وكان لافتاً للانتباه عدم استبعاد بنعمر لجوء مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ قرار تحت الفصل السابع، من أجل الضغط على "الأطراف المعرقلة للتسوية السياسية في اليمن"، مع العلم أن مجلس الأمن أصدر أكثر من قرار بشأن اليمن، استناداً إلى هذا الفصل، ولم يُغيّر ذلك من واقع الأمر أي شيء. وبالنسبة إلى جديد الفصل السابع، فلن يتجلّى في إصدار قرار جديد، بل يدعو إلى تنفيذ القرارات السابقة، التي نصّت على فرض عقوبات والتلويح بفرض تدابير مفتوحة.
مع العلم أن مجلس الأمن أصدر خمسة قرارات في شأن اليمن، كان أولها في العام 2011 وثانيها في العام 2012، ولم يصدر أي قرار في عام الحوار الوطني في 2013، بينما أصدر قراراً ثالثاً في العام 2014، وتلاه قراران متتاليان في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين، بعد أن تفاقم الوضع في اليمن بصورة خطيرة.
ونصّ القرار رقم 2204، الصادر في 24 فبراير، على أن "الحالة في اليمن لا تزال تشكل خطراً يهدد السلم والأمن الدوليين، ويؤكد أن مجلس الأمن يتصرّف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة". ويتألف الفصل السابع من 13 مادة، تُفصّل جميعها الأعمال المتدرجة، التي يُمكن أن يتخذها مجلس الأمن لمواجهة أي أزمة في أي بقعة من العالم، إذا ما ظهر فيها ما يهدد السلم والإخلال به ووقوع العدوان.
وفي الحالة اليمنية، فإن أهم مادتين في الفصل السابع، هما المادة 41 والمادة 42. تُتيح المادة 41 لمجلس الأمن، تقرير ما يجب اتخاذه من تدابير، لا تتطلب استخدام القوة لتنفيذ قراراته، وفي حال لم تنجح الأمور، فإن المادة 42 تُمكّنه من اللجوء إلى القوة لحفظ السلم والأمن، أو لإعادته إلى نصابه.
اقرأ أيضاً: الحوار اليمني في الرياض: ألغام في الطريق
ومن المفارقات العجيبة في الأزمة اليمنية، أن جميع الأطراف العاملة على خطّ الأزمة، لم تفِ بما عليها، بما في ذلك مجلس الأمن ذاته، فلو طبّق نصّ المادة 41 على القوى المعرقلة، لما احتاج بنعمر إلى التهديد مجدداً بقرار جديدٍ، لن يُطبّق على الأرجح كسابقيه.
والأكثر غرابة في الحالة اليمنية أن الطرف الأكثر استهتاراً بتنفيذ ما نصت عليه المبادرة الخليجية، من انتقال مجدول للسلطة وإنشاء المؤسسات الدستورية المنتخبة، هو الرئيس عبدربه منصور هادي، وبموجب المبادرة الخليجية، يُنتخب هادي رئيساً انتقالياً لمدة سنتين، على أن يُهيئ خلال تلك السنتين لانتخابات، كان بإمكانه ترشيح نفسه فيها، لكنه لجأ إلى تمديد الأزمة تحت مسمى "تمديد الفترة الانتقالية".
وليس هذا فحسب، بل إن تهمة "مساندة الحوثيين على اجتياح صنعاء" الموجّهة لبعض الأطراف السياسية، بما فيها الرئيس السابق علي عبدالله صالح، تنطبق كذلك على هادي ونظامه، لأن قراراته وإجراءاته وتعييناته المدنية والعسكرية، مهّدت الطريق أمام الحوثيين لاقتحام صنعاء.
ليس هذا فقط، بل مهّد الطريق أيضاً أمام "الحراك الجنوبي" لإحياء النزعة الانفصالية، وكذلك سمحت قراراته لتنظيم "القاعدة" بالاستيلاء على مناطق شاسعة في اليمن، لترتفع الشعارات الطائفية والمناطقية والتقسيمية مجدداً، والتي أعرب بنعمر عن استغرابه لعودتها في سياق حديثه لقناة "الجزيرة".
وكان بنعمر محقاً في تشاؤمه وتحذيره من السيناريوهات الأسوأ، غير أنه يُمكن طرح سؤالٍ من نوع: كيف يُمكن لمجلس الأمن أن يدعم المتسبب الأول في العرقلة، بعد أن ثبت فشله في إنقاذ البلاد؟ لقد كان مؤملاً من الرئيس هادي ضمّ المليشيات المسلحة إلى الجيش، وإجراء انتخابات يشارك فيها الجميع في بناء الدولة، ولكن تلكؤه أدى إلى العكس، وهو قيام المليشيات ذاتها بضم الدولة إليها، يؤكد بالتالي دخول اليمن فصلاً جديداً هذا العام، ولكنه لن يكون الفصل السابع بكل تأكيد.
اقرأ أيضاً: وزراء الخارجية العرب يتمسكون بشرعية الرئيس اليمني