07 مايو 2018
اليسار في المشهد المغربي
محمد أسامة الأنسي (المغرب)
لا يمكن الحديث عن يسار واحد في المغرب، لأنّ هناك عدّة قوى تنسب نفسها إلى اليسار، من دون أن يجمعها إطار فكري أو سياسي واحد، لأنه يكاد يكون شبه متعذر أن نحدّد قواسم مشتركة بين التيارات التي تصف نفسها يسارية، فلا يوجد أي اتفاق حول المرجعية الإيديولوجية، أو قاسم مشترك حول المسار التاريخي، أو موقف مشترك بشأن المؤسسة الملكية والإصلاحات السياسية. ثم إن بواعث ظهور هذه التيارات وسياقاتها التاريخية تعتبر حائلا دون وحدتها الموضوعية، فهناك اليسار الذي خرج من الحركة الوطنية، وأقصد هنا حزب الاتحاد الوطني للقوى الشعبية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهناك اليسار الذي ارتبط بالنموذج السوفياتي الشيوعي، ويمثله حزب التقدم والاشتراكية الذي هو حليف موضوعي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ثم اليسار الذي استقى أفكاره من الماركسية اللينينية، ويمثله ما يسمى اليسار الجذري، والذي له قاعدة شعبية في مدرجات الجامعات المغربية، من خلال الإطار الطلابي، أوطم، وبعض النقابات العمالية.
ولسابق العلم، كان لبعض أحزاب اليسار تاريخ عريق، كحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان معارضا قويا، ثم قاد حكومة التناوب التي كانت ضربة قاسية لأحد أقوى الحركات اليسارية في المغرب. أما باقي أحزاب اليسار فظلت ضعيفة ومشتتة، هزيلة أمام صناديق الاقتراع، كما أن بعضها آثر عدم المشاركة في الانتخابات.
وبشأن أسباب تراجع اليسار، يمكن القول إن الاختيارات غير الموفقة والتردد في المواقف، والرضوخ لرغبات بعض قادة اليسار في اقتحام التجربة الوزارية، قبل إتمام شروط الممارسة الديموقراطية في المغرب، والتي إلى اليوم، وحتى بعد دستور 2011، ظلت رهنا بالبيروقراطية التقليدية للمؤسسة الحاكمة في البلاد، وكان هذا سببا رئيسيا في تراجع نفوذ اليسار اليوم.
وإذا أخذنا حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية الذي كانت له رمزيته ووزنه في تاريخ المغرب السياسي، لاسيما فترة السبعينيات، فإن قياداته وخصوصا الحالية، لم تكن على قدر المسؤولية، ولم تحقق تطلعات جماهيره، بالإضافة إلى أن تجربة حكومة التناوب والتوافق أدت إلى انشقاق الحزب إلى عدة كيانات، وهو ما أضعفه، وأنهكه داخليا، فاليسار اليوم مطالب أن يقدم نقدا ذاتيا لهويته وسلوكه وخطابه، وأن يحترم الديمقراطية الداخلية، وألا يبحث عن السلطة، مهما كان الثمن، ولو على حساب مبادئه.
حولت الانشقاقات الداخلية والمتكررة أحزاب اليسار إلى منتديات فكرية صغيرة ومتصارعة، وهو أمر لم يقبله الشارع المغربي، كما أن صعود التيار الإسلامي، ولاسيما حزب العدالة التنمية، حرم اليسار من أصوات الطبقات المتوسطة، والفقيرة، التقليدية والبسيطة، التي تشكل جل أقطاب الشعب المغربي، والتي وثقت بسبب نزعتها التقليدية غير الواعية، بدور الحزب سياسيا في الحكومة الاسلامية لولايتين متتابعتين، قبل أن تخف شعبيته بعد سيرورة من المواقف التي أثرت في الشارع، من زيادات وقوانين ومراسيم قوّضت امتيازات وحقوقا كثيرة كان يتمتع بها المواطن المغربي من قبل، وكان يسعى إلى ضمانها، وتطويرها، ودعمها، لا إلى إلغائها، وفرض أخرى أكثر تقشفا وتضييقا. كما كان لعزل الأمين العام السابق، عبد الإله بنكيران، من سدة الرئاسة، دوره في انحسار شعبية الحزب أمام كاريزما الرجل الحزب، الذي كان يعتبر مثل شيخ الطريقة لأبناء حزبه، قبل انقلاب أصدقاء الأمس في المجلس الوطني والأمانة العامة عليه، ليتم عزله سياسيا بعد خسارته في انتخابات الأمانة العامة لحزب المصباح، ليبرز اسم سعد الدين العثماني رئيس الحكومة الحالي، ورقة رابحة لقادة حزب يتنافسون على المنصب والسلطة، والمصالح الشخصية، كما عبر عن ذلك بنكيران للنائب المعزول عبد العزيز أفتاتي بعد انتهاء أشغال المجلس الوطني الأخيرة للحزب.
وفي ظل إعلان حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، والمنافس الأبرز والأقوى من بين أحزاب المعارضة في الانتخابات المقبلة في العام 2021 عن مرجعيته الإشتراكية، التي جاءت لدعم يسار من نوع آخر، تبقى لملمة شتات اليسار رهنا بإيجاد هوية موحدة، وبرنامج انتخابي موحد، وخطاب سياسي مرن، يراعي التنوع الثقافي والديني، لشعب اللهجات والقبائل المتعددة، والتمسك بالثوابت اليسارية المشتركة، من دون الدخول في خلافات الماضي وصراعات السلطة. ويعتبر، في نظري، السعي نحو إيجاد نظرية يسارية مغربية جديدة، تتبنى مقاربة أصولية من نسيج الثقافة والمجتمع والتاريخ المغربيين، والمغاربي، السبيل الأمثل لوقوف اليسار من جديد، وعودته إلى المشهد السياسي المغربي، ليس أحزابا سياسية فقط، ولكن فكرا مجتمعيا، قبل كل شيء.
ولسابق العلم، كان لبعض أحزاب اليسار تاريخ عريق، كحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان معارضا قويا، ثم قاد حكومة التناوب التي كانت ضربة قاسية لأحد أقوى الحركات اليسارية في المغرب. أما باقي أحزاب اليسار فظلت ضعيفة ومشتتة، هزيلة أمام صناديق الاقتراع، كما أن بعضها آثر عدم المشاركة في الانتخابات.
وبشأن أسباب تراجع اليسار، يمكن القول إن الاختيارات غير الموفقة والتردد في المواقف، والرضوخ لرغبات بعض قادة اليسار في اقتحام التجربة الوزارية، قبل إتمام شروط الممارسة الديموقراطية في المغرب، والتي إلى اليوم، وحتى بعد دستور 2011، ظلت رهنا بالبيروقراطية التقليدية للمؤسسة الحاكمة في البلاد، وكان هذا سببا رئيسيا في تراجع نفوذ اليسار اليوم.
وإذا أخذنا حزب الاتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية الذي كانت له رمزيته ووزنه في تاريخ المغرب السياسي، لاسيما فترة السبعينيات، فإن قياداته وخصوصا الحالية، لم تكن على قدر المسؤولية، ولم تحقق تطلعات جماهيره، بالإضافة إلى أن تجربة حكومة التناوب والتوافق أدت إلى انشقاق الحزب إلى عدة كيانات، وهو ما أضعفه، وأنهكه داخليا، فاليسار اليوم مطالب أن يقدم نقدا ذاتيا لهويته وسلوكه وخطابه، وأن يحترم الديمقراطية الداخلية، وألا يبحث عن السلطة، مهما كان الثمن، ولو على حساب مبادئه.
حولت الانشقاقات الداخلية والمتكررة أحزاب اليسار إلى منتديات فكرية صغيرة ومتصارعة، وهو أمر لم يقبله الشارع المغربي، كما أن صعود التيار الإسلامي، ولاسيما حزب العدالة التنمية، حرم اليسار من أصوات الطبقات المتوسطة، والفقيرة، التقليدية والبسيطة، التي تشكل جل أقطاب الشعب المغربي، والتي وثقت بسبب نزعتها التقليدية غير الواعية، بدور الحزب سياسيا في الحكومة الاسلامية لولايتين متتابعتين، قبل أن تخف شعبيته بعد سيرورة من المواقف التي أثرت في الشارع، من زيادات وقوانين ومراسيم قوّضت امتيازات وحقوقا كثيرة كان يتمتع بها المواطن المغربي من قبل، وكان يسعى إلى ضمانها، وتطويرها، ودعمها، لا إلى إلغائها، وفرض أخرى أكثر تقشفا وتضييقا. كما كان لعزل الأمين العام السابق، عبد الإله بنكيران، من سدة الرئاسة، دوره في انحسار شعبية الحزب أمام كاريزما الرجل الحزب، الذي كان يعتبر مثل شيخ الطريقة لأبناء حزبه، قبل انقلاب أصدقاء الأمس في المجلس الوطني والأمانة العامة عليه، ليتم عزله سياسيا بعد خسارته في انتخابات الأمانة العامة لحزب المصباح، ليبرز اسم سعد الدين العثماني رئيس الحكومة الحالي، ورقة رابحة لقادة حزب يتنافسون على المنصب والسلطة، والمصالح الشخصية، كما عبر عن ذلك بنكيران للنائب المعزول عبد العزيز أفتاتي بعد انتهاء أشغال المجلس الوطني الأخيرة للحزب.
وفي ظل إعلان حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، والمنافس الأبرز والأقوى من بين أحزاب المعارضة في الانتخابات المقبلة في العام 2021 عن مرجعيته الإشتراكية، التي جاءت لدعم يسار من نوع آخر، تبقى لملمة شتات اليسار رهنا بإيجاد هوية موحدة، وبرنامج انتخابي موحد، وخطاب سياسي مرن، يراعي التنوع الثقافي والديني، لشعب اللهجات والقبائل المتعددة، والتمسك بالثوابت اليسارية المشتركة، من دون الدخول في خلافات الماضي وصراعات السلطة. ويعتبر، في نظري، السعي نحو إيجاد نظرية يسارية مغربية جديدة، تتبنى مقاربة أصولية من نسيج الثقافة والمجتمع والتاريخ المغربيين، والمغاربي، السبيل الأمثل لوقوف اليسار من جديد، وعودته إلى المشهد السياسي المغربي، ليس أحزابا سياسية فقط، ولكن فكرا مجتمعيا، قبل كل شيء.
مقالات أخرى
09 فبراير 2018
23 مايو 2017
16 ابريل 2017