عادت التطورات الميدانية لتسيطر على المشهد اليمني، مع تأجيل مفاوضات جنيف إلى موعد غير محدد، لكنه لن يكون بعيداً جداً، بحسب مصادر "العربي الجديد"، فيما يحاول الحوثيون الترويج لقرب توقيعهم اتفاقاً مع السعودية خلال المشاورات الجارية في مسقط، وهو ما نفته مصادر مطلعة جزمت بأن لا تفاوض إلا إن كان لتنفيذ القرارات الدولية ومخرجات مؤتمر الرياض.
في مقابل التحركات السياسية، كان لافتاً اقتراب المقاتلين الموالين للشرعية من السيطرة على مدينة الضالع وطرد الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح منها، فيما يسعى الحوثيون إلى الرد ببسط سيطرتهم على تعز، وسط أنباء عن ارتكابهم مجازر بحق أهلها. ونجحت ضغوط الأطراف اليمنية المشاركة في مؤتمر الرياض، في تأجيل مفاوضات جنيف التي كان من المقرر أن تنطلق بمشاركة مختلف الأطراف اليمنية بعد غد الخميس، وجاء التأجيل بناء على طلب الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح، والتي طالبت بالتشاور حول موعد انطلاق المفاوضات.
وأكد مسؤول يمني مطلع لـ"العربي الجديد" أن التأجيل إلى موعد غير محدد لا يعني أن اللقاء لن ينعقد، بل كان هو الأمر الطبيعي بعد طلب هادي ذلك في رسالة رسمية إلى الأمم المتحدة، مضيفاً أن جميع الأطراف اليمنية في صنعاء وفي الرياض ملتزمة من حيث المبدأ بالحضور، ويتم التفاوض حول المواضيع التي سيتم طرحها والمرجعيات الموضوعة لأي مشاورات، وكذلك صيغة مشاركة القوى السياسية اليمنية، وصولاً إلى ما تطلب بعض الأطراف استيضاحه من الأمم المتحدة، وهو تصوّرها المبدئي للحل الممكن أن تخرج به أي مشاورات، وضمانات تنفيذها، حتى لا تلحق بسابقاتها من القرارات الدولية.
وأوضح المصدر أن التأجيل قد لا يكون سوى لأيام أو أسابيع، وذلك مرتبط بما ستسفر عنه مفاوضات المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مع الحكومة اليمنية وأطراف مؤتمر الرياض.
من جهة ثانية، اعتبر المصدر أنه لا يمكن فصل الحديث عن موعد محادثات جنيف أو وقف إطلاق النار أو هدنة إنسانية جديدة، عن ما ستسفر عنه اللقاءات والمشاورات الجارية في العاصمة العُمانية مسقط بين الحوثيين ووفود غربية-أميركية على وجه التحديد. وتشير المعطيات المتواترة إلى أن هذه الوفود تحاول التوسّط بين الجماعة وبين القيادة اليمنية الشرعية والسعودية. وفي هذا الصدد، نشرت مواقع إلكترونية يمنية، أخباراً بأن السعودية بصدد توقيع اتفاق مع الحوثيين في عُمان.
ولكن مصادر مطلعة شككت في هذا الاحتمال؛ لأن "ذلك هو ما تسعى إلى ترويجه المطابخ الحوثية". والمرجّح، حسب المعلومات، أنه إذا حصل أي نوع من التفاوض غير المباشر مع السعودية، فإنه سيكون حول التزامات حوثية وآلية لوقف إطلاق النار، لا ترقى إلى اتفاق. وحذر مراقبون من أن أي توصيف لحل بين السعودية والحوثيين هو قفز على قضية "الشرعية" التي هي الهدف الأساسي لعمليات التحالف في اليمن.
اقرأ أيضاً: إرجاء اجتماع جنيف اليمني دون تحديد موعد جديد
وأكملت عمليات التحالف في اليمن شهرين حتى اليوم، منذ إطلاقها في الـ26 من مارس/آذار الماضي، وخلال شهرين شن التحالف آلاف الغارات الجوية ضد الحوثيين والقوات الخاضعة لنفوذ صالح، في مختلف المحافظات، ومرت هذه الفترة بثلاث مراحل رئيسية: الأولى "عاصفة الحزم" التي استمرت 27 يوماً، ثم انتقلت إلى "إعادة الأمل"، والأخيرة تضمنت شقاً سياسياً مع تواصل العمليات العسكرية. أما المرحلة الثالثة فقد كانت هدنة لمدة خمسة أيام.
وفيما نجحت عمليات التحالف في تقليص قوة الحوثيين وصالح إلى حد كبير وألحقت خسائر كبيرة بترسانتهم العسكرية، فإنها حتى اليوم، لم تتمكن من تأمين مدينة لعودة السلطة الشرعية إليها. وتخشى الأطراف السياسية التي ساندت عمليات التحالف و"المقاومة الشعبية" على الأرض، من أي اتفاق يوقف العمليات، من دون أن يُلزم الحوثيين وحلفاءهم بتنفيذ القرارات الدولية وإنهاء الانقلاب، من شأنه أن يمثّل فشلاً لعمليات التحالف، وكذلك يضع الأطراف المساندة للمقاومة عرضة للانتقام من الحوثيين.
ميدانياً، بدا أن الحوثيين يحاولون حسم المعركة في تعز بأسرع وقت ممكن، وسط اتهامات توجّه لهم بارتكاب مجازر في المدينة. وأفادت وكالة "فرانس برس" أن 35 شخصاً قُتلوا، بينهم 30 مسلحاً من الحوثيين ومن العناصر الموالية لصالح، في معارك بمناطق متفرقة من مدينة تعز. وأفاد مسؤول محلي للوكالة بأن المعارك بين الحوثيين وحلفائهم، و"المقاومة الشعبية"، احتدمت خصوصا في شارعي الستين والخمسين وفي حوض الأشراف وسط المدينة وفي أطرافها الشمالية والغربية.
كما ذكر سكان أن الحوثيين وقوات صالح قصفوا، منذ صباح أمس الإثنين، بالدبابات وقذائف الهاون أحياء سكنية. وقال بسام القاضي، وهو أحد سكان شارع المغتربين للوكالة، "لقد أسفر القصف عن سقوط قتلى وجرحى، كما أن الدمار هائل في المباني". وأضاف "ما يحدث في تعز مجزرة بحق أبناء هذه المدينة التي تعد نواة للانتفاضة التي أطاحت بحكم صالح، وهو اليوم مع الحوثيين ينتقم منها".
في المقابل، أكدت مصادر محلية في مدينة الضالع الجنوبية لوكالة "فرانس برس" أن مواقع عسكرية ومعسكرات تابعة للحوثيين وقوات صالح سقطت بيد المقاتلين الموالين لهادي بعد معارك شرسة. وأضافت المصادر أن موقع المظلوم ومبنى الأمن العام وموقع القشاع وموقع الخزان الرئيسي التابع لمعسكر الجرباء، كلها سقطت بيد "المقاومة الشعبية". وبحسب المصادر، فإن المعارك كانت لا تزال مستمرة في محيط معسكر عبود التابع للواء 33 مدرع المنهار وموقع الخربة، وهما موقعان تسيطر عليهما القوات الموالية لصالح. وذكر مصدر في "المقاومة" أن المقاتلين المناوئين للحوثيين سيطروا على ست دبابات من داخل معسكر الجرباء.
اقرأ أيضاً: اشتباكات وأسر مسلّحين "حوثيين" في تعز