الهرم المؤسساتي لـ"داعش" يتخلخل مالياً

25 يناير 2016
ميزانية سنوية للإنفاق (غوهان ساهين/ فرانس برس)
+ الخط -
لا يعتبر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) تنظيماً عادياً، فقد اعتمد سياسة خاصة وانتهج نظاماً يشبه تماماً نظام الدولة بكامل مؤسساته. وبحسب تقاريره التي ينشرها تباعاً على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد أسس التنظيم ما يسمى "بيت مال المسلمين"، والذي يموّل من خلاله حملاته الإعلامية والعسكرية، بالإضافة إلى الاستعانة به لدفع رواتب العاملين لديه كموظفين مدنيين، ومخبرين، وأطباء ومعلمين.
ويعتبر ما يُعرف بـ"بيت مال المسلمين" الصندوق التمويلي الأساسي، حيث يتم جمع الأموال التي يحصّلها التنظيم من السطو على أملاك المواطنين وعلى المؤسسات والمحال والمناطق الزراعية وعلى الثروة النفطية في كل من العراق وسورية، والتبرعات والدعم المالي، ليعاد توزيع هذه الأموال على عناصره وعلى المؤسسات التي قام بإنشائها أو يقوم بإدارتها بعد السيطرة عليها. وتتوافر في "بيت مال المسلمين" مئات الملايين من الدولارات.
وقد تعرّض "بيت مال المسلمين" التابع للتنظيم للسرقة من عدد من أعضاء التنظيم نفسه أكثر من مرة.

إلا أن اللافت هو خبر انتشر خلال الأيام الماضية، أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان، عبر نشر وثيقة صادرة عن بيت المال، تنص على تخفيض رواتب عناصر داعش إلى النصف... وفي حين يشير تقرير مركز البحوث في الكونغرس الأميركي إلى أن التنظيم يدفع رواتب لعناصره ما بين 400 و1200 دولار شهرياً، و50 دولاراً معاشاً لزوجاتهم و25 دولاراً عن كل طفل، فإن لهذا التنظيم شبكة من الموظفين الذين سيتأثرون بقرار خفض الرواتب. ما يشي، وفق عدد من الناشطين، بإمكانية انهيار التنظيم داخلياً، وانفكاك عناصره عنه.
يقول ناشط إعلامي من مدينة الرقة السورية، لـ"العربي الجديد"، إن "التنظيم يوفر الوظائف المدنية والتي نجد أكثرها متوافر أيضاً لدى الدول ذات المؤسسات والمعايير المعترف بها دولياً. وذلك ضمن حملاته الترويجية لكسب عدد أكبر من العناصر وإدراج فكره المتشدد في عقولهم". ويشرح "لاحظنا العديد من الحالات حيث يتم توظيف الشباب كمدنيين، ليلتحقوا في ما بعد بصفوفه العسكرية أو يقومون بإرسال أولادهم إلى الدورات الشرعية والتي يتم فيها أيضاً تعليم منهج التنظيم العقائدي للأطفال والناشئة".
ويشرح ناشط آخر لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم يطلب أخيراً مدرّسين في مجال الرياضيات والعلوم والكيمياء والفيزياء والجغرافيا والتاريخ وكذلك الطب والتكنولوجيا، ويدفع لهم رواتب شهرية ويؤمّن لهم بيوتاً سكنية ويتعهّد بحمايتهم. وتصل أجور المعلمين لدى التنظيم إلى 1000 دولار كحد أدنى". ويضيف: "أما الطلاب في مدارس التنظيم فلا يدفعون أية تكاليف".

أما على الصعيد الإعلامي، فيقول الناشط ن. ع: "أتاح التنظيم المجال للصحافيين والمصورين، والمحترفين في مجال الإنترنت والإنتاج الإعلامي، للعمل لديه وبرواتب مغرية، بهدف ترويج فكره المتطرف، ونشر الرعب في صفوف خصومه عن طريق بث فيديوهات تم تصويرها وإنتاجها بدقة وحرفية عالية". ويتابع: "للتنظيم أيضاً موظفون في القطاع الزراعي والصناعي، وكذلك في مجال الطب والبترول".
وفي هذا الإطار، يقول الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي، لـ"العربي الجديد"، إن "هذا التنظيم يمتلك موازنة سنوية، يقوم بإنفاقها على حملاته العسكرية والإعلامية، بالإضافة إلى دفع أجور العاملين لديه والمتعاملين معه. أما في ما يخص الميزانية التي يمتلكها هذا التنظيم، فقد استعان بتجارة البترول في المناطق التي سيطر عليها من جهة، بالإضافة إلى تجارة الآثار والثروات المحلية من جهة أخرى". ويضيف أن "الدولة التي تؤسس بالقوة والعنف فإنها لكي تستمر ستظل تمارس تلك القوة وذلك العنف بلا شك. وعلى هذا، فإن المال هو أكبر مصادر القوة لدى هذا التنظيم"، معتبراً أن تجفيف منابع أموال التنظيم يساهم بلا شك في تسريع انهياره.

اقرأ أيضاً: منظومة "داعش" الاقتصادية: قابلة للاستمرار وتشكيل "دولة"؟
المساهمون