الهجوم خير وسيلة للدفاع.. هل انقلبت الآية في إيطاليا؟

07 يناير 2015
جانب من مباراة يوفنتوس وإنتر ميلان
+ الخط -


خطط اللعب مجرد أرقام تليفونات، بدأت الأفاعي بطريقة 4-3-2-1، وتغيرت مع مجريات اللعب إلى 4-3-3، وتحولت في النهايات إلى 4-4-2، لذلك كل هذه المسميّات مجرد حبر على ورق، لأن العبرة بالتحركات وتغطية المراكز من أجل السيطرة على مجريات اللعب والتحكم في الفراغات، وهذا ما شهدته ملاعب الكالشيو هذا الأسبوع، مع قمة مشتعلة من البداية للنهاية، بين الغريمين الكبيرين: يوفنتوس وإنتر في قمة من نوع خاص.

تكتيك الريشة
تخلى المدرب روبرتو مانشيني عن قرار اللعب بمهاجمين في الأمام، في سبيل السيطرة على منطقة المناورات، عن طريق البدء بثنائي وسط على الأطراف أشبه بالريشة، أو كما يُعرف فنياً باسم "الشوتلرز"، أي اللاعب الذي يتألق في المناطق المزدوجة بين وسط الارتكاز وجبهة الجناح. لذلك كان من الصعب جداً تحديد طريقة لعب إنتر ميلان خلال كلاسيكو إيطاليا.

يلعب ميدل أسفل الوسط، لاعب التشيلي كالوتد، لا يكلّ ولا يملّ، يحرث الملعب من دون رفاهية، لذلك يُعطي كامل الحرية لزملائه من أجل الزيادة العددية. وهذا ما يريده المدير الفني الجديد، حتى يتمكن من تطبيق أفكاره الخاصة بإشراك لاعبي الريشة على اليمين واليسار، جوارين وبودولسكي البديل مكان كوزمانوفيتش، حتى جاء الهدف من تمريرة فريدي، وزادت الخطورة بعد نزول النجم الألماني لوكاس بودلوسكي القادم من أرسنال.

رباعيات السيدة العجوز
ترك أليجري سريعاً فكرة الثلاثي الخلفي، واختار اللعب برباعي الدفاع، ومربع الوسط، خلال المباريات الأخيرة، فحصد الفريق تنوعا أكبر على مستوى اللعب من العمق والأطراف، مع تمركز بيرلو في الخلف كصانع لعب، وتقدم بيرلو إلى الأمام خلف عناصر الهجوم، مع وجود مد حقيقي من جانب بول بوجبا وماركيزيو على طرفي الملعب.

يمتاز حامل اللقب بقوة هجومية كبيرة، وتفوق عددي في الأمتار الأخيرة من الملعب، بسبب قدرة لاعبي الوسط على التوغل وسط دفاعات المنافسين، مع وجود مناوشات مستمرة من تيفيز ويورينتي. لذلك يلعب الفريق دائماً برأسي حربة، حتى يتم تشتيت الرؤية داخل منطقة الجزاء، وإفساح الطريق أمام القادمين من الخلف.

لكن دائماً ينقص البطل شيء ما، ربما فيدال ليس صانع لعب صريحا، وبالتالي فإنه يفتقد إلى اللمسة الساحرة في الثلث الأخير، بالإضافة إلى عدم وجود جناح حقيقي ومتمرس داخل المستطيل، فيؤدي ذلك إلى زيادة العبء على منطقة العمق، وقيام لاعبي الارتكاز بمهام مضاعفة، لسد العجز على الأطراف، مما يجعل المنحنى في حالة هبوط خلال الأمتار الأخيرة من عمر المواجهات الكبيرة.

الثنائيات
ميزة وسط يوفنتوس أنه ذو صبغة صريحة من اللعب المباشر، أي الرغبة المستمرة في القطع من المنتصف إلى قلب الهجوم. وإذا اتجهنا إلى لغة الأرقام، سنقول إن يوفنتوس سجل هذا الموسم في الكالشيو 35 هدفا، جاء ستة منها عن طريق الأماكن البعيدة، بينما النسبة الباقية كانت من داخل منطقة الجزاء أو مشارفها، وهذا ما يتقنه زعيم تورينو كثيراً.

هدف التقدم يعبر باختصار عن سياسة السيدة العجوز في مراحل الحسم، لأن فيدال يأتي دائماً من وضع الحركة بدون رقابة، يتحرك "البوكس" في القنوات الشاغرة بين قلب الدفاع والظهير، لاعب الارتكاز وزميله، منطقة الوسط وخلفيتها الدفاعية، لذلك يحصل على المكان السليم الذي يسمح له بالتمرير القاتل أو التسديد المباشر.

ومن أجل صحوة الإنتر، كان الجواب الفوري هو المايسترو الصغير كوفاسيتش، اللاعب الذي أراده مانشيني في مركز "التريكوارتيستا" كصانع لعب متقدم، لكنه عاد للخلف مرات عديدة، لكي يصنع التوازن الدائم في منطقة الوسط، ويسمح لزميله ميدل بالحركة أمام الدفاع، ومقابلة وسط يوفنتوس الراغب في اقتحام خط الدفاع الأخير.

لا دفاع
يلعب اليوفي بثنائي هجومي في الأمام، بينما دفع الإنتر بمهاجم صريح، وتحته أكثر من لاعب متحرك، وكانت الخطورة أكثر لصالح الفريق القادم من ميلانو، بسبب فكرة التحركات واللعب في أكثر من مركز مختلف خلال المباراة الواحدة. وهذا ما نجح فيه هيرنانيز خلال المواجهة، وفشل فيه هدافو أصحاب الأرض على الجانب الآخر.

يلعب البرازيلي، في الأساس، كلاعب وسط ثالث، لكنه تألق في مركز جديد نوعاً ما، إنه نصف لاعب وسط ونصف صانع لعب، وأحياناً يتحول إلى نصف مهاجم رفقة إيكاردي. وشكّل اللاعب ضغطا غير عادي على أندريا بيرلو، لدرجة عودة ماركيزيو كثيراً إلى الخلف لمعاونة الريجستا، حتى نزول بودولسكي الذي أجبر كلاوديو على العودة إلى الوراء، وترك المركز 4 وحيداً أمام سموم الأفاعي.

وعلى نقيض القمم الكلاسيكية، اندفع الفريقان نحو الهجوم الضاغط، وأراد كل فريق الثلاث نقاط، لذلك كانت الدقائق الأخيرة هي الأجمل والأكثر إثارة، هجمة هنا وأخرى هناك، مع مساحات بالجملة خلف كل وسط، بسبب التقدم الزائد عن الحد، لتنتهي المباراة على وتيرة الفرص الضائعة والمرتدات الخطيرة، عكس قواعد اللعبة الإيطالية.

المساهمون