اليابان تواجه 3 تحديات بعد رحيل شينزو آبي أخطرها التمدد الصيني وتفاقم الديون

03 سبتمبر 2020
الزعيم شينزو آبي، صاحب أطول فترة في رئاسة الوزراء اليابانية
+ الخط -

يغادر الزعيم الياباني القوي شينزو آبي منصب رئاسة الوزراء في وقت عصيب تعيشه بلاد الشمس المشرقة والسوشي، إذ تواجه اليابان مجموعة ضخمة من التحديات، أكبرها الصعود السريع لعدوها اللدود، التنين الصيني، الذي بات يتمدد تجارياً ويهدد أسواق الشركات اليابانية في الأسواق العالمية. ولدى اليابان نزاع حدودي مع الصين حول السيادة على جزر سينكاكو. 

كما تواجه البلاد كذلك المستقبل المجهول للعلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة التي تتجه لانتخابات رئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. وظلت الولايات المتحدة توفر الحماية الدفاعية للبلاد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في العام 1945. 
على الصعيد الاقتصادي، تواجه الحكومة الجديدة التي ستخلف الزعيم آبي ثلاثة تحديات رئيسية، وهي معالجة تداعيات جائحة كورونا السلبية على النمو الاقتصادي، وتفاقم الديون السيادية، وحماية أسواقها الخارجية عبر الشراكات التجارية في آسيا وأوروبا. 
على صعيد الديون السيادية، ترى وكالة التصنيف الائتماني فيتش، في تقرير صدر يوم الاثنين الماضي، أن رئيس الوزراء الياباني الجديد سيواجه تحديات ابتداع وسائل للقضاء على العجز في الميزانية خلال السنوات المقبلة حتى تتمكن البلاد من خفض أعباء الديون السيادية. وكانت حكومة رئيس الوزراء المستقيل آبي قد وضعت هدفاً للوصول بالإنفاق العام إلى التوازن في العام 2026. ولكن هذا الهدف كان قبل تفشي جائحة كورونا. 

وحسب بيانات البنك المركزي الياباني فقد بلغت الديون السيادية نحو 12.2 تريليون دولار، أي نحو 240% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد. وربما سترتفع الديون بأكثر من تريليون دولار بنهاية العام الجاري بسبب الأموال التي ضختها الحكومة في الاقتصاد. 
على صعيد كبوة كورونا، يتوقع خبراء أن تكون مهام إنعاش الاقتصاد الهم الأول لحكومة رئيس الوزراء الياباني الذي سيخلف شينزو آبي. وتتوقع البيانات الرسمية اليابانية أن ينكمش الاقتصاد الياباني بنسبة 5.8% خلال العام الجاري و2.4% خلال العام المقبل. ويقدر حجم الاقتصاد الياباني بنحو 5.2 تريليونات دولار ويعتمد في نموه على الصادرات، إذ إن اليابان ليست من الدول ذات الكثافة السكانية المرتفعة التي تدعم الانتعاش الاقتصادي عبر القوة الشرائية مثلما هو الحال في الولايات المتحدة والصين. 
ويتوقع خبراء أن تعمل الحكومة اليابانية على إنعاش الاقتصاد الياباني عبر آليتين: الأولى نقدية، وهي مزيد من ضخ السيولة النقدية مباشرة في الاقتصاد، ومواصلة سياسة التيسير النقدي التي ينفذها البنك المركزي الياباني منذ شهور. 
والآلية الثانية كينزية، وهي زيادة الإنفاق الحكومي في مشاريع البنى التحتية ودعم الشركات اليابانية التي عانت صادراتها من أزمة كورونا وإغلاق الاقتصادات العالمية خلال الربع الثاني من العام. وكانت الحكومة اليابانية قد أجازت في إبريل/ نيسان الماضي، حزمة تحفيز للاقتصاد بلغت قيمتها 108 تريليونات ين (990 مليار دولار)، أي ما يعادل 20 بالمئة من الناتج الاقتصادي الياباني. 
أما بالنسبة للشراكات التجارية، فلدى اليابان اتفاقية شراكة مع دول الاتحاد الأوروبي، كما أجرت حكومة شينزو آبي أكثر من جولة من جولات المحادثات مع الهند، التي تأمل أن تعوض شركاتها عن السوق الصيني. والهند من الدول التي تعول عليها الشركات الغربية في نقل صناعاتها من التنين الصيني خلال السنوات المقبلة، نظراً لما تتمتع به السوق الهندية من قوة شرائية متنامية وقوى عاملة مؤهلة وكلف رخيصة للوحدات المنتجة. 

كما تعول الحكومة اليابانية على إكمال اتفاقية الشراكة مع الحكومة البريطانية خلال العام الجاري. وتأمل الشركات اليابانية أن تمنحها هذه الاتفاقية فرصة تسويق سياراتها من بريطانيا لباقي أنحاء العالم، ولذلك تطالب بريطانيا بتعرفة جمركية تقترب من الصفر لواردات السيارات.
وتعاني اليابان من نقص كبير في العمالة بسبب التراجع المخيف في عدد المواليد، وتزايد نسبة كبار السن بين السكان، التي تقدر بنحو 28.4% من السكان البالغ عددهم 125.93 مليون نسمة. وهذا العامل هو الذي جعل اليابان تتجه لعقد شراكات تجارية في آسيا وأوروبا تمكنها من نقل صناعاتها الثقيلة خارج البلاد. ولدى اليابان قوانين هجرة مشددة تمنع استقدام العمال الأجانب.
على الصعيد المالي، تعتبر طوكيو من أكبر المراكز المالية والمصرفية في آسيا، كما يعد الين الياباني "عملة الملاذ الآمن" في آسيا، ولكن ربما ستواجه طوكيو منافسة شنغهاي التي تنمو فيها الثروة بخطى متسارعة، كما سيواجه الين منافسة "اليوان الرقمي" الذي أطلقته الصين أخيراً. 
وربما سيكون على اليابان، حسب مراقبين، أن تتجه نحو إطلاق "الين الرقمي" للمحافظة على مركزها المالي والنقدي في آسيا. وحتى الآن تعارض المصارف اليابانية التحول من النظام التقليدي في التعاملات المالية والنقدية إلى النظم الرقمية، إذ إنها تجني مصاريف باهظة من نظام التحويلات التقليدي وتفرض رسوماً تراوح بين 17 و300 ين من الحوالات المالية.

لكن على الرغم من هذه التحديات، فإن اليابان تبقى القوة الضاربة في آسيا بعد الصين، وقد منحتها استثمارات الملياردير الأميركي وارن بيفت البالغة 6.2 مليارات دولار في شركاتها في بداية الشهر الجاري أول صوت ثقة دولي بعد نبأ استقالة شينزو آبي.

المساهمون