وذكر المصدر أن الاجتماع يأتي لمناقشة وإقرار التعديلات المقترحة على الخطة الأممية المطروحة كخارطة طريق لحل سلمي للأزمة في البلاد. وسيضطر المبعوث الأممي إلى قطع جولته في المنطقة والتي كان قد استهلها قبل أيام في الكويت ثم السعودية، من أجل المشاركة في اجتماع الرباعية، بحسب ما ذكرت وكالة "الأناضول". وفي حال توصل المجتمعون إلى صياغة مقترحات جديدة، من المفترض أن يتم تسليمها للمبعوث الأممي، الذي سيقدم بدوره إحاطة إلى اجتماع مرتقب لمجلس الأمن الدولي حول آخر التطورات بشأن الملف اليمني. ومن ثم سيعود لاستكمال جولته في المنطقة لعرض الخطة المقترحة دولياً على الحكومة اليمنية الشرعية والانقلابيين، الممثلين بجماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر برئاسة المخلوع علي عبدالله صالح.
وتألفت اللجنة الرباعية حول اليمن، من وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، في مايو/ أيار 2016، لتكون بمثابة المقرر للرؤية الدولية والمقترحات التي يتبناها المبعوث الأممي، ولد الشيخ أحمد. وعقدت اللجنة العديد من الاجتماعات، بين لندن وجدة ونيويورك والرياض، في حين أن الاجتماع المرتقب هو ثاني اجتماع منذ تسلُّم وزير الخارجية الأميركي الجديد، ريكس تيلرسون، منصبه. وكانت اللجنة عقدت الشهر الماضي اجتماعاً في مدينة ميونخ الألمانية، بحضور سلطنة عُمان.
وأهمية الاجتماع المرتقب في لندن تكمن في أنه سيعقد بعد تسريبات سعودية عن وجود خطة معدلة من خارطة الطريق الأممية المقترحة لحل سلمي في اليمن، والتي كان المبعوث الأممي قدمها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ولاقت رفضاً كلياً من الحكومة الشرعية. وتفيد التسريبات بأن التعديلات الجديدة تقترح الإبقاء على الرئيس عبدربه منصور هادي، في منصبه حتى إجراء انتخابات رئاسية، وإلغاء منصب نائب الرئيس، بما يؤدي إلى الإطاحة بالنائب الحالي، علي محسن الأحمر. كما تنص التعديلات على تشكيل حكومة وحدة وطنية. ومن أبرز ما ورد في التسريبات التي تردد أنها تعديلات على الخطة الأممية، بند يطالب الحوثيين بتسليم الأسلحة لقوات الجيش اليمني الموجودة في حضرموت، والتي ظلت على الحياد أثناء الحرب، على أن تكون الخطوة المتعلقة بتسليم الأسلحة عقب انتقال هذه القوات من حضرموت إلى صنعاء. ولم يصدر أي تأكيد رسمي من الأمم المتحدة أو الأطراف اليمنية المعنية، بوجود تعديلات في المقترحات الأممية على هذا النحو.
من زاوية أخرى، يأتي الاجتماع عشية مرور عامين على انطلاق العمليات العسكرية لـ"التحالف العربي" بقيادة السعودية ضد الانقلابيين، والتي بدأت في 26 مارس/ آذار 2015. ومن المتوقع أن تشهد العملية السياسية انتعاشاً يترافق مع هذه المناسبة، على غرار ما حصل العام الماضي، حين تم التوافق في مارس 2016 على إعلان هدنة تبدأ في العاشر من إبريل/ نيسان، وعلى عقد جولة من المفاوضات، استضافتها الكويت، لكنها انتهت بعد حوالي ثلاثة أشهر إلى الفشل.
داخلياً، يأتي الاجتماع بعد التقدم الذي حققته قوات الشرعية المدعومة من "التحالف العربي" في الأشهر الأخيرة بمنطقتي المخا وذوباب، القريبتين من باب المندب. ومن المتوقع أن تكون لهذا التطور آثاره على طاولة المفاوضات، إذ يساهم في دفع الانقلابيين نحو تقديم تنازلات تساعد على الحل، خصوصاً مع وجود دافع لا يقل أهمية في هذا السياق، ويتمثل بالوضع الاقتصادي الكارثي، الذي بات يشكل ضغطاً كبيراً على مختلف الأطراف، وعلى تحالف الحوثيين وصالح بوجه خاص. وأدى عجز المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرة الانقلابيين عن دفع مرتبات مئات الآلاف من الموظفين، منذ ستة أشهر، إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية في اليمن، كما تسبب بحالة متزايدة من السخط في مناطق سيطرة الانقلابيين.
يشار إلى أن المسار السياسي في اليمن بات في عهدة الأمم المتحدة منذ تصاعد الحرب قبل ما يقرب من عامين. ورعى المبعوث الأممي ثلاث جولات من المشاورات الأولى بجنيف، في يونيو/ حزيران 2015، والثانية في بال السويسرية في ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، فيما الثالثة وهي الأهم والأطول، استضافتها الكويت، اعتباراً من 18 إبريل وحتى السابع من أغسطس/ آب 2016، لكنها انتهت كلها دون تحقيق أي تقدم. ومنذ 25 أغسطس 2016، دخلت العملية السياسية في إطار ما عُرف بمبادرة وزير الخارجية الأميركي السابق، جون كيري، والتي جرى استيعابها لاحقاً لتخرج في أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تحت مسمى "خارطة الطريق" الأممية. وتتضمن في جوهرها (قبل التعديلات المرتقبة)، تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة مختلف الأطراف، وتعيين نائب توافقي للرئيس تنتقل إليه صلاحيات الرئيس. وفي المقابل، تطلب الخطة من الحوثيين الانسحاب من صنعاء ومدن أخرى وتسليم الأسلحة لطرف ثالث، والانسحاب مسافة 30 كيلومتراً عن المناطق الحدودية مع السعودية. فهل سيحمل اجتماع اللجنة الرباعية غداً تعديلات من شأنها أن تطلق مسار الحل في اليمن أم أن الوضع سيراوح مكانه؟