الهلال النفطي الليبي... غموض أميركي وملامح صراع روسي إيطالي

11 مارس 2017
ما زال الموقف الأميركي ضبابياً (عبد الله دوما/فرانس برس)
+ الخط -





كشفت كلمة قائد عمليات الجيش الأميركي في أفريقيا، الجنرال توماس والدهاوز، أمام الكونغرس، يوم أمس الجمعة، ضبابية في الموقف الأميركي حيال الأزمة الليبية، بالتوازي مع صمت ظاهر لروسيا وإيطاليا اللتين تبدوان اللاعبين الجديدين في الساحة الليبية.

وقال والدهاوز إن "بلاده تواجه تحدياً كبيراً في ليبيا يتمثل في ضرورة اختيار"، متسائلا خلال كلمته أمام الكونغرس: "مع من نعمل وندعم في ليبيا من أجل مكافحة (داعش) دون التسبب في اختلال التوازن بين الفصائل المتعددة، للحيلولة دون توسع الصراع في هذه البلاد؟".

وأشار إلى "ضرورة تواصل واشنطن مع حكومة الوفاق وقوات الجنرال خليفة حفتر في شرق البلاد، من أجل حثهم على الوصول إلى تسوية سياسية"، لكنه حث أيضا على "دعم جهود حكومة الوفاق من أجل فرض سيطرتها وتحقيق الاستقرار المطلوب، لمواجهة الاضطرابات التي تعد أكبر تهديد قريب الأجل لمصالح أميركا".

وهي تصريحات قد تتضارب مع تصريحات مستشار وزارة الخارجية الأميركية، وليد فارس، قبل نحو أسبوعين، عندما أكد خلال لقاء مع تلفزيون ليبي محلي أن الولايات المتحدة "ستدعم قوات الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر على حساب المليشيات الإسلامية"، قائلا إن الإدارة الأميركية الجديدة ستتعاطى مع حراك حفتر العسكري، "على الرغم من الخلافات السياسية العالمية".

لكن يبدو أن واشنطن لم تبلور رؤيتها الواضحة بشأن ليبيا، فقد لزمت الصمت حيال أحداث الهلال النفطي مؤخرا، حتى وإن كانت قوات ستسعى لدعم حفتر ذاهبة إلى هزيمة كبيرة.

وبدا هذا الصمت مثيرا للاستغراب، لاسيما أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، كان قد انتقد خلال كلماته في حملته الانتخابية طريقة تعاطي إدارة أوباما مع الملف الليبي، متعهدا في أكثر من كلمة بــ"التدخل العسكري للقضاء على (داعش) في ليبيا التي أغرقتها هيلاري كيلنتون في المشاكل"، بالإضافة إلى أن وصوله لسدة الحكم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي جعل الكثير من المراقبين يرى أن تحولاً كبيراً سيحدث في سياسة البيت الأبيض تجاه الشرق الأوسط وليبيا تحديدا، وهو خلاف ما عكسه بيان واشنطن المشترك مع بريطانيا وفرنسا الأسبوع الماضي، المطالب بالتهدئة في الهلال النفطي، من دون أن يشير إلى انحيازها لطرف قوات حفتر المتراجعة.

لكن عاملاً جديداً يبدو أنه قد لاح في أفق الأزمة الليبية ممثلا في خلاف مبطن روسي إيطالي رغم عدم صدور ردات فعل رسمية من طرف الدولتين تجاه هذه الأحداث.

ومن غير الخافي أن الهجوم المباغت لقوات السرايا على منطقة الهلال النفطي، جاء بعد أسبوعين فقط من توقيع مؤسسة النفط بإيعاز من برلمان طبرق، عقدا مع شركة روسنفت النفطية العملاقة المملوكة للدولة الروسية نهاية الشهر الماضي، فهل كان الهجوم بتشجيع إيطالي كرد فعل على تجرؤ روسيا على ترجمة مساعيها في ليبيا إلى أفعال؟

وبتعقب ردود فعل الدولتين إزاء أحداث الهلال، فإن روسيا التزمت الصمت، بينما غابت إيطاليا عن بيان الدول الثلاث الكبرى المندد بالتصعيد العسكري، لتعلن عن أول مواقفها أول من أمس، ترحيبا بسعي المجلس الرئاسي، المقرب أغلب مسؤوليه منها، باستلام موانئ النفط التي سيطرت عليها قوات سرايا الدفاع.

وكمؤشر يعكس شعور الشارع المؤيد لحراك حفتر بوجود إيطالي وراء نجاح سرايا الدفاع في السيطرة على ميناءين، هما الأهم بمنطقة الهلال، اتهم نواب ببرلمان طبرق "إيطاليا بدعمها لسرايا الدفاع عن بنغازي فى الجفرة وإمدادها بالسلاح"، وهو ما نفته السفارة في طرابلس، لتعقبه احتجاجات شعبية في طبرق والبيضاء وبنغازي شرق البلاد، أحرق خلالها المحتجون العلم الإيطالي منددين بما وصفوه بــ"التدخل الإيطالي في البلاد"، حتى إن رئيس لجنة الأمن القومي بالبرلمان، طارق الجروشي، أعلن بصراحة أن إيطاليا تدعم قوات السرايا وتقوم بعلاج جرحى السرايا في مستشفاها الميداني بمصراته.

لكن غموض المشهد العسكري بمنطقة الهلال لا يزال يلقي بظلاله على وضوح الموقف الدولي بشأن الأحداث المتسارعة في اتجاه تعميق الأزمة في البلاد.




المساهمون