وأفادت منظمة "أطباء بلا حدود الدولية"، بأن كثيرا من المدنيين في محافظة الضالع (جنوب اليمن) بحاجةٍ إلى مساعدة طبية، لكنهم يعجزون عن الوصول إلى المستشفيات، بسبب قطع الطرقات.
يأتي ذلك في الوقت الذي أطلق فيه منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، السيد يوهانس فان دير كلاو، نداء إنسانيا إلى كافة أطراف الصراع في اليمن. واحتوى النداء على مقترح دعاهم خلاله إلى إيقاف القصف الجوي والقتال على الأرض في كافة مناطق اليمن لمدة ساعات محدودة يوميا، من أجل تمكين منظمات الإغاثة من إيصال المساعدات الضرورية والمواد المنقذة للأرواح إلى المحتاجين إليها، وخاصة المدنيين.
ويأتي استمرار العنف وقطع الطرق داخل وحول مناطق الصراع، ضمن أكثر التحديات التي تواجهها القليل من المنظمات التي لا تزال تعمل في اليمن، ومنها منظمة أطباء بلا حدود.
وتتلقى المنظمة اتصالات يومية من مرضى في حالات حرجة، بينهم جرحى، من الحرب الدائرة في مناطق جنوب اليمن، فيما يعاني آخرون من مشاكل صحية خطيرة، لكنهم لا يستطيعون الوصول إلى المستشفى.
وعاشت المحافظة، خلال الأيام الماضية، هدوءا نسبيا، لكن إطلاق النار عاد مجددا، بالإضافة إلى قصف المدينة.
وأوضحت المنظمة، في بيان لها أمس السبت، أنها تلقت، خلال الأسبوعين الماضيين، بلاغات من نساء يعانين من مضاعفات مخاض تهدد حياتهن، لكن "نقاط التفتيش التي ينصبها المسلحون في الطرقات تمنع مرورهن، نظرا لخطورة الطرق المؤدية إلى المستشفى". وقد تسبب هذا الأمر في وفاة امرأتين وأحد الأجنة أمام هذه النقاط.
وأكدت المنظمة وفاة أحد المواليد، خلال الأيام الماضية، بعد عجز الأهالي عن نقل الأم إلى المستشفى لإجراء عملية قيصرية، بسبب خطورة مرورها في مواقع تسودها مواجهات مسلحة.
وبينت المنظمة أنها تعمل على إحالة الحالات الخطيرة إلى مرافق صحية في مناطق أخرى توفر رعاية تخصصية أكثر جودة. مؤكدةً تمكنها مؤخرا من إرسال "ستة مرضى إلى المركز الجراحي لأطباء بلا حدود داخل مستشفى الصداقة في مدينة عدن، حيث تملك هناك قدرات أفضل، إضافة إلى وصول طاقم جراحين مكون من خمسة أطباء، وإمدادات طبية تزن 1.7 طن، الجمعة، عبر القوارب من جيبوتي إلى مدينة عدن".
اقرأ أيضا:
مستشفيات اليمن مهدّدة
نزوح وانقطاع خدمات
وأشارت المنظمة إلى أن القتال الشديد في مدينة الضالع، عمل على نزوح نحو 60 في المائة من سكانها صوب المناطق المحيطة بها، كونها أكثر أمنا واستقرارا مقارنة بالمدينة التي باتت مغلقة.
وأوضحت المنظمة أن المحافظة تعاني من نقص حاد في الوقود والكهرباء، وهو الأمر الذي تسبب في انقطاع المياه عن معظم المنازل، بسبب عدم القدرة على ضخها، لانعدام الوقود.
وقالت المنظمة إن "إمدادات المستشفيات التابعة لوزارة الصحة في الضالع قد بدأت بالنفاد". مؤكدة انتهاء "مخزون المستشفيات من أدوية الأمراض المزمنة، وهذا يهدد بتوقف علاج المرضى الذين تتطلب حالاتهم متابعة طويلة الأمد، كمرضى السل".
وهذا ما يشجع على ظهور السل المقاوم للأدوية، والذي يصعب علاجه على المدى الطويل، بحسب قولها.
وعن لقاحات الأطفال، أكدت المنظمة أن كثيرا من الأطفال لم يتم تلقيحهم في المواعيد الثابتة، خاصة في ظل انقطاع التيار الكهربائي الذي يحول دون إبقاء اللقاحات مبردة، وهذا ما يفضي إلى مخاطر طويلة الأمد. كما أن نقص الغذاء في المنطقة يساعد على انتشار بعض الأمراض، وخاصة سوء التغذية، والتقزم، وأمراض العظام، للأطفال تحت سن خمس سنوات.
وفي السياق، دمر القصف مستشفى السلامة التخصصي الأهلي، الأسبوع الماضي، والذي يبعد 150 مترا من مقر اللواء 33 مدرع الذي حولته قوات الحوثي إلى ثكنة عسكرية أثناء قتال أفرادها ضد أفراد اللجان الشعبية الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي.
اقرأ أيضا:
موجات نزوح وخوف وهلع في مدن اليمن
كارثة إنسانيّة في الضالع ولحج
توقف أعمال الإغاثة
وكانت جهود الإغاثة في اليمن قد توقفت، بعد انتقال جميع موظفي وكالات الإغاثة الدولية للعمل خارج اليمن، عقب الضربات الجوية لتحالف "عاصفة الحزم"، بحسب تصريح مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لشبكة الأنباء الإنسانية الدولية.
وتعجز منظمات الإغاثة عن تلبية الاحتياجات الطارئة والمنقذة للأرواح لمحتاجي المساعدة الإنسانية وضحايا العنف الذي يدور في 14 من إجمالي 22 محافظة يمنية اليوم.
كما أكدت منظمة الصحة العالمية مقتل 650 شخصا، بينهم أكثر من 210 مدنيين وجرح نحو 2000 شخص، بينهم أكثر من 500 مدني، خلال الفترة من 19 مارس إلى 8 أبريل، حيث سقط معظمهم في التفجيرات الانتحارية في مسجدين بالعاصمة صنعاء.
وفي السياق، أشارت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفل (اليونيسف) إلى مقتل 77 طفلا وإصابة 44 بجروح خلال ذات الفترة.
وقامت المنظمات الإنسانية، خلال الفترة الماضية، بإرسال 12 طنا متريا من المساعدات الطبية في 6 أبريل/نيسان من الحديدة إلى عدن، تم توزيعها على المستشفيات والمراكز الصحية هناك، بالإضافة إلى إرسال طواقم طبية إلى المستشفى الجمهوري في صعدة. وإجلاء 160 مهاجرا أثيوبيا إلى بلادهم.
وتتركز الاحتياجات الإنسانية حاليا، حول إدارة إصابات الحرب وحماية المدنيين وتوفير المياه في مدينة عدن، بالإضافة إلى المواد والمعدات الطبية التي بدأ الموجود منها بالنفاد.
وتوجد عشرات من الجثث في شوارع المدينة لأيام دون تجميع، ويخشى عمال الإغاثة أن تشكل مصدرا لانتشار الأوبئة والأمراض.
اقرأ أيضا:
اليمن: الجوع يهدّد سكان عدن المحاصرين
مساعدات متواضعة
إلى ذلك، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الجمعة الماضية، هبوط طائرة تابعة لها، في العاصمة صنعاء، تحمل معدات طبية ومساعدات إنسانية أخرى زنة 12 طنا متريا.
ويوم أمس السبت، حطت طائرة أخرى تابعة للجنة الصليب الأحمر في مطار صنعاء محملةً بالمساعدات الطبية ومعدات الإغاثة زنة 35.6 طنا.
وقالت الناطقة باسم اللجنة، ماري كلير فغالي، إن "الشحنات الجديدة هي مساعدات طبية، والبقية معدات لتنقية المياه ومولدات الكهرباء وخيام".
وكانت طائرة ثالثة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قد هبطت في صنعاء الجمعة الماضية.
غير أن أحد المعنيين بالشأن الإنساني يتساءل، عبر "العربي الجديد"، عن جدوى هذه المساعدات في ظل صعوبة إيصالها إلى مستشفيات ومراكز ميدانية بحاجة ماسة لها في عدن والضالع وغيرها، بسبب إغلاق الطرقات والعنف المتزايد.
اقرأ أيضا:
الصليب الأحمر: ننقل مساعداتنا لليمن بموافقة التحالف العسكري
توسع الأزمة وتدني التمويل
ودفعت التداعيات الأخيرة في اليمن، منذ نهاية مارس/آذار، إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل ملحوظ، وسط تجاوب دولي ضعيف. وقد توقع تقرير للبرنامج العالمي للغذاء، الذي صدر نهاية الأسبوع، أن عدد الفقراء اليمنيين المحتاجين للغذاء قد زاد، خلال الأسبوعين السابقين، بمقدار 1.5 مليون شخص. ويعتبر هذا العدد إضافة إلى 10.6 ملايين شخص (41 في المائة) هم إجمالي عدد اليمنيين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
وحتى تاريخ 11 أبريل/نيسان الحالي، قام الممولون بتمويل 58 مليون دولار فقط من مبلغ 748 مليون دولار، هو إجمالي التمويل المطلوب، ضمن خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الجاري 2015.
ويمثل هذا المبلغ المتواضع 7 في المائة فقط من إجمالي التمويل المطلوب. وتعمل الخطة التي تنفذها حوالى 115 منظمة دولية ومحلية شريكة في كل مناطق اليمن، بتقديم المساعدات الإنسانية لعدد 8 ملايين شخص في اليمن.
ويوجد في اليمن 16.9 مليون شخص يحتاجون إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية.
اقرأ أيضا:
"عاصفة الحزم" تُفاقم الأزمات المعيشية في اليمن