النفط يدق جرس الإنذار

14 مارس 2016
موديز تخفض التصنيف الائتماني للدول العربية(Getty)
+ الخط -
خفضت وكالة "موديز" للتصنيفات الائتمانية، مطلع الشهر الحالي، التصنيف الائتماني لديون السعودية وثلاث دول خليجية أخرى، من بينها خفض تصنيف البحرين الائتماني إلى حالة "غير المرغوب فيه" والسعودية إلى AA3، (الالتزامات ذات نوعية مرتفعة ومعرضة لدرجة منخفضة من المخاطر)، إضافة إلى وضع هذه الدول قيد المراجعة من أجل تخفيض آخر محتمل للتأكد من قدرتها على توسيع إيراداتها غير النفطية وتنويع اقتصادها. مشيرة إلى "القلق المتنامي" إزاء تأثير انخفاض أسعار النفط على مواردها المالية.
ورغم امتلاك السعودية احتياطات ضخمة من العملات الأجنبية، تقدر بنحو 640 مليار دولار نهاية العام الماضي، لا تزال الأصوات ترتفع مطالبة بسحب أموال إضافية من هذه الاحتياطات مع تزايد الحاجة لتمويل العجز المتوقع في الموازنات العامة المستقبلية، مع تدخل السلطات المالية للدفاع عن ربط العملة المحلية المتهاوية بالدولار الأميركي القوي.
ولم تسلم الإمارات والكويت وقطر من خفض تصنيفها الائتماني من قبل وكالة موديز، ووضعها أيضاً، قيد المراجعة من أجل خفض آخر محتمل، وذلك بعد أن كان يُنظر إلى هذه الدول على أنها أكثر قدرة على التعامل مع حقبة من النفط الرخيص بسبب الاحتياطات المالية الضخمة التي تمتلكها مقارنة بعدد سكانها الصغير. ورغم إقرار الوكالة بخطط الإمارات المتعلقة بالإصلاحات الضريبية وتوجه الدولة نحو تنويع اقتصادها، لا تزال الاضطرابات الحادة في سوق النفط تعمل على إضعاف الميزانية العمومية للدولة وبالتالي، تُضعف وضعها الائتماني.

تخفيضات مستمرة

وبالمثل، قامت وكالة موديز بخفض التصنيف الائتماني للبحرين، التي لديها احتياطيات مالية وصادرات نفطية أقل بكثير من جيرانها، وبواقع درجة واحدة إلى BA1، وهو تصنيف يعتبر دون "درجة الاستثمار"، ووضعتها، أيضاً قيد المراجعة من أجل خفض آخر محتمل. وفي أواخر الشهر الماضي، خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان، الدولة الأخرى بين الدول الست الغنية بالنفط في منطقة الخليج، بواقع درجتين إلى A3، ووضعتها قيد المراجعة، أيضاً.

تبعت إجراءات "موديز"، هذه، تخفيضات جماعية أخرى للتصنيف الائتماني لدول الخليج النفطية ومن قبل وكالة أخرى هي "ستاندرد أند بورز"، حيث قامت بتخفيض تصنيف السعودية بواقع درجتين إلى (A سالب)، أي ثلاث درجات أقل من تصنيف وكالة موديز، بينما خفضت تصنيف البحرين إلى حالة "غير المرغوب فيه".
ولا يختلف الحال كثيراً بالنسبة للكويت، فهي تعتمد اعتماداً كبيراً على النفط والغاز لدفع عجلة النمو الاقتصادي لديها ولتمويل إنفاقها الحكومي، حيث شكل النفط والغاز أكثر من 89٪ من إجمالي صادرات السلع، وحوالي 60٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014، كما أنه شكل نحو 80٪ من إجمالي الإيرادات الحكومية. وعلى افتراض اعتماد الكويت على مزيج من مصادر التمويل الضرورية والتي تشتمل على إصدار سندات دين، بنسبة أكبر، وعلى السحب من احتياطاتها المالية، بنسبة أقل، فإن هذا يعني ارتفاعاً في الديون الحكومية العامة إلى 25٪ كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2019، ارتفاعاً من 8٪ في عام 2014.
وتدير الكويت نظاماً لسعر الصرف يعتبر أكثر مرونة مقارنة بباقي دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يرتبط الدينار الكويتي بسلة من العملات بدلاً من الدولار الأميركي. مع ذلك، وفي غياب معلومات رسمية عن مكونات سلة العملات هذه، فمن المرجح أن يهيمن عليها الدولار الأميركي. خلال عام 2015، انخفضت قيمة الدينار الكويتي بنسبة 4٪ مقابل الدولار الأميركي، ولكنه ارتفع بواقع 1٪ منذ بداية العام، ما جعل تأثير انخفاض قيمة العملة على عائدات الدولة من النفط والغاز محدوداً للغاية. مقابل ذلك، تراجعت احتياطات النقد الأجنبي في البنك المركزي الكويتي إلى 26 مليار دولار بنهاية العام الماضي، من 30 مليار دولار في العام الذي سبقه، ما يقلل من قدرة الاقتصاد الكويتي على الصمود في وجه تراجع أسعار النفط في المستقبل.
في الواقع، ستواجه دول مجلس التعاون الخليجي صعوبات، على الأرجح، من أجل سداد نحو 100 مليار دولار من الديون خلال العامين المقبلين، في ظل تباطؤ معدلات النمو، وارتفاع الأسعار، وخفض تصنيفها الائتماني.
لهذا السبب، فإنه من المتوقع أن تواصل دول مجلس التعاون الخليجي، التي تنتج مجتمعة حوالي ربع نفط العالم، إصلاحاتها غير المسبوقة لدعم مواردها المالية العامة، والتي شملت إجراءات تقشفية وخفض الدعم على المشتقات النفطية وخطوات لزيادة مداخيلها غير النفطية. في الوقت التي تكافح فيها أسعار النفط من أجل مواصلة مسيرة الصعود التي بدأتها منذ وصولها إلى أدنى مستوياتها في 12 عاماً.
(خبير اقتصادي أردني)
اقرأ أيضاً:لعبة النفط... إغراق ثم إحراق
المساهمون