فبحسب وزير الهجرة في الولاية النمساوية، غوتفريد فالدهاوسل، من حزب "الحرية" القومي المتشدد، سيصبح إلزاميا التوقيع على ورقة تحمل الوصايا العشر في هذه الولاية، وهو مقترح يأمل الوزير، المعروف عنه مواقفه المتصلبة تجاه المهاجرين وطالبي اللجوء، كما في مقترحات سابقة بحظر التجوال بعد ساعة معينة من المساء، تعميم "الوصايا" على النمسا. وآليات الالتزام بالوصايا العشر "تترافق حتى مع دراسة طلب اللجوء".
لكن ماذا تطلب هذه الوصايا المثيرة للجدل اليوم؟
بعض الوصايا التي أثارت غضب المعارضة والصحافة، بسبب التسمية أولا ولأنه "معمول بها أصلا"، تذهب إلى إلزام المهاجرين بقضايا بديهية، فبحسب ما جاء حرفيا في صحيفة "دير ستاندرد" تذهب الوصية الأولى إلى الطلب من الأجانب: تعلم اللغة الألمانية. وفي الوصيتين الثانية والثالثة نقرأ: التزم بالقوانين النمساوية وتبنّ القيم النمساوية. وتتواصل قائمة "الوصايا" لتشمل ما يشبه مطالب بأن "لا تحل الصراعات باللجوء إلى العنف، واحترم الحريات الدينية، تجنب المعاناة غير اللازمة للحيوانات".
لكن الوصية الأكثر إثارة للانتباه تلك التي تطلب من الأجنبي "إظهار الامتنان والعرفان للنمسا"، فقد اعتبر هذا السياسي في حديث مع موقع صحيفة "دي فيلت" الألمانية أنه يهدف من خلال هذه الوصايا إلى "نشر متطلبات سلوكية أمام اللاجئين ليلتزموا بها".
الوزير فالدهاوسل يعد بأن "هذه المقترحات ستطبق خلال وقت قصير". ويشرح وجهة نظره بالقول إنه "بمجرد وصولهم إلينا سيتلقى طالبو اللجوء إلى جانب الأوراق الاعتيادية ورقة تحمل الوصايا العشر التي يجب أن يتعهد بالتوقيع والالتزام بها، وسنوفر دورات حول قيمنا في مشاريع الدمج بالتدريس بخمس عشرة لغة".
وكان الوزير قد أثار هذه القضية في مؤتمر صحافي عقده الإثنين الماضي مركزا على نقطة إظهار "الامتنان" للنمسا من قبل من يستقبلهم البلد، مهاجرين ولاجئين، معتبرا أن "هذا أمر طبيعي، فنحن نمنح هؤلاء الناس الحماية (اللجوء) ونتوقع منهم أن يظهروا عرفانهم لنا".
ويرد الرجل على الانتقادات التي وجهت إليه، باعتبار أن ما سماه "الوصايا العشر" بالأصل هي قضايا يجري التطرق إليها في دورات وفترة الدمج، أنها "ما يجري بثه من معلومات حول القيم في النمسا قليل، وعلينا التركيز بقوة على مسألة مركزية تتعلق بقيم التعايش والمساواة بين الرجل والمرأة والالتزام بالديمقراطية ودولة القانون، ومعرفة معلومات يومية وعن التعليم والنظام الصحي وكيفية التصرف في البيوت وفرز القمامة".
وتشير صحيفة دير ستاندرد النمساوية إلى أن "الرجل يريد إظهار سياسته المتشددة تجاه الأجانب وطالبي اللجوء، ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، اقترح ما سماه "معاملة خاصة لطالبي اللجوء المراهقين الذين لا يلتزمون التصرف الجيد" بسجنهم خلف سياج وعزلهم عن المجتمع" في معسكر دراسينهوفين على الحدود التشيكية. وكان يسار الوسط اعتبر مقترحاته المتشددة بمثابة "اغتيال للبشر". وكشف النقاب لاحقا عن قضايا فساد في إدارة بعض نزل اللجوء في الولاية، ما اضطر لإغلاق أحد تلك المعسكرات.
وحين سُئل الوزير عما إذا كان سيعاقب من يرفض التوقيع على "الوصايا العشر" أجاب بأنه لا يوجد عقوبة "لكن لا أظن أن هناك إنسانا محترما يرفض الوصايا"، بحسب ما ذكر في مؤتمر صحافي في مدينة سانت بولتين في ولاية النمسا السفلى.
ويصر الوزير غوتفريد فالدهاوسل ضمن مقترحاته تشديد سياسة اللجوء على أنه "في المستقبل سيتعين على الحاصلين على الحماية/اللجوء الثانوي (المؤقت) أن يجدوا بأنفسهم مسكنا خلال خمسة أشهر". وبحسب الأرقام التي ذكرها يوجد في ولايته، النمسا السفلى، نحو 3600 طالب لجوء (من غير الحاصلين بعد على إقامة) ومن بينهم 165 قاصرا بلا رفقة.
ورغم الانتقادات التي وجهت لفيينا بسبب تشددها في قضايا اللجوء، منذ اعتلاء اليمين المتشدد والمحافظين للحكم، برئاسة المستشار سبيستيان كورتز، إلا أن النمسا فرضت تعديلات كثيرة وصارمة على سياسة الهجرة، ويسعى كورتز بالتعاون مع دول أخرى، من بينها الدنمارك، للدفع بسياسات متشددة في الاتحاد الأوروبي، ترتكز في معظمها على إقامة معسكرات ترحيل في دول غير عضو في الاتحاد الأوروبي.
وشهدت النمسا، كما شهدت غيرها من دول أوروبا، انخفاضا في أعداد طالبي اللجوء خلال العام الماضي وبنسبة 46 في المائة، حيث تقدم في 2018 حوالي 12.500 شخص بطلب اللجوء في البلد.