اليمن: عام الرواية وذوبان الدولة

31 ديسمبر 2014
حكيم العاقل/ اليمن
+ الخط -

وسط نشاط مُكابر لمؤسسات ثقافية أهمَلت انهيارات السياسة وأصوات الحروب في اليمن واستمرت تقدّم شيئاً. ووسط مشهد مسرحي مُقلّ، وحضور خجول لبعض المعارض القليلة لفن التشكيل، من بينها معرض "أبيض" للفنانة آمنة النصيري، تستمرّ الحركة الدؤوبة للروائيين اليمنيين، التي بدأت منذ سنوات، في محاولة لإنجاز رواية يمنية تنافس على الصعيد العربي.

إذ صدر هذا العام ما يزيد عن 12 رواية لروائيين مثل مروان الغفوري، علي المقري، سمير عبد الفتاح، جمال حسن، محمود ياسين، الغربي عمران. روايات نافست وتُنافس على جوائز الرواية العربية، واستطاعت أن تجتذب قارئاً يمنياً وعربياً أيضاً. هذا إضافة إلى ظهور أصوات شعرية جديدة برزت في الساحة العربية بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التي قرّبت المثقفين العرب من بعضهم.

وفي ما يتعلّق بالسينما، فقد فاز الفيلم السينمائي "أنا نجود ابنة العاشرة ومطلقة" للمخرجة خديجة السلامي بجائزة "المُهر العربي" في "مهرجان دبي السينمائي" كأفضل فيلم روائي طويل، والذي طرحت فيه السلامي قضية الزواج المبكر. كما وصل فيلم "ليس للكرامة جدران" الذي يرصد أحداث ثورة 2011، لمخرجته سارة إسحاق، إلى ترشيحات الأوسكار.

على صعيد المسرح، تواصل فرقة "خليج عدن المسرحية" للمخرج عمرو جمال تصدّر المشهد المسرحي في اليمن، وجاء عرضها "صرف غير صحي" لافتاً في بحثه في أخطاء ما بعد ثورة فبراير 2011.

أما على المستوى الرسمي، فقد غلبت هزّات السياسية الفعل الثقافي المؤسساتي، إذ عجزت الدولة، ممثّلة بوزارة الثقافة، عن توفير الميزانية اللازمة لإقامة المهرجانات السنوية، مثل "مهرجان المسرح اليمني" الذي يتزامن مع يوم المسرح العالمي من كل عام. كما ألغت إقامة "معرض صنعاء الدولي للكتاب" الذي يقام عادة في أيلول/ سبتمبر. وأوقفت إصدار مجلة "الثقافة" الوحيدة التي تنشرها الوزارة، وبدت بعض الفعاليات المُتفرقة لها مجرّد إسقاط واجب ليس إلا.

في المقابل، استطاعت المؤسسات الثقافية الخاصة تغطية جزء من الفراغ الذي تركته الدولة، وبرزت "مؤسسة الإبداع" التي تقيم فعاليات متنوّعة كل اثنين، و"مؤسسة بيسمنت الثقافية" بفعالياتها اليومية المتنوّعة بين ندوات وعروض أفلام وموسيقى، و"مركز الإعلام الثقافي"، و"مؤسسة السعيد" في مدينة تعز، و"مؤسسة الرصيف الثقافية" المثابرة على فعالياتها الأسبوعية، و"منتدى الهيصمي" في مدينة عدن. وما يميّز هذه المؤسسات هو الاستمرارية في نشاطها، غير أنها ما زالت تفتقر إلى الأفكار النوعية والمؤثّرة في ما تقدّمه.

يمكننا القول إن عام 2014 الثقافي في اليمن، عام إنجازات الأفراد التي تبدو خارجة عن السياق. ففي حالة اليمن أيضاً، يمكن دعم موقف القائلين إن الثقافة مرتبطة بالمجتمع لا بالمؤسسة الرسمية وتجد لنفسها طرقاً للعيش، وهذا لا يعني أن حالة الاحتراب واللااستقرار السياسي لم تأخذ الأدباء بعيداً عن الكتابة الإبداعية باتجاه الموقف السياسي.

المساهمون