الهرولة خلف السعادة قد تورّث الاكتئاب

11 يوليو 2017
سعيدتان (ريتشارد بوهيت/ فرانس برس)
+ الخط -
الضغوط الاجتماعية من المحيطين لدفعنا للشعور بالسعادة، يمكن أن يكون لها تأثير معاكس في الحقيقة، بل يمكن أن تسهم في نشر الاكتئاب. هذا ما أكدته دراسة حديثة صدرت في جامعة ملبورن.

يقول الاختصاصي في علم النفس الاجتماعي والأستاذ المساعد في كلية العلوم النفسية في جامعة ملبورن بروك باستيان: "معدلات الاكتئاب تكون أعلى في البلدان التي تضع مكافأة على السعادة. فبدلاً من كونها مجرد نتيجة ثانوية للحياة الرغيدة أو الجيدة، أصبح الشعور بالسعادة هدفاً في حد ذاته، والوجوه المبتسمة تشع علينا من وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، وخبراء السعادة ينشرون نصائحهم للإصلاحات العاطفية السريعة، ويؤكدون على ضرورة تعظيم المشاعر الإيجابية وتجنب السلبية".

في الدراسة التي نشرت في مجلة "الاكتئاب والقلق" ضمن عدد مايو/أيار الماضي، سعى باستيان وشريكه البلجيكي إيغون ديجونكير وزملاؤهما الباحثون إلى دراسة العلاقة بين التوقعات الاجتماعية بعدم المرور بالمشاعر السلبية وحدوث أعراض الاكتئاب. وشاركت عينة من 112 فرداً يعانون من درجات الاكتئاب المرتفعة، في دراسة يومية على الإنترنت لمدة 30 يوماً استجابوا فيها للأسئلة المصممة لقياس أعراض اكتئابهم (المزاج المنخفض، والتعب، والإثارة، وعدم التركيز)، ومدى شعورهم بالضغط الواقع عليهم من الآخرين كي لا يشعروا بالاكتئاب.

أظهر التحليل الإحصائي للردود أنه كلما شعر أحد المشاركين بضغط اجتماعي حتى لا يشعر بالحزن أو القلق، زاد احتمال ظهور أعراض الاكتئاب. وقدمت الدراسة رؤى جديدة مهمة للعوامل التي تتنبأ بما إذا كان الناس يشعرون بالاكتئاب على أساس يومي. ويبدو أن البيئة الاجتماعية للشخص - الثقافة التي يعيش فيها - تلعب دوراً رئيسياً في تحديد هذا المرض.

يقول الباحثون إن أبحاث الاكتئاب التقليدية تركز عموماً على دور الخصائص الخاصة بالفرد، بمعنى أن الباحثين دائماً ينظرون إلى الجينات والمؤشرات الحيوية والأساليب المعرفية والسلوكية. لكن النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة تشير إلى أن العوامل الثقافية الخارجية تلعب دوراً أيضاً. فواحد من كل خمسة أستراليين يعانون من الاكتئاب، وهو ما يوصف بأنه وباء.

ووجد باستيان وزملاؤه أن الإفراط في التأكيد على السعادة - أهمية البحث عن المشاعر الإيجابية وتجنب المشاعر السلبية - له انعكاسات على كيفية استجابة الناس لتجاربهم العاطفية السلبية "فنحن نعتقد أننا يجب أن نكون سعداء كما توقعنا لأنفسنا، وإذا لم يحدث ذلك، فيمكن أن نصبح بائسين".

المساهمون