النفط المذنب البريء

20 سبتمبر 2015
تذبذبات في أسواق المال(Getty)
+ الخط -
شهدت غالبية الأسواق المالية تأثراً واضحاً بتقلبات أسعار النفط نتيجة العرض والطلب. إلا أن تقلبات أسعار النفط، لم تكن الوحيدة التي أثرت على السوق النفطية، وبالرغم من ذلك، فقد خرج الكثير من المستثمرين من الأسواق المالية في أوضاع أقل ما يمكن وصفها بأنها متدنية من حيث العائد الحالي أو المتوقع كنتيجة لقرارات البيع والاستفادة من التغير السعري الذي يفترض به أن يحقق أهدافاً معينة، أو أن يكون عند حدود وأمنيات المتداولين للحصول على ثروات سريعة، توفر لهم رؤوس أموال، إما لمتابعة الاستثمار في الأسواق المالية أو لمشروع آخر أقل مخاطر وأكثر استقراراً.


تذبذبات السوق

يرجع الكثير من المحللين والمراقبين في الشأن المالي الهلع الذي أصاب الأسواق المالية عامة والخليجية خاصة إلى الأحداث التي مرت بها السوق الصينية من جهة، وإلى تذبذبات أسواق النفط من ناحية أخرى، والتي أدّت إلى تراجعات كبيرة جداً في سعر النفط، الذي بلغ مستويات تاريخية من التراجعات ومستويات حققت مخاوف لدى الدول النفطية خاصة.
وقد يتفق الكثيرون عند تحليل الوضع بشكل دقيق على ارتباط الأسواق المالية الخليجية بالسوق النفطي، إذ إن أي تراجع في أسعار النفط ينعكس على الموازنات المرتبطة بالمورد الأساسي للكثير من تلك الدول أي النفط، والتي ستتأثر سلباً. وبالمحصلة ستنخفض العوائد النفطية مع انخفاض الأسعار لبرميل النفط ووسط التضخمات المالية المتتالية عالمياً للسلع الاستهلاكية النمطية والخدمات.

ولهذا الارتباط مسار آخر عبر المصروفات التي تتزايد للعناية بمتطلبات الدولة الحياتية العادية ولمشاريع البنى التحتية، فضلاً عن مشاريع قد ترتبط بتحسين الخدمات أو الطرق أو بناء مدن جديدة أو حتى مشاريع تنموية أكثر تعقيداً وأكثر كلفة مالية وأطول إنجازاً للفترة الزمنية، مما يسبب عجزاً مؤقتاً أو طويلاً للموازنات العامة للدولة، ويتيح لها حلين أساسيين وهما إما توقيف تلك المشاريع أو الحصول على تمويل أكثر كلفة مالية، ويضع بذلك عبئاً على الدولة لفترة زمنية تترقب من خلالها عودة أسعار النفط لمستويات التعادل.
لا شك أن أسعار التعادل هنا للدول النفطية، هي تلك الأسعار التي يصل إليها النفط ليحقق توازنا ما بين الإيرادات والمصروفات بغض النظر عن السعر المسجل به البرميل في تلك الموازنة، وهو عادة ما يكون أعلى من السعر المتوقع للإنتاج النفطي للدولة في أحوال التراجعات المتكررة لأسعار النفط، كما يحدث حالياً.

اقرأ أيضاً:shemitah أسواق المال

موارد الدولة النفطية

حاولت الدول النفطية منذ سنوات طويلة أن تخفض من مدى الارتباط المباشر ما بين الإيراد العام للدولة والاعتماد على المورد الأحادي وهو النفط. وقد نجحت بعض تلك الدول في خفض نسب التأثير. فيما فشلت دول أخرى في الحصول على موارد بديلة استراتيجية.
وعلى الرغم من معرفة الكثير من تلك الدول بأهمية القطاع الخاص، ودوره المحوري، وأهميته في أن يأخذ بزمام الأمور لعدد كبير من القطاعات التي تهيمن عليها الدولة عبر إدارة تعتريها الفساد والفشل، إلا أنها لا تزال بعيدة عن الدعم المستحق للقطاع الأهلي الذي يجب أن يكون النواة الأساسية للاقتصاد حتى تتفرغ الدولة للمشاريع الكبرى من جانب الإشراف لا التنفيذ.
وعلى الرغم من وجود عدد قليل من شركات القطاع الخاص بدول مجلس التعاون الخليجي والتي تعمل في قطاع الطاقة وتحديداً للصناعات النفطية، إلا أن التأثر بالسوق النفطية كان واضحاً عبر أسواق رأس المال عندما تهاوت البورصات في الأشهر الأخيرة وتحديداً منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، وهذا ما يؤكد فشل الإدارات الحكومية في دعم الاقتصاد ودعم القطاع الخاص الذي يجب أن يكون هو السند للدولة في الأزمات عبر استقرار في الأداء والإنتاج وزيادة الاعتماد عليه في رفع معدلات الدخل القومي وغيرها من النسب المالية.
وإذا ما قسمنا القطاع الخاص لقسميه الأساسيين من شركات تقدم منتجات ملموسة، وشركات تقدم خدمات، نجد أن الدول العربية ارتفع بها عدد الشركات العاملة بالخدمات، بدءاً من القطاع المصرفي والمالي وقطاع الاتصالات وغيرهما، وهذا يؤكد الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل عبر دعم الشركات في الصناعات الخفيفة والثقيلة، إلى جانب دعم الشركات ذات المشاريع الصغيرة والمتوسطة حتى تكون هي محفزة الاقتصاد وليس العكس.
وخلال النصف الأول من العام، تظهر بيانات الكثير من الشركات في الأسواق المالية الخليجية مستوى نمو جيدا في بياناتها المالية، حيث يجعلها عرضة للاستثمار السريع على أقل تقدير، كونها في مستويات سعرية متدنية جداً وجاذبة للتدفقات المالية سواء المحلية أو تلك التي تأتي عبر محافظ لمستثمرين أجانب وبصبغة الأموال الساخنة التي يعتمد عليها في تنشيط المضاربة الإيجابية في البورصات عموماً.
(خبير مالي كويتي)

اقرأ أيضاً:الرياضة العربية خارج البورصات
المساهمون