استقبلت المدن اليمنية العام الجديد 2015 وهي تغرق في ظلام دامس، حيث تزايدت انقطاعات التيار، لتصل إلى 12 ساعة يومياً في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى.
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إن الانقطاعات هذه المرة تعود إلى أسباب فنية، حيث تعاني
مؤسسة الكهرباء من تأخر في أعمال الصيانة، ومن مشكلات تقنية في محطاتها المتهالكة الخاصة بتوليد الطاقة.
وكانت عمليات التخريب والاستهداف المسلح لمحطات التوليد في الفترة السابقة هي العامل الأساسي في انقطاع الكهرباء.
وتؤثر عمليات انقطاع التيار الكهربي على القطاع الاقتصادي الراكد بالأساس، ويطال الضرر الأكبر قطاع الصناعات الصغيرة والحرفية.
واضطرت الأزمة، المصارف والشركات الكبيرة إلى الاعتماد على مولدات كهرباء تعمل بالديزل، فيما تعاني الشركات الصغيرة وأصحاب محلات المواد الغذائية والألبان واللحوم ومغاسل الملابس من عدم القدرة على تشغيل مولدات لفترات طويلة، في ظل استمرار الركود التجاري وتدني الأرباح.
وبلغت الخسائر الاقتصادية لليمن، خلال السنوات الثلاث الماضية، نحو 4.75 مليارات دولار، حسب الإحصاءات الرسمية. ويزيد عجز الطاقة الكهربائية في اليمن عن 40%، ولا تصل الكهرباء إلى نحو 60% من المناطق الريفية، حسب وزارة الكهرباء. كما تتعرض أبراج الكهرباء لاعتداءات متكررة من مسلحين قبليين، ما يسبب انقطاع التيار لساعات طويلة.
ويبلغ إنتاج اليمن من الكهرباء حاليا 815 ميجاوات، يضاف إليها 426 ميجاوات طاقة مشتراة من الشركات، وفقاً لوزارة الكهرباء، في حين تبلغ الحاجة الفعلية للبلاد من الكهرباء حوالى 2000 ميجاوات.
وأطلقت مؤسسة الكهرباء، مطلع العام الجديد، تحذيرات من انهيار منظومة الكهرباء بشكل كلي، بسبب العجز المالي الذي تعانيه.
وكشف مدير عام المؤسسة العامة للكهرباء، خالد راشد، لـ"العربي الجديد"، أن مشاكل المؤسسة المالية والفنية في تزايد، ما يهدد هذا القطاع الحيوي، مؤكدا أن هناك تضخما كبيرا في شراء الطاقة.
ووقعت الحكومة اليمنية عقوداً لشراء الطاقة مع شركة اجريكو البريطانية وثلاث شركات يمنية خاصة، لتزويد 6 مدن يمنية بالكهرباء.
وتشهد مدينة لحج (جنوب اليمن) انقطاعاً للكهرباء منذ أربعة أيام، وصل إلى 12 ساعة في
اليوم، وقالت مؤسسة الكهرباء إن المدينة قد تشهد انقطاعاً كلياً للكهرباء خلال الفترة القادمة، بسبب توقف مولدات الطاقة المشتراة عن العمل، وتهدّد شركة اجريكو البريطانية، التي تزود المدينة بالكهرباء، بالتوقف، نتيجة عدم تزويدها بالكميات المخصصة من الديزل من شركة النفط اليمنية.
وبموجب الاتفاقيات، فإن الشركات الخاصة التي تبيع الكهرباء للحكومة لها أولوية الحصول على حصتها من الوقود المخصص لمحطات التوليد. وانتقد تقرير صادر عن لجنة التنمية والنفط في البرلمان اليمني، في أبريل/نيسان 2014، النمو المتزايد في كمية المشتقات النفطية (الديزل) المقدمة لمحطات شراء الطاقة الكهربائية، مقارنة بتراجع تلك الكميات المقدمة للمحطات الكهربائية التابعة للمؤسسة العامة للكهرباء.
وتعاني مؤسسة الكهرباء من تضخم المديونية التي تطالب بها شركة النفط، في ظل عجزها عن دفع قيمة الوقود المخصص لمحطات التوليد والتي باتت مهدّدة بالتوقف، في ظل تراكم الديون على المؤسسة، والتي تقدر بنحو 100 مليار ريال (465 مليون دولار) حتى منتصف عام 2014.
ووفقاً لمدير مؤسسة الكهرباء، فإن الحكومة تعتزم تنفيذ خطة للتقليص التدريجي في شراء الطاقة، والذي أجهد ميزانيتها وأثر على خزينة الدولة، وذلك من خلال تخفيف الحمل الزائد وتلافي العجز القائم في الفاقد.
وأشار إلى توجه المؤسسة إلى إزالة أعمال الربط العشوائي، بهدف تخفيف الحمل الزائد، وتلافي العجز القائم في الفاقد الذي يصل في بعض الأحيان إلى 50%.
ولفت إلى أهمية أعمال الصيانة الدائمة للمعدات والأجهزة الكهربائية في كافة المحطات والمحولات، من أجل الحفاظ عليها وضمان استمرارها في الخدمة دون معوقات أو مشاكل، مشيراً إلى أن المؤسسة تعاني من مشاكل وظروف استثنائية، منها انخفاض المبيعات، وقلة الإيرادات، نتيجة للظروف التي يمر بها اليمن.
ويغرق اليمن في مشاكل وأزمات معقدة منذ سيطرة جماعة الحوثيين (أنصار الله) على العاصمة اليمنية في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، وتشكل مشكلة الكهرباء تحدياً كبيراً للحكومة الجديدة، برئاسة خالد بحاح، في ظل وضع مضطرب، وسيطرة حوثية على مؤسسات الدولة، واعتداءات مسلحة على المحطات.
وأوضح تقرير صادر منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن خطوط نقل التيار بين صنعاء ومحطة مأرب الغازية، تعرّضت لنحو 64 اعتداء، إضافة إلى اعتداءات تخريبية طالت
خطوط الكهرباء في محافظات الحديدة وتعز وأمانة العاصمة وعدن وأبين منذ 2011.
ووجه بحاح، خلال رئاسته اجتماعا موسعا للمجلس الأعلى للطاقة، نهاية ديسمبر/كانون الأول، بإعداد خطة عمل تنفيذية عاجلة قصيرة المدى لمدة عام واحد لإصلاح قطاع الكهرباء.
وأكد بحاح أهمية صيانة وإعادة تأهيل المحطات الكهربائية القائمة، ووضع خطة تنفيذية عاجلة لرفع كفاءة أدائها.
وقال "إن الطريقة التقليدية القائمة في عمل وأداء قطاع الكهرباء لم تعد مقبولة، وحان الوقت للبدء في تطبيق سياسات وبرامج إصلاحات حقيقية على أرض الواقع في هذا القطاع الحيوي، وتركز خطة إصلاح قطاع الكهرباء على تطوير برنامج لإنهاء عقود استئجار الطاقة بحلول نهاية 2015، بالإضافة إلى منح مدخلات الطاقة المتجددة إعفاءات جمركية، للتشجيع على استخدام مصادر الطاقة الأرخص والأنظف، ومنع بناء أي محطات طاقة جديدة تستخدم الديزل كوقود أساسي، ومنع توسيع محطات الطاقة الحالية التي تستخدم وقود الديزل.