ويصف المواطن فيصل عبد السلام (38 عاماً) هذا الوضع بالحصار حتى وإن كانت الحرب قد توقفت في هذه المناطق. يقول لـ "العربي الجديد": "انتهت الحرب، ولكننا محاصرون بالألغام في كل مكان، ونخاف من التحرك بحرية لكسب العيش والبحث عن مصادر الحياة". مشيراً إلى أن هذا الوضع يشابه الوضع الذي كانت تعيش فيه قريته أيام الحرب.
وأضاف عبد السلام: "يموت كثير من الأطفال والنساء جراء انفجارالألغام وهم يمارسون تفاصيل حياتهم اليومية، مثل رعي الأغنام أو جمع الحطب أو التنقل من منطقة إلى أخرى أو عندما يلعب الأطفال في الطرقات".
وطالب المواطن الحكومة الشرعية والتحالف العربي بإرسال متخصصين للكشف عن المواقع التي زُرعت فيها الألغام في المناطق التي تم تحريرها من سيطرة مليشيات الحوثي والعمل على نزعها.
وفي السياق، أكد تقرير حديث للمنظمة الحقوقية الدولية "هيومن رايتس ووتش"، بأن قوات الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح استخدمت الألغام الأرضية المحرمة دولياً وتسببت في سقوط ضحايا من المدنيين في محافظة تعز التي تعيش حرباً شرسة منذ 18 شهراً.
واستشهدت المنظمة بعدد من التقارير الميدانية وشهود عيان، بالإضافة إلى مصابين من انفجارات الألغام، كان منها تقارير وبلاغ مماثل تلقته من ناشط محلي عن مقتل 11 مدنياً في انفجار لغم غرب المحافظة في 9 أغسطس/آب الماضي. وقالت المنظمة الدولية في بيان حديث لها بأن القوات الحوثية تسببت بخسائر بين المدنيين بينهم أطفال.
وفي السياق، قال مدير قسم الأسلحة في المنظمة ستيف غوس، "أظهرت هذه القوات دماً بارداً في عنفها ضد المدنيين باستخدامها الألغام الأرضية. على الأطراف المتصارعة في اليمن التوقف فوراً عن زرع الألغام، كما أن عليها تدمير أي ألغام تمتلكها، وضمان ممارسة فرق نزع الألغام لأعمالها دون عراقيل حتى يتسنى للأسر النازحة بسبب القتال العودة إلى ديارها بأمان".
وقابلت المنظمة 14 شاهدَ عيانٍ وتحدثت مع مسؤولي البرنامج الوطني لإزالة الألغام اليمنيين، أكدوا جميعهم زرع تلك المجموعة المسلحة لألغام وحدوث انفجارات ألغام تم على إثرها سقوط قتلى وجرحى مدنيين بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى نزع البرنامج الوطني المذكور لعشرات من الألغام الأرضية متعددة الأشكال والأنواع والأسلحة القابلة للانفجار التي تركتها تلك القوات في مناطق مدنية مختلفة من المحافظة.
وكشف البرنامج الوطني لإزالة الألغام في تعز، أن الأخيرة قتلت 18 شخصاً على الأقل وأصابت أكثر من 39 بين مايو/أيار 2015 وأبريل/نيسان الماضي. وكانت 17 من الوفيات ناتجة عن الألغام المضادة للمركبات، في حين كانت 9 من 11 إصابة دائمة ناتجة عن الألغام المضادة للأفراد. وكان بين الضحايا 5 أطفال قتلى وإعاقات دائمة لأربعة، وأصابت 13 آخرين. وحققت المنظمة في 5 حالات لأشخاص بُترت أطرافهم بسبب الألغام المضادة للأفراد في تعز.
وتعاني المنظمات الإنسانية من الحصار الذي يطبق على مدينة تعز منذ 18 شهراً لتجد المنظمة أن الطريق الرئيسي المفتوح أمام مساعدات المنظمات من مدينة عدن (جنوباً) موبوء بالألغام والمتفجرات، بحسب شهادة مسؤول محلي في إزالة الألغام؛ أن فريقه وجد 30 عبوة ناسفة و27 لغماً مضاداً للمركبات على طول أحد الطرق الرئيسية المؤدية لتعز.
وكانت "هيومن رايتس ووتش" سابقاً، كشفت عن استخدام الحوثيين الألغام المضادة للأفراد في مدينة عدن والمحافظات الجنوبية والشرقية من اليمن في نهاية العام الماضي. وعلى مدى شهرين من سبتمبر/ أيلول، إلى نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، قتلت الألغام 21 شخصاً وأصابت 14 في عدن ولحج والضالع وأبين وتعز.
وتحظر معاهدة 1997 لحظر الألغام، استخدام الألغام المضادة للأفراد تحت أي ظرف. أما الألغام المضادة للمركبات غير المحرمة دولياً، فغالباً ما تستخدم في انتهاك للقانون الإنساني الدولي، على سبيل المثال عندما تُستخدم عشوائياً أو دون اتخاذ احتياطات كافية لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين.