عن المرحلة السياسية، قال هادي إنّ اليمن قطع خطوات كبيرة من خلال تنفيذ المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، بانتظار تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، وخصوصاً القرار رقم 2216، والاتجاه نحو بناء مستقبل اليمن على أسس العدالة والمساواة، والتوزيع العادل للثروة والسلطة في ظل الدولة الاتحادية. وأوضح هادي، خلال لقائه أمس سفراء دول مجلس التعاون الخليجي والمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أن "السلام هو خيارنا الذي تحمّلنا الكثير من المصاعب والتحديات لبلوغه"، مشيداً بدور دول مجلس التعاون الداعمة والمساندة لليمن.
بدوره، قال ولد الشيخ إن وقف إطلاق النار سيمهد للمفاوضات المرتقبة لحل النزاع. وأكد التزام جميع الأطراف اليمنية بوقف لإطلاق النار قبيل بدء مباحثات الكويت. وأضاف أن ما وصفها بـ"الجماعات الإرهابية" استغلت غياب الدولة في العديد من المناطق في اليمن، مشيراً إلى أن "شركاء اليمن سيعملون على دحر الإرهاب في اليمن".
على صعيد متصل، أوضحت مصادر حكومية يمنية، أمس الثلاثاء، أنّ لجنة التهدئة والتواصل الخاصة بوقف إطلاق النار، والتي جرى الاتفاق على تشكيلها في ختام محادثات سويسرا ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والتي تتألف من مشرفين أممين وممثلين عن الحكومة والحوثيين وحلفائهم، اجتمعت في الكويت، للمرّة الأولى، من خلال برامج تدريبية تمهيداً للإشراف على وقف إطلاق النار المقرّر في 10 أبريل/ نيسان الحالي.
وأعلن رئيس الفريق الفني والاستشاري للوفد المفاوض عن الحكومة اليمنية الشرعية، عبدالله العليمي، أن الجانب الحكومي سلّم مسودة ملاحظات حول الورقة المقدمة من إسماعيل ولد الشيخ أحمد وفريقه المتعلقة بترتيبات وقف إطلاق النار.
وفيما تبدو أنّ ثمار هذه الاجتماعات التمهيدية بدأت تنضج، أعلن المتحدث الرسمي لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، محمد عبد السلام، عن التوصل إلى توافق باستمرار التهدئة في المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية، بما يشمل منطقة ميدي الساحلية التي شهدت مواجهات بين قوات يمنية موالية للحكومة الشرعية والانقلابيين. وأوضح عبد السلام، في بيان نشر على صفحته الشخصية عبر موقع "فيسبوك"، أمس الثلاثاء، أنّه "تم التوافق على استمرار التهدئة على طول الشريط الحدودي، بما في ذلك جبهة ميدي الحدودية ووقف الأعمال العسكرية في عدد من المحافظات اليمنية".
وأشار إلى أنّ ذلك يأتي "كخطوة أولى، ووقف التصعيد العسكري في بقية محاور القتال وصولاً إلى الوقف الكلي للحرب، واستكمال ملف المفقودين والأسرى وتجميع بياناتهم وتبادل الكشوفات بشأنهم". وأشار عبد السلام إلى أن هذا التوافق يأتي "في سياق التفاهمات الأولية التي تؤدي إلى وقف شامل للأعمال العسكرية في البلاد وفتح آفاق واضحة للدخول في الحوار السياسي اليمني ـ اليمني المزمع عقده منتصف أبريل/ نيسان الحالي".
على الطرف الآخر، تبدو الكويت متفائلة بالمباحثات بين الأطرف اليمنية المتنازعة، إذ أكد نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله أن بلاده تعمل على قدم وساق لإتمام استعداداتها لاستضافة المشاورات اليمنية في 18 أبريل/نيسان الحالي بين وفد الحكومة والحوثيين وحلفائهم. وقال الجار الله، في تصريح صحافي، عقب المباحثات التي عقدها مع مبعوث الرئيس الروسي للشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، أنّ أطرافاً يمنية وصلت إلى الكويت لإجراء ورشة عمل التي ستباشر عملها غداً الأربعاء (اليوم) تتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار". وأضاف "نحن متفائلون في ما يتعلق بهذه المشاورات، ونعتقد أن الأجواء مهيّئة لتحقيق نتائج إيجابية من خلالها"، معربا عن أمله في أن يضع الاجتماع حداً للصراع في اليمن.
وتؤكد مصادر سياسية يمنية متواجدة في العاصمة السعودية الرياض لـ"العربي الجديد" أنّ التوجه الغالب من جانب الحكومة والمدعومة من التحالف العربي هو إبداء أكبر قدر من المرونة والالتزام بوقف إطلاق النار في موعده المحدد، على الرغم من حالة عدم الثقة بالتزام الطرف الآخر ممثلاً بالانقلابيين. وتوضح هذه المصادر أن وقف إطلاق النار المرتقب، والذي أعلن الطرفان استعدادهما للالتزام به، من المقرر أن تعقبه خطوات ضمن إجراءات "بناء الثقة"، تسبق انطلاق جولة المحادثات في 18 من الشهر الحالي. ومن أبرز الخطوات؛ إطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، ورئيس جهاز الاستخبارات في عدن، اللواء ناصر منصور هادي، الشقيق الأكبر للرئيس هادي.
وعلى صعيد التغييرات الحكومية، أثارت قرارات هادي السياسية المفاجئة، من خلال تعيين الفريق علي محسن الأحمر نائباً للرئيس وأحمد عبيد بن دغر رئيساً للحكومة، مخاوف حول مصير المحادثات المقبلة وقبلها اتفاق وقف إطلاق النار. وتتوقع مصادر مقربة من الحكومة أن تصدر قرارات قريبة تكمل التغييرات التي أجراها الرئيس اليمني بإقالة بحاح وتعيين بن دغر رئيساً جديداً لها. وبحسب هذه المصادر، فإن من أبرز الأسماء المشمولة بالقرارات المقبلة تعيين وزير داخلية خلفاً للوزير الحالي اللواء حسين عرب، والذي كان قد انتقل من عدن إلى الرياض منذ أسبوع.
وفي مؤشر على استمرار الخلافات حول التغيير الحكومي الأخير، فاجأ بحاح الرأي العام بإصدار بيان يهاجم قرار الرئيس بإقالته من الحكومة، معتبراً إياه "انقلاباً" على المرجعيات التي قامت عليها المرحلة الانتقالية في البلاد. في إشارة إلى كون منصب رئيس الحكومة يعتبر منصباً توافقياً بناء على المبادرة الخليجية التي وُقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 وما تبعها من اتفاقات خلال المرحلة الانتقالية.
وقال بحاح، في بيان نشر على صفحته الشخصية عبر موقع "فيسبوك"، إن "القبول بهذه القرارات يعتبر تخلياً صريحاً عن كل المرجعيات الحاكمة للفترة الانتقالية، وأحكام الدستور، ومخالفة لأحكام الدستور التي لا تقبل الاجتهاد أو التأويل، إذ لا يوجد أي نص دستوري يقضي بتعيين رئيس للحكومة مع بقاء الحكومة وأعضائها لممارسة مهامهم". واعتبر أن التغيير الذي أجراه هادي بهذا الشكل (إقالة رئيس الحكومة وإبقاء أعضائها) عملية "تمثل خروجاً عن الدستور بصرف النظر عن الأشخاص المعينين". ويعد قرار إقالة رئيس الحكومة مع إبقاء أعضائها سابقة في التاريخ السياسي اليمني، إذ إن المعتاد هو تعيين رئيس وزراء وتكليفه بتشكيل حكومة جديدة، ومع ذلك لا يوجد نص يعارض إبقاء أعضائها، الأمر الذي يبقي الجدل حول دستورية الخطوة من عدمها. علماً أن أغلب الخلاف يدور حول منصب رئيس الحكومة وليس منصب النائب.
وجاء رفض بحاح على الرغم من قبول رئيس الحكومة الجديد بن دغر منصبه وأدائه اليمين الدستورية. وكانت أحزاب سياسية عدة قد أصدرت بياناً يؤيد القرارات، إلا أنه وفي مؤشر على تعقيد الأوضاع من جديد، تراجع التنظيم الوحدوي الناصري، أحد أبرز ثلاثة أحزاب مؤيدة للشرعية عن تأييد القرارات ونفى صلته بالبيان الذي تضمن التأييد. وأوضح مصدر مسؤول في الأمانة العامة للناصري، في تصريح على موقع التنظيم الرسمي الإلكتروني، أنّ "التنظيم ينفي بشكل قاطع أن يكون قد وافق على ذلك البيان"، مؤكداً أن أي قرارات رئاسية لا تكتسب شرعيتها وقوتها من البيانات الصادرة من الهيئات والأجهزة والمنظمات المدنية مهما كثرت وتعددت، بل تكتسبها من خلال التوافق والانسجام مع الشرعية التوافقية للسلطة وإدارة الحكم في هذه المرحلة، والالتزام بالقواعد والضوابط المحددة في المرجعيات المنظمة للحكم.