النمو المغربي

29 أكتوبر 2014
القطاع المصرفي المغربي(عبد الحق سنا/فرنس برس/getty)
+ الخط -
يمثل القطاع المصرفي المغربي صناعة خدمية هامة، تساهم بشكل مؤثر في تمويل التنمية الاقتصادية وتنشيط السياسات العامة. ويأتي ذلك عبر دعم المنشآت الصغرى والمتوسطة وتوفير الموارد المالية اللازمة لزيادة النمو. علاوة على الدور المحوري للمصارف في تحديد التوجهات النقدية من خلال سعر الفائدة الرئيسي. 
وبناء على ما تقدم، يعتبر القطاع المصرفي المغربي رافعة للإنماء والحصن المنيع للدينامية الاقتصادية.
لقد انتهج المغرب إصلاحات بنيوية للقطاع المصرفي منذ تسعينيات القرن الماضي. أولها تحرير القطاع المصرفي وتشجيع إنشاء المصارف. ثم تطوير مفهوم المصرف الشامل الذي يمول قطاعات مختلفة، ويجمع بين مهن مالية متعددة كالقروض والادخار والتأمين والاستثمار. ووضع الشروط التنافسية بين المصارف التابعة للدولة ونظيرتها الخاصة. بالإضافة إلى تعزيز القواعد الحمائية وتكثيف قدرات المرونة للحفاظ على سلامة المنظومة المصرفية من الاستنزاف المالي الذي ينذر بالأزمات الاقتصادية.
وعلى هذا الأساس، حصل تطور ملموس في المحصلة المصرفية، حيث ارتفعت معاملات القطاع بنسبة 7% خلال عام 2013، ووصل صافي الإنتاج المصرفي إلى 37.5 مليار درهم. فضلاً على تحوّل القطاع المصرفي إلى أكثر القطاعات الاقتصادية جذباً للاستثمارات الأجنبية بما يقارب 60%. ويتمتع القطاع المصرفي المغربي بجدارة مالية وائتمانية مطابقة للمعايير الدولية ولتوصيات لجنة بازل. فالقطاع محمي بإطار قانوني وتنظيمي يديره المصرف المركزي المعروف بمصرف المغرب الذي يمارس رقابة شديدة على القطاع.
كل هذه المؤهلات، دفعت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيف الائتماني، أن تصنّف القطاع المصرفي على أنه في حالةٍ جيدة، وأنَّ لهُ جاهزيَّة لمواكبة التحديات بالرغم من ارتباطه الوثيق بالسوق الأوروبية التي تعاني ركوداً في المجال المصرفي.
ويسير القطاع المصرفي في المغرب بخطى تصاعدية، جعلت ثلاثة مصارف مغربية ضمن أفضل ألف مصرف في العالم، حسب التقرير الأخير لمجلة "ذ بانكر" العالمية.
ويتشكل المشهد العام للقطاع المصرفي في المغرب من 19 مؤسسة، منها 8 مؤسسات كبرى وجامعة للأنشطة، و6 مصارف مدرجة في بورصة القيم بالدار البيضاء. إلا أن مشكلة فعلية تحيط بالنشاط المصرفي المغربي، وهي ارتفاع معدل التركّز.
إذ تهيمن أربعة مصارف فقط على 74% من الحصة السوقية لنسب الإيداع والاقتراض. وبهكذا معدلات ترتفع حدة المخاطر، مع تراجع التنافسية داخل القطاع. ناهيك عن احتكار مشترك للقطاع بين الدولة المساهمة في ستة مصارف والرأسمال الفرنسي الحاضر بقوة في سبع مؤسسات.
برغم ذلك، تبدو الآفاق المستقبلية للقطاع المصرفي في المغرب واسعة. حيث يسجل حضوراً ملحوظاً للمصارف المغربية في القارة الأفريقية، التي أصبحت بمثابة العمق الاستراتيجي للخدمات المصرفية المغربية. إلى جانب اقتراب دخول المالية الإسلامية للسوق المغربية، وما تعد به من تطلعات لزيادة نمو القطاع بنسبة 20%. وكذلك، فإن معدل ولوج المغاربة للخدمات المصرفية في ارتفاع مطرد وصل إلى ما يقارب 65% هذا العام.
وتتجلى رهانات القطاع المصرفي المغربي في تبسيط للإجراءات الإدارية، والحد من الريع الاقتصادي عبر تمويل القطاعات الاقتصادية الإنتاجية.
المساهمون