النفط ونمو المنطقة العربية

22 ابريل 2015
المؤسسات الدولية مهتمة بمؤشر أسعار النفط (Getty)
+ الخط -
يبدو أن للنفط سرّه الكبير في نمو اقتصادات الدول، سواء من حيث الاستمرار على مستوى معيّن أو الصعود والهبوط. ولذلك نجد أن المؤسسات الدولية مهتمة بمؤشر أسعار النفط في رسم السياسات الاقتصادية وتحديد أرقام النمو ومسار عملية التنمية البشرية في الدول، كما نجد أن التقارير التي تصدر عن المؤسسات الدولية تعطي رؤى للتوقع للمرحلة المقبلة.

ومن بين هذه التقارير تقرير صندوق النقد الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي الذي نشر قبل أسبوع، وتضمن توقعات اقتصادية مثيرة للاهتمام بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

يشير التقرير إلى أن معدلات النمو الاقتصادي بقيت متواضعة في مختلف بلدان المنطقة في عام 2014 في ظل تراجع أسعار النفط واحتدام النزاعات واستمرار أجواء عدم اليقين بشأن السياسات، ولا يُتوقع تحقيق تحسن كبير هذا العام، ويرجع انخفاض التوقعات بالنسبة لنمو المنطقة ككل، مقارنة بما ورد في عدد تشرين الأول/ أكتوبر ­2014 إلى بلدان المنطقة المصدرة للنفط على وجه التحديد.

ففي البلدان المصدرة للنفط، من المتوقع أن يظل النمو بدون تغيير يذكر في عام 2015، عند 2.4% (مما يعكس انخفاض التوقعات بمقدار 1.5 نقطة مئوية مقارنة بعدد أكتوبر/ تشرين الأول 2014 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي)، وأن يرتفع إلى 3.5% في عام 2016.

وكما هو معروف فإننا نجد أن إنتاج النفط وأسعاره إلى جانب الصراعات المستمرة في المنطقة، يشكل مخاطر كبيرة على الآفاق الاقتصادية، إذ إنه منذ تموز/ يوليو عام 2014 ولغاية آذار/ مارس 2015 عانت معظم البلدان المصدرة للنفط خسائر كبيرة نتيجة انخفاض أسعار النفط، ويتعين عليها إعادة النظر في الخطط المتوسطة الأجل لتصحيح أوضاع المالية العامة. وفي البلدان المستوردة للنفط بالمنطقة، من المتوقع أن يرتفع النمو من 3% في العام الماضي إلى 4% في 2015 (دون تغيير عما ورد في عدد أكتوبر/ تشرين الأول 2014 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي) وأن يصل إلى 4.4% في عام 2016، ومن المتوقع أن تزداد قوة الطلب المحلي مع زيادة الثقة، وتراجع أسعار النفط، ومن ثم انخفاض عبء فاتورة النفط على المالية العامة للدول غير النفطية. ومن شأن التعافي الاقتصادي في أوروبا أن يدعم نمو الصادرات، معوضاً الآثار السلبية الناجمة عن تباطؤ النمو في بلدان المنطقة المصدرة للنفط.

ولذلك نجد أن آفاق الاقتصاد في المنطقة باتجاه قصور النتائج عن التوقعات، نتيجة للتغيرات الجيو- استراتيجية، ويُخشى أن تؤدي التوترات السياسية - الأمنية المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو أي انتكاسات في عمليات التحول السياسي إلى إضعاف حركة التجارة، وثقة المستثمرين والمستهلكين، وجهود الإصلاح الاقتصادي، والاستقرار الاقتصادي الكلي لدول المنطقة.

ورغم تزايد معدلات النمو الاقتصادي لدول المنطقة، فإنها لا تزال منخفضة بما لا يسمح بحدوث تغيير يُذكر في معدلات البطالة المرتفعة في مختلف أنحاء المنطقة، وخاصة بين الشباب، ويتعين إجراء إصلاحات هيكلية فى مختلف الأصعدة لتحسين آفاق الاقتصاد على نحو شامل وقابل للاستمرار.

إن المشكلة الأساسية للاقتصادات الريعية وخصوصاً الدول النفطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي مازالت تواجه تحديات كبيرة من جهة، نتيجة الصراع وعدم الاستقرار المرير في المنطقة والذي قد يستمر في الأفق القريب يجعل مناورة هذه الدول قليلة وغير قادرة على وضع سياسات واضحة لعدم اتضاح صورة المستقبل بصورة دقيقة.

إن وضع سياسات قادرة على إدارة التنوع في عوائد النمو لاقتصاداتهم سيجنب الدول النفطية الجمود الذي قد يحدث من جهة السوق والأسعار أو الاستقرار واستمرار الإمدادات للشحنات النفطية من المنافذ البحرية وذهابها إلى المستهلكين بصورة سلسة سيسهم في دفع النمو الاقتصادي لدول المنطقة، ولذلك نجد الدول تسعى إلى العمل على بناء أداء اقتصادي يسهم خلال المرحلة المقبلة بتنشيط الأداء الوطني والإقليمي إضافة إلى الاقتصاد الدولي.

إن العالم يتطلع إلى استقرار منطقة الشرق الأوسط والتي أثقلت بالصراعات وعدم الاستقرار منذ الربيع العربي ولغاية الآن، ويبدو أن الوقت قد حان لتستقر المنطقة وخصوصاً بعد التنافس في الرؤى حول السوق النفطية الدولية والتي ساعدت في فترة ما، من ازدهار الاقتصادات النفطية، وفي فترة هبوط الأسعار أدّت إلى اختلال الأداء الهيكلي للاقتصاد، مما جعل النمو الاقتصادي أمام تحدّ كبير، ولذلك سيكون الترقب للربع الأخير من عام 2015 مؤشراً على انفراج أزمة النمو أم لا.
(خبير نفطي عراقي)

إقرأ أيضا: انفتاح البورصة المصرية لاحتواء الشركات الناشئة
المساهمون