره "بوابة للفساد المالي".
وكان أصدقاء اليمن، وهم الدول المانحة لليمن، قد طالبوا في بيانهم الختامي الذي انعقد أواخر أبريل/نيسان الماضي، في العاصمة البريطانية لندن، على ضرورة أن تضع الحكومة اليمنية جدولاً زمنياً للإصلاح الاقتصادي لتشجيع المانحين على زيادة وتيرة صرف تعهدات مالية.
رفع الدعم ليس حلاً
لكن الخبير الاقتصادي، ياسين التميمي، قال لـ"العربي الجديد"، إن رفع الدعم بدون إجراء إصلاحات أخرى تشمل الضرائب والجمارك والوظائف العامة، ليس حلاً.
وأضاف "رفع الدعم بات سيفاً مسلطاً على رقبة الحكومة من قبل الدول والمنظمات المانحة، التي ربطت مساعداتها ومنحها بتوقف الحكومة عن دعم المشتقات النفطية".
وبحسب التميمي، فإن الوضع الاقتصادي يستلزم إجراء إصلاحات جوهرية وضرورية لوقف حالة النزيف الحاد في المالية العامة، بسبب الفساد والتضخم غير المعقول في الجهاز الوظيفي، نتيجة وجود مئات آلاف الوظائف الوهمية والمزدوجة، وتدني كفاءة من تسند إليهم المناصب.
ووفقاً للبنك الدولي، فإن كلفة دعم الوقود في اليمن تبلغ نحو 10 ملايين دولار يومياً، بما يعادل 8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو ما يثير استياء المانحين الدوليين وإصرارهم على ضرورة إسراع الحكومة اليمنية برفع الدعم عن الوقود.
وينفق اليمن نحو ملياري دولار سنوياً على دعم الديزل، وهو ما يشجع على ضخ المياه بشكل مفرط بواسطة المحركات ويساهم في الاستنزاف السريع لموارد المياه في اليمن، بحسب تقارير رسمية.
رفع الدعم سينهي الأزمة
ويعاني اليمن، أزمة حادة في الوقود منذ قرابة خمسة أشهر، وتصطف طوابير طويلة يومياً أمام محطات الوقود في العاصمة للتزود بالوقود، يستمر بعضها لأيام دون الحصول على الكمية المطلوبة.
ويرى خبراء اقتصاد، أن قرار رفع الدعم سينهي الأزمة الخانقة في المشتقات ويوفر الكمية المطلوبة للسوق المحلية في البلاد، لكن آخرين يرون أنها ستؤجج الشارع ضد الحكومة وستزيد معاناة الفقراء في البلاد.
وقال المدير القُطْري للبنك الدولي في اليمن، وائل زقوت، لـ"العربي الجديد"، إن خيار رفع الدعم عن المشتقات النفطية، لن يكون مجدياً من دون تنفيذ بقية الإصلاحات الاقتصادية، فيما يتعلق بمكافحة الفساد وتحقيق التوازن في حزمة الإصلاحات التي تشمل زيادة الإيرادات وخفض النفقات.
وأضاف زقوت، أن زيادة الإيرادات تكمن في حماية أنابيب النفط من التفجيرات المستمرة وزيادة تحصيل الوعاء الضريبي، من دون زيادة نسبة الضريبة.
ويعاني اليمن عجزاً كبيراً في موازنته العامة للعام الحالي، كما يعاني ارتفاع الديْن العام، وتراجعاً في احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، وانخفاض الإيرادات العامة، الأمر الذي أجبر الحكومة إلى اللجوء نحو قرار رفع الدعم عن الوقود.
تفجير أنابيب النفط
ويواجه اليمن صعوبات في بسط الأمن والاستقرار في البلاد، حيث يستمر مسلسل تفجير أنابيب النفط الذي يعتمد عليه اليمن في موازنته السنوية بنسبة تصل إلى 70 في المائة، وهو ما يخفض الإنتاج النفطي ويعمق أزمة المشتقات.
وتصاعدت عمليات تخريب النفط اليمني عقب نجاح ثورة الشباب في فبراير/شباط 2011 في إطاحة الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، وبلغت خسائر التخريب في السنوات الثلاث الماضية نحو 4.75 مليار دولار، حسب الإحصاءات الرسمية.
واستورد اليمن مشتقات بترولية بنحو 975 مليون دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، لتعويض الفاقد في الإنتاج المحلي.
واليمن منتج صغير للنفط، ويتراوح إنتاجه بين 280 و300 ألف برميل يومياً، بعدما كان يزيد على 400 ألف برميل يومياً، قبل ثورة الشباب في فبراير/شباط 2011.
وتشكل حصة صادرات النفط الخام، التي تحصل عليها الحكومة اليمنية من تقاسم الإنتاج مع شركات النفط الأجنبية، نحو 70 في المائة من موارد الموازنة العامة للدولة و63 في المائة من إجمالي صادرات البلاد و30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويعيش ثلث سكان اليمن البالغ عددهم 25 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم، وتقدر البطالة بحوالي 35 في المائة، في حين أن نسبة البطالة بين الشباب تصل إلى 60 في المائة.