ضرر كبير لحق بالعملية التعليمية بمحافظة البيضاء، وسط اليمن، جراء الحرب المستعرة منذ أكثر من أربعة أشهر، بين مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين)، وأبناء القبائل. الأمر الذي سبب انحدارا واضحا في وتيرة وجودة التعليم بهذه المحافظة لأسباب عدة، كان أحدها خوف الأهالي من إرسال أبنائهم للدراسة خشية إصابتهم بمكروه بسبب المواجهات المسلحة.
ويُستهدف كثير من المدارس الحكومية والخاصة في المحافظة بالقذائف والعمليات الانتحارية، بعد سيطرة الجماعات المسلحة عليها، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية أو استحداث معسكرات بجانبها، ما يعرض الطلاب لمخاطر جسدية ونفسية أيضا.
يؤكد الإعلامي ماجد بن كاروت أن التعليم في عدد من مديريات محافظته البيضاء، بما فيها مدينة البيضاء مركز المحافظة، مشلول تماما. مشيرا إلى أن المواجهات المسلحة المستمرة بين جماعة الحوثيين ومسلحي القبائل أعاقت العملية التعليمية.
وأضاف كاروت أن مدينة البيضاء عاشت خلال الأيام الماضية حرب شوارع في مركز المحافظة، ما دفع الأهالي لإبقاء أطفالهم في البيوت ومنعهم من الذهاب إلى المدارس حتى اليوم. مشيرا إلى أن أسرته بها عشرة طلاب وأنهم جميعا لا يذهبون إلى المدرسة منذ فترة.
ويوضح أن العملية التعلمية في المحافظة كانت تسير كما يجب قبل بدء الحرب، لكنها اليوم تمر بمرحلة "سيئة جدا، بل إن التعليم في حالة انهيار كامل في مديرية قيفة التي نزح أكثر من 90 في المائة من سكانها".
مشيرا إلى أن التعليم في عدد من المديريات الريفية الأخرى، بالإضافة إلى مدينة رداع التي شهدت مواجهات مسلحة قبل أشهر، تسير بشكل طبيعي.
ويؤكد بن كاروت أن المواجهات لم توقف العملية التعليمية في المدارس وحسب، بل إن الجامعات والمعاهد أيضا تضررت. حيث أقدمت عناصر تابعة لجماعة الحوثيين، الخميس الماضي، على اقتحام مبنى المعهد التقني الصناعي، وأخرجت الطلاب والعاملين فيه وأخبرت الطلاب بأنهم في إجازة مفتوحة، بحسب قوله.
كارثة تعليمية
من جانبه، يعترف مدير مكتب التربية والتعليم في المحافظة، مطلوب شرقة، بتوقف العملية التعليمية تماما في 41 مدرسة في المناطق والمديريات الملتهبة بالحرب، واصفا ما يحدث في محافظة البيضاء اليوم بـ "الكارثة التعليمية".
وأكد شرقة أن عدد الطلاب المتواجدين في منازلهم اليوم، ولا يذهبون إلى المدرسة بسبب الحرب يتجاوز الـ 18857 طالبا وطالبة في مختلف المراحل التعليمية.
لافتا إلى أن كثيرا من الأهالي يمنعون الطلاب من الذهاب إلى المدارس رغم تواجد الكادر المدرسي في المدارس، بينما لا يستطيع قسم آخر من الطلاب الذهاب إلى مدارسهم، لكونها تحولت لثكنات عسكرية للحركات المسلحة أو تم استحداث مواقع للمسلحين بجانبها.
ويبين شرقة أن ثمة خطورة على قطاع تعليم الفتاة تحديدا، جراء استمرار الحرب، كون كثير من الأهالي بالمحافظة يرفضون إلحاق بناتهم بالمدرسة. يقول: نواجه صعوبة بالغة في إقناع الأهالي بضرورة إلحاق فتياتهم بالمدارس في الظروف العادية، أما وبعد هذه الحرب فالمهمة ستكون أصعب، لأن كثيرا من الأهالي منعوا بناتهم من الذهاب إلى المدرسة نهائيا".
وتطرّق مدير التربية والتعليم بالمحافظة، إلى أن الآثار السلبية التي تسببها الحرب لا تقتصر على المخاطر الجسدية فحسب، إنما تلقي بظلالها أيضا على النواحي النفسية وتترك أضرارا لا يمكن معالجتها بسهولة.
أما في مدينة رداع التابعة للمحافظة فيؤكد شرقة أن العملية التعليمية عادت إلى طبيعتها، بعد توقف الحرب التي اندلعت قبل أشهر.
الأرقام تحذر
يذكر أن عدد المدارس الحكومية والخاصة بمحافظة البيضاء يبلغ 569 مدرسة، يدرس فيها أكثر من 149 ألف طالب وطالبة، بينما يقدر عدد سكان المحافظة أكثر من 600 ألف نسمة.
وتسببت المواجهات المسلحة الأخيرة في مدينة البيضاء (مركز المحافظة) بتعطيل الدراسة في 16 مدرسة حكومية وخاصة، يدرس فيها أكثر من 11041 طالبا وطالبة. بينما يبلغ عدد المدارس المغلقة في مديرية البيضاء 7 مدارس يدرس فيها 1880 طالبا وطالبة، حيث تعرضت مدرسة 22 مايو لقذائف سببت أضرارا مختلفة.
أمّا في مديرية الزاهر، فقد تسببت المواجهات في إقفال 18 مدرسة يدرس فيها 5236 طالبا وطالبة. ويسيطر الحوثيون على مدرسة الشهيد الحميقاني والشهيد الرويشان. بينما تضررت مدرسة عمر بن الخطاب للبنين وعائشة للبنات في مديرية ذي ناعم، ويدرس فيهما أكثر من 700 طالب وطالبة.