يسود ركود غير مسبوق في أسواق الأضاحي في معظم المناطق اليمنية مع ارتفاع أسعارها بشكل يفوق قدرات المواطنين.
وتدرس عائلات وأسر يمنية عدة خيارات لتوفير أضحية العيد، أبرزها خيار المشاركة في الأضحية الواحدة مناصفة بين أسرتين وقد يصل الأمر إلى اشتراك عدة أسر ثم تقاسم لحومها، إلى جانب خيار شراء كيلوغرام أو أكثر بحسب مقدرة كل أسرة من باعة اللحوم في الأسواق، في حين تظل الدواجن أكثر الخيارات المتاحة أمام السواد الأعظم من اليمنيين.
في السياق، يقول سليم الحرازي، موظف في مؤسسة حكومية في صنعاء، لـ"العربي الجديد" إن كثيرا من اليمنيين خصوصاً الموظفين أصبحت الأضحية بالنسبة لهم بحكم المنسية لعدم قدرتهم على شرائها، لارتفاع أسعارها ومحدودية الدخل والذي جعل كثيراً من الناس يركزون على توفير المتطلبات المعيشية الضرورية.
ويتابع أن نصف راتب هو كل ما سيحصل عليه هذا الأسبوع بحسب ما أعلنت عنه وزارة المالية الخاضعة لسيطرة الحوثيين بصرف نصف راتب ثلاث مرات في السنة، قبل شهر رمضان وفي عيد الفطر وقبل عيد الأضحى، وهو مبلغ ضئيل لا يسمن ولا يغني من جوع، حسب تعبير الحرازي.
ولم يعد اليمنيون يهتمون حالياً بالاستعداد لعيد الأضحى وتلبية متطلباته واحتياجاته الاستهلاكية والغذائية وكذلك كسوة العيد والأضحية، بل تتركز أغلبية اهتماماتهم بشكل كلي على توفير الغذاء الضروري وبعض الخدمات كالمياه والإضاءة لمنازلهم وأعمالهم وأنشطتهم.
واعتاد الناس في اليمن شراء الأغنام للتضحية، إذ تشهد أسعارها ارتفاعا كبيرا يصل إلى نحو 70 ألف ريال للخروف أي ما يعادل 100 دولار، وهو مبلغ ليس بإمكان أغلب فئات المجتمع توفيره لشراء أضحية العيد.
ويؤكد أمين إسحاق، بائع مواشٍ في سوق "نقم" بصنعاء، أن الإقبال على شراء الأضاحي ضعيف جدا في هذا الموسم من قبل المواطنين مقارنة بالأعوام الماضية التي كانت فيها حركة الشراء تبدأ بالارتفاع مع نهاية شهر ذي القعدة الذي صادف انتهاؤه منتصف يوليو/تموز.
ويضيف إسحاق لـ"العربي الجديد"، أن أسعار الأضاحي هذا العام مستقرة، مستبعداً ارتفاعها بشكل كبير مثل ما يحصل بشكل اعتيادي كل عام في سوق الأضاحي والتي تشهد ارتفاعات خيالية في الأسعار تحد من إقبال المواطنين عليها والاكتفاء بالشراء اليومي من المحلات الخاصة ببيع اللحوم، أو شراء الدواجن.
ويتفق معه بائع مواشٍ في سوق منطقة "دار سعد" في عدن جنوب اليمن قال لـ"العربي الجديد"، إن الأسعار شبه مستقرة مقارنة بالعام الماضي حتى الآن نتيجة ضعف القوة الشرائية جراء الأوضاع المعيشية المتردية للناس والأزمات المتلاحقة للكهرباء وغيرها حيث تحتاج لحوم الأضاحي إلى طاقة كهربائية لحفظها في ثلاجات المنازل، نافياً سيطرة المواشي المستوردة على الأسواق المحلية. ويزداد إقبال اليمنيين على شراء اللحوم المستوردة لرخص ثمنها.
وتعد الكهرباء إحدى أهم الأزمات التي يعيشها المواطن اليمني خلال الفترة الراهنة وتأتي ضمن سلسلة من الأزمات التي ألحقت أضراراً بالغة بالحياة المعيشية للمواطنين مع تأرجح حركة الأعمال وتوقف العديد من المشاريع والأنشطة المختلفة.
ويشكو يمنيون خصوصاً في عدن العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية التي تغرق في الظلام مع ارتفاع انقطاع الكهرباء إلى نحو 8 ساعات، ما يفاقم من الأعباء التي تخلفها انقطاعات التيار من وقت لآخر وزيادة الإنفاق على العديد من المتطلبات الضرورية كتوفير المياه والأهم شراء وسائل الإضاءة البديلة.
وتشهد أسواق الدواجن انتعاشا لافتا، خلال الفترة الراهنة التي تسبق عيد الأضحى، وسط ارتفاع كبير في أسعارها التي تحدد بحسب الحجم والوزن، إذ يصل سعر الأحجام الصغيرة إلى نحو 1500 ريال للدجاجة، بينما تُباع الأحجام المتوسطة بحوالي 2500 ريال في حين يصل أعلى سعر للأحجام الكبيرة إلى نحو 3700 ريال.
وحسب آخر الإحصائيات الرسمية الصادرة قبل الحرب، فقد كان اليمن يستورد نحو 20 ألف رأس غنم شهريا، ترتفع إلى 100 ألف رأس في المواسم مثل عيد الأضحى، وبالنسبة للأبقار تزيد على 10 آلاف رأس وقد ترتفع إلى 50 ألف رأس، هذا ما يتم استيراده بالنسبة للمواشي الحية بخلاف اللحوم المجمدة، بينما يغطي الإنتاج المحلي نحو 70% من احتياجات السوق المحلية بالنسبة للمواشي أو اللحوم الحمراء، و50% للدواجن.
وتعتبر الثروة الحيوانية سلة غذاء رئيسية في أغلب المناطق والمحافظات اليمنية، إذ يستوعب القطاع الزراعي النسبة الأكبر من الأيادي العاملة في اليمن، وتشكل الثروة الحيوانية نحو 25% من الدخل القومي للعاملين في الأرياف اليمنية، حسب بيانات رسمية.