الوقود مرادف الحياة

19 سبتمبر 2015
يرفع التجار المحتكرون أسعارهم (فرانس برس)
+ الخط -
سنوات مضت، ومناطق سورية عديدة تصارع من أجل البقاء، في ظل حصار خانق وتجويع ممنهجين. والشحّ يطال كلّ شيء، من المواد الغذائية والطبية إلى المياه والوقود الذي يلعب دوراً أساسياً في استمرار الحياة في تلك المناطق.
أبو حمزة، ناشط في ريف حمص الشمالي، يقول لـ"العربي الجديد"، إن "الريف الحمصي يعاني عموماً من أزمة وقود حادة. والوقود هو الحياة. هو السبيل الوحيد إلى استخراج المياه من الآبار الارتوازية، بعدما جفت تلك السطحية. كذلك يحتاج نقل تلك المياه إلى المنازل، وسائل نقل وضخ تعمل بالوقود".

ويرى أبو حمزة أن أزمة الوقود هي "نتيجة التآمر على الأهالي من قبل التجار والنظام والفصائل المسلحة الصامتة. وفي حين يشدد النظام حواجزه، يرفع التجار المحتكرون أسعارهم. وتسحق الأسعار المواطن". ويلفت إلى أن "المواطن السوري اليوم ليس على قائمة اهتمام أحد.. لا الداعمين ولا النظام ولا التجار".

ويوضح أنه "في الفترة الأخيرة، كان الوقود المتوفّر قليلاً جداً. وقد وصل سعر لتر المازوت الواحد المستورد من مناطق سيطرة تنظيم داعش (الدولة الإسلامية) وهو سيئ التكرير وغير مناسب للاستخدام في المركبات، إلى 500 ليرة سورية (2.7 دولار أميركي). أما البنزين المغشوش فبلغ 600 ليرة (3.20 دولارات)، إن وجد". يضيف أن "الكميات القليلة التي تدخل إلى ريف حمص تأتي في المجمل على الشكل الآتي: 70% من مناطق داعش، في حين يصل ما يتبقى عبر حاجز تير معلة وبواسطة السيارات التي تدخل إلى مدينة حماة التي تقع تحت سيطرة القوات النظامية".

ويتابع أن "الوقود ليس ضرورة فقط من أجل الحصول على المياه. في العام الماضي مثلاً، خرج الناس وراحوا يقطعون أشجار الأحراج للتدفئة، ما تسبب في القضاء على مساحات واسعة من الغابات. وهذا العام بدأوا بتحطيب الأشجار المثمرة، لا سيما من تين وزيتون، استعداداً لفصل الشتاء الذي أصبح على الأبواب".

من جهة أخرى، يقول إن "الوقود، لا سيما البنزين والمازوت، يُستخدم لتشغيل مولّدات الكهرباء، فالنظام قطع الكهرباء عن المنطقة منذ زمن. يُذكر أن الكهرباء تستعمل أيضاً في الطهو، وسط عدم توفّر الغاز الذي وصل ثمن قارورته إلى تسعة آلاف ليرة (48 دولاراً) في حال وُجِد. كذلك تأتي الحاجة إليها لشحن البطاريات من أجل الإنارة وشحن أجهزة الخلوي والحواسيب". ويلفت إلى أن "ثمن الأمبير الواحد من كهرباء المولدات، هو 400 ليرة (2.10 دولار) لمدّة ساعتين يومياً".

من جهته، يقول الناشط أحمد مصطفى، من جنوب دمشق، إن "المناطق السورية تتشارك ألم الحصار الذي يفرض عليها واقعاً مأساوياً متشابهاً. مناطق ريف دمشق المحاصرة مثلاً، تعيش المأساة نفسها تقريباً مع فوارق تكاد لا تذكر". يضيف لـ"العربي الجديد"، أن منطقته "محاصرة منذ نهاية عام 2012، وقد مُنعت عنها أبسط متطلبات الحياة. فكيف بالوقود الذي كان لفترة طويلة خطاً أحمر، بحجة استخدامه من قبل الفصائل المسلحة لقتال القوات النظامية". يضيف: "ويبقى المتضرر الأكبر هو المواطن المدني المحاصر. مع قطع النظام مياه الشرب عن المناطق المحاصرة، اعتمد الناس على الآبار. لكن انقطاع الكهرباء حال دون تشغيل مولدات ضخّ المياه". ويلفت إلى أن "الأمر انعكس سلباً على مستويات النظافة، وأدى إلى انتشار عدد من الأمراض خصوصاً تلك الجلدية".

ويتابع مصطفى أن "هذه المعاناة هي مشتركة مع جميع المناطق المحاصرة في ريف دمشق، التي تحاول اليوم الاعتماد على استخراج الوقود من المواد البلاستيكية التي تُجمع من المنازل المدمّرة أو من الأهالي. هي أصبحت تؤمّن جزءاً من احتياجات تلك المناطق، على الرغم من سوء مواصفاتها وأضرارها البيئية والصحية الكبيرة".

اقرأ أيضاً: أهالي الرستن من دون مياه