نصف قرن من الموت، ولم تهدأ اليمن، إذ منذ قيام الثورة اليمنية في شمال اليمن عام 1962 وحتى الآن شهدت اليمن سلسلة من الحروب، وكانت الأولى خلال الفترة 1962-1970 بين النظام الإمامي في شمال اليمن وأنصار الثورة اليمنية، وفي جنوب اليمن جرت حرب خلال الفترة 1963-1967 ضد الاستعمار البريطاني. ليدخل شطرا اليمن الشمالي والجنوبي حرباً في عام 1972، وأخرى في عام 1979، لتنتهي وفق جهود عربية أجبرت الطرفين على العودة إلى المفاوضات. وفي عام 1990 توحد شطرا اليمن الشمالي والجنوبي، إلا أنه بعد أربعة سنوات اندلعت حرب الانفصال صيف 1994، تلتها في العقد الماضي 6 حروب في صعدة مع جماعة الحوثي المسلحة، وحرب مفتوحة ضد القاعدة، وفي نهاية عام 2014، دخلت اليمن في حربٍ داخلية بعد سيطرة جماعة الحوثي المسلحة على مفاصل الدولة اليمنية التي طلب رئيسها الشرعي، عبد ربه منصور هادي، تدخلاً عربياً لإنهاء هذا الانقلاب.
وخلال نصف قرن، لم تتمكن السلطات اليمنية المتعاقبة من بناء منظومة اقتصادية متينة. ويرجع أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء، الدكتور علي سيف كليب، أسباب ذلك الفشل إلى عدم استغلال الموارد الاقتصادية بشكل سليم، حيث تم إهدار هذه الموارد، بما فيها القطاع النفطي الذي لم يُحدث أي فرق في الحياة العامة، وإنما أحدث تغييراً في حياة أشخاص معينين، فضلاً عن إهمال مختلف القطاعات الأخرى التي تعاني من الاختلالات كقطاع الخدمات، وقطاع الصناعات الاستخراجية غير النفطية الذي يمتلك الكثير من المعادن، التي لم تستغل. ويقول كُليب لـ "العربي الجديد": "لم تتخذ الدولة اليمنية شيئاً خلال الفترات الماضية إزاء معالجة الاختلالات الاقتصادية"، مضيفاً "لو كان نموذج التنمية الذي تم انتهاجه متوازناً، واعتمد على ما لدينا من موارد، لكان يمكن أن يكون الوضع أفضل مما هو عليه في الوقت الحالي".
خسائر بالغة
تكبد الاقتصاد اليمني خسائر ضخمة للغاية خلال هذه الفترات، ووفقاً لرئيس تحرير مجلة "الاقتصاد الآن" اليمنية، محمد الحكيمي، فمنذ حرب صيف 1994 التي أعقبت إعلان الوحدة، قُدرت الخسائر آنذاك بقرابة 11 مليار دولار، في الوقت الذي بلغ فيه عجز الميزانية العامة للدولة 35.3 %، وارتفعت نسبة التضخم إلى 300 %.
ويشير الحكيمي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن عجز السياسات الحكومية في تطبيق الإصلاح الاقتصادي بشكل صحيح، وتفشي الفساد، ساهما في امتداد تراجع معدلات النمو في الدخل القومي بشكل مستدام، وزادت فاتورة الاقتصاد أكثر، فالسلطة بدلاً من أن تمضي في معركة الإصلاحات الاقتصادية، وتحديث البنية الأساسية، انهمكت في منتصف عام 2004 في نزاع آخر، وخاضت 6 حروب مع جماعة الحوثي المسلحة في صعدة. وبعد انتهاء الحرب مطلع عام 2010، اتضح أن هذه الحرب كانت موجهة في الأساس ضد الخزينة العامة والتنمية، ليتجرع الاقتصاد تركة ثقيلة فاقت 2.5 مليارَي دولار، فضلاً عن الكلفة البشرية. ويقول الحكيمي إن هناك أيضاً كلفة باهظة أضرت بالاقتصاد، هي الحرب على القاعدة، التي نفذت العديد من العمليات الإرهابية على شركات النفط، وتسببت في تراجع الإنتاج النفطي في 2010 من 420 ألف برميل، إلى 170 ألف برميل يومياً حتى نهاية 2014.
من جانبه، يتوقع الخبير الاقتصادي، محمد جبران، أن "تصل خسائر اليمن بسبب الحروب إلى حوالى 200 مليار دولار من الناحية الاقتصادية والبنى التحتية المختلفة وإعادة ترميم النسيج الاجتماعي. ويقول لـ"العربي الجديد" إن إعادة الوضع الاقتصادي فقط إلى ما كان قائماً قبل دخول جماعة الحوثي إلى صنعاء، والسيطرة على مؤسسات الدولة، يحتاج إلى 100 مليار دولار لضمان إعادة بناء البنى التحتية وتحقيق الانتعاش الاقتصادي.
وتواجه اليمن انخفاضاً في مستوى المعيشة وارتفاعاً لمستويات الفقر، حيث تظهر توقعات الحسابات القومية أن يتراجع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى نحو 326 دولاراً للفرد في عام 2015، وهذا ما يشير إلى أن المستوى العام لمعيشة الغالبية العظمى من السكان اتجه إلى ما دون حدود خط فقر الغذاء عام 2015. وهو ما تؤكده مؤشرات الفقر، حيث من المتوقع أن تتجاوز نسبة السكان تحت خط الفقر 80% في العام الحالي، وفقاً لبيانات وزارة المالية اليمنية.
اقرأ أيضاً:1.8 مليون مشروع يمني معرّض للإغلاق
وخلال نصف قرن، لم تتمكن السلطات اليمنية المتعاقبة من بناء منظومة اقتصادية متينة. ويرجع أستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء، الدكتور علي سيف كليب، أسباب ذلك الفشل إلى عدم استغلال الموارد الاقتصادية بشكل سليم، حيث تم إهدار هذه الموارد، بما فيها القطاع النفطي الذي لم يُحدث أي فرق في الحياة العامة، وإنما أحدث تغييراً في حياة أشخاص معينين، فضلاً عن إهمال مختلف القطاعات الأخرى التي تعاني من الاختلالات كقطاع الخدمات، وقطاع الصناعات الاستخراجية غير النفطية الذي يمتلك الكثير من المعادن، التي لم تستغل. ويقول كُليب لـ "العربي الجديد": "لم تتخذ الدولة اليمنية شيئاً خلال الفترات الماضية إزاء معالجة الاختلالات الاقتصادية"، مضيفاً "لو كان نموذج التنمية الذي تم انتهاجه متوازناً، واعتمد على ما لدينا من موارد، لكان يمكن أن يكون الوضع أفضل مما هو عليه في الوقت الحالي".
خسائر بالغة
تكبد الاقتصاد اليمني خسائر ضخمة للغاية خلال هذه الفترات، ووفقاً لرئيس تحرير مجلة "الاقتصاد الآن" اليمنية، محمد الحكيمي، فمنذ حرب صيف 1994 التي أعقبت إعلان الوحدة، قُدرت الخسائر آنذاك بقرابة 11 مليار دولار، في الوقت الذي بلغ فيه عجز الميزانية العامة للدولة 35.3 %، وارتفعت نسبة التضخم إلى 300 %.
ويشير الحكيمي، لـ"العربي الجديد"، إلى أن عجز السياسات الحكومية في تطبيق الإصلاح الاقتصادي بشكل صحيح، وتفشي الفساد، ساهما في امتداد تراجع معدلات النمو في الدخل القومي بشكل مستدام، وزادت فاتورة الاقتصاد أكثر، فالسلطة بدلاً من أن تمضي في معركة الإصلاحات الاقتصادية، وتحديث البنية الأساسية، انهمكت في منتصف عام 2004 في نزاع آخر، وخاضت 6 حروب مع جماعة الحوثي المسلحة في صعدة. وبعد انتهاء الحرب مطلع عام 2010، اتضح أن هذه الحرب كانت موجهة في الأساس ضد الخزينة العامة والتنمية، ليتجرع الاقتصاد تركة ثقيلة فاقت 2.5 مليارَي دولار، فضلاً عن الكلفة البشرية. ويقول الحكيمي إن هناك أيضاً كلفة باهظة أضرت بالاقتصاد، هي الحرب على القاعدة، التي نفذت العديد من العمليات الإرهابية على شركات النفط، وتسببت في تراجع الإنتاج النفطي في 2010 من 420 ألف برميل، إلى 170 ألف برميل يومياً حتى نهاية 2014.
من جانبه، يتوقع الخبير الاقتصادي، محمد جبران، أن "تصل خسائر اليمن بسبب الحروب إلى حوالى 200 مليار دولار من الناحية الاقتصادية والبنى التحتية المختلفة وإعادة ترميم النسيج الاجتماعي. ويقول لـ"العربي الجديد" إن إعادة الوضع الاقتصادي فقط إلى ما كان قائماً قبل دخول جماعة الحوثي إلى صنعاء، والسيطرة على مؤسسات الدولة، يحتاج إلى 100 مليار دولار لضمان إعادة بناء البنى التحتية وتحقيق الانتعاش الاقتصادي.
وتواجه اليمن انخفاضاً في مستوى المعيشة وارتفاعاً لمستويات الفقر، حيث تظهر توقعات الحسابات القومية أن يتراجع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى نحو 326 دولاراً للفرد في عام 2015، وهذا ما يشير إلى أن المستوى العام لمعيشة الغالبية العظمى من السكان اتجه إلى ما دون حدود خط فقر الغذاء عام 2015. وهو ما تؤكده مؤشرات الفقر، حيث من المتوقع أن تتجاوز نسبة السكان تحت خط الفقر 80% في العام الحالي، وفقاً لبيانات وزارة المالية اليمنية.
اقرأ أيضاً:1.8 مليون مشروع يمني معرّض للإغلاق