من جديد، تعود فضائح النفايات الطبيّة إلى الواجهة. وكم من مرّة فُتح هذا الملف البيئي الخطر وعاد ليُقفَل بسحر ساحر.
ولعلّ آخر صرخة إنذار مدوية كانت تلك التي أطلقها وزير البيئة محمد المشنوق، بعدما اطلع على صور حديثة لنفايات طبيّة تمّ التخلّص منها في الخلاء، فاستقرّ بعضها في قاع البحر وبعضها الآخر في الجبال.
واليوم، بعد الإنذار الذي وجّهه المشنوق إلى جميع المستشفيات العاملة في لبنان والمختبرات والعيادات الخاصة وعيادات أطباء الأسنان ومراكز التجميل، هل سيُؤخذ الملف على محمل الجدّ؟
يُنتج لبنان يومياً نحو 11 طناً من النفايات الطبيّة التي تُعدّ من أخطر الأنواع. فهي قادرة على نقل أي عدوى إلى الناس الموجودين في المنطقة المحيطة بمكان رميها أو طمرها. وعادة، يُعالج نصفها بطريقة بيئيّة عبر جمعيّة "أركنسيال" وغيرها، في حين يبقى النصف الآخر من دون معالجة صديقة للبيئة. فيمكن للمرء أن يرى حقناً ملوّثة وأمصالاً وأكياس دم وغيرها، بين النفايات المنزليّة في المكبات العشوائيّة حيناً وبين المنازل أحياناً أخرى. وهذا الأمر يعدّ جريمة بيئيّة علنيّة، إذ تُنقل العدوى عند اللمس وفي الهواء وفي المياه.
وتجدر الإشارة إلى أن مرسوماً صدر في عام 2004 ينصّ على وجوب أن تعالج كل مؤسسة صحيّة نفاياتها الطبيّة والخطرة تحت طائلة تعرّضها لعقوبات معيّنة تُتّخذ بحقها. ويقسم المرسوم النفايات الطبيّة إلى ثلاثة أنواع: الخطرة والمعدية، والخطرة غير المعدية، وغير الخطرة والمشعّة. وينصّ على حاجة بعض النفايات إلى إدارة خاصة، مثل: الأدوية منتهية الصلاحية وتلك المضادة لنمو السرطان والخاصة بالعلاجات النفسيّة، والأعضاء غير المميّزة بالأجزاء التشريحيّة، والحيوانات المستعملة في التجارب، بالإضافة إلى النفايات السائلة التي تختلف بخصائصها عن المياه المبتذلة العادية لاحتوائها على مواد معدية وأدوية ومواد كيميائيّة.
في عام 2003، بعد الأخذ والرد والعرض والطلب، أبصرت الشبكة الوطنيّة لمعالجة النفايات النور، عبر جمعيّة "أركنسيال"، بالتعاون مع وزارة البيئة، وبدعم من برنامج الاتحاد الأوروبي "لايف" والبعثة الإسبانيّة. فتشير مسؤولة الجودة في برنامج "أركنسيال" البيئي، جويس سلامة، إلى "خمسة مراكز للجمعيّة لتعقيم نفايات المستشفيات، موزّعة في المحافظات. ومن تلك النفايات 70% غير خطرة مثل نفايات المنازل، و25% خطرة معدية نعمل على معالجتها من خلال التعقيم وتحويلها أسمدة كيماويّة. بهذه الطريقة نكون قد خففنا خطورتها من 60 إلى 70%. ويأتي ذلك متزامناً مع تكثيف حملات التوعية والدورات التدريبيّة للعاملين في القطاع الصحي، تفادياً للعدوى عند الفرز، ولمعرفة كيفيّة التعامل معها قبل تسليمنا إياها، تجنباً لأي عدوى عند اللمس". تضيف: "ويبقى 5% منها خطرة، كأدوية السرطان والمواد الإشعاعيّة المعدنيّة. وهي لا علاج لها إلا بترحيلها وفق ما نصّت عليه اتفاقيّة بازل".
ولعلّ أكبر شاهد عيان على هذه الفضيحة البيئيّة، هو نقيب الغواصين المحترفين في لبنان، محمد السارجي. يقول "خلال جولتنا في قعر بحر صيدا وبحر الجيّة، اكتشفنا أرتالا من النفايات الطبيّة القديمة والحديثة، ووجدنا أمصالاً وحقنا ودماء. وتلك النفايات خطرة جداً تلحق الضرر بالثروة السمكيّة، خاصة الكركند والأخطبوط، ما يؤثّر سلباً على رزق الصيادين، من دون أن ننسى الأثر الفادح على المياه الجوفيّة. لذا، لا بدّ من حملة وطنيّة للحد من تداعياتها".
الإنذار الأخير الصادر عن وزارة البيئة، استفزّ نقيب المستشفيات، سليمان هارون، الذي قال: "قبل أن يوجَّه إنذار إلى المستشفيات وتُتّخذ تدابير بحقها، لا بدّ من الانتباه إلى نفايات مراكز التجميل والعيادات النسائيّة والمختبرات في الأبنية السكنيّة التي تخلط نفاياتها الخطرة مع تلك الصلبة. وقد أوضحنا هذا الأمر في اجتماعات مع وزارتَي الصحة والبيئة. وُعِدنا بملاحقة هذه المخالفات، لكن لم نحصل على أي جواب". ويشدّد: "نحن مع ملاحقة أي مستشفى يرمي نفاياته عشوائياً".
من جهته، يوضح المشنوق أنه "عندما اطلعت على الصور التي التقطها الغواصون لأمصال ودماء وحقن مرميّة في قعر البحر، بالإضافة إلى صور المكبّات العشوائيّة في الجبال، سارعت إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة. فهذه جريمة".
يضيف: "لا أريد أن أتهم أحداً هنا. ما أريد قوله هو أن هذه النفايات خطرة جداً على الصحة. والسؤال الذي يُطرح: هل تُرسل كل النفايات الطبيّة إلى أركنسيال، أم يبقى منها كميات ترمى عشوائياً، تهرباً من الدفع؟ كلّ ما أطلبه هو أن تحسّن تلك المستشفيات أوضاعها. فالرقابة ستكون صارمة عليها من قبل التفتيش الصحي والاجتماعي. وأي مخالفة من هذا القبيل تُعدّ اتهاماً جرمياً".
ولعلّ آخر صرخة إنذار مدوية كانت تلك التي أطلقها وزير البيئة محمد المشنوق، بعدما اطلع على صور حديثة لنفايات طبيّة تمّ التخلّص منها في الخلاء، فاستقرّ بعضها في قاع البحر وبعضها الآخر في الجبال.
واليوم، بعد الإنذار الذي وجّهه المشنوق إلى جميع المستشفيات العاملة في لبنان والمختبرات والعيادات الخاصة وعيادات أطباء الأسنان ومراكز التجميل، هل سيُؤخذ الملف على محمل الجدّ؟
يُنتج لبنان يومياً نحو 11 طناً من النفايات الطبيّة التي تُعدّ من أخطر الأنواع. فهي قادرة على نقل أي عدوى إلى الناس الموجودين في المنطقة المحيطة بمكان رميها أو طمرها. وعادة، يُعالج نصفها بطريقة بيئيّة عبر جمعيّة "أركنسيال" وغيرها، في حين يبقى النصف الآخر من دون معالجة صديقة للبيئة. فيمكن للمرء أن يرى حقناً ملوّثة وأمصالاً وأكياس دم وغيرها، بين النفايات المنزليّة في المكبات العشوائيّة حيناً وبين المنازل أحياناً أخرى. وهذا الأمر يعدّ جريمة بيئيّة علنيّة، إذ تُنقل العدوى عند اللمس وفي الهواء وفي المياه.
وتجدر الإشارة إلى أن مرسوماً صدر في عام 2004 ينصّ على وجوب أن تعالج كل مؤسسة صحيّة نفاياتها الطبيّة والخطرة تحت طائلة تعرّضها لعقوبات معيّنة تُتّخذ بحقها. ويقسم المرسوم النفايات الطبيّة إلى ثلاثة أنواع: الخطرة والمعدية، والخطرة غير المعدية، وغير الخطرة والمشعّة. وينصّ على حاجة بعض النفايات إلى إدارة خاصة، مثل: الأدوية منتهية الصلاحية وتلك المضادة لنمو السرطان والخاصة بالعلاجات النفسيّة، والأعضاء غير المميّزة بالأجزاء التشريحيّة، والحيوانات المستعملة في التجارب، بالإضافة إلى النفايات السائلة التي تختلف بخصائصها عن المياه المبتذلة العادية لاحتوائها على مواد معدية وأدوية ومواد كيميائيّة.
في عام 2003، بعد الأخذ والرد والعرض والطلب، أبصرت الشبكة الوطنيّة لمعالجة النفايات النور، عبر جمعيّة "أركنسيال"، بالتعاون مع وزارة البيئة، وبدعم من برنامج الاتحاد الأوروبي "لايف" والبعثة الإسبانيّة. فتشير مسؤولة الجودة في برنامج "أركنسيال" البيئي، جويس سلامة، إلى "خمسة مراكز للجمعيّة لتعقيم نفايات المستشفيات، موزّعة في المحافظات. ومن تلك النفايات 70% غير خطرة مثل نفايات المنازل، و25% خطرة معدية نعمل على معالجتها من خلال التعقيم وتحويلها أسمدة كيماويّة. بهذه الطريقة نكون قد خففنا خطورتها من 60 إلى 70%. ويأتي ذلك متزامناً مع تكثيف حملات التوعية والدورات التدريبيّة للعاملين في القطاع الصحي، تفادياً للعدوى عند الفرز، ولمعرفة كيفيّة التعامل معها قبل تسليمنا إياها، تجنباً لأي عدوى عند اللمس". تضيف: "ويبقى 5% منها خطرة، كأدوية السرطان والمواد الإشعاعيّة المعدنيّة. وهي لا علاج لها إلا بترحيلها وفق ما نصّت عليه اتفاقيّة بازل".
ولعلّ أكبر شاهد عيان على هذه الفضيحة البيئيّة، هو نقيب الغواصين المحترفين في لبنان، محمد السارجي. يقول "خلال جولتنا في قعر بحر صيدا وبحر الجيّة، اكتشفنا أرتالا من النفايات الطبيّة القديمة والحديثة، ووجدنا أمصالاً وحقنا ودماء. وتلك النفايات خطرة جداً تلحق الضرر بالثروة السمكيّة، خاصة الكركند والأخطبوط، ما يؤثّر سلباً على رزق الصيادين، من دون أن ننسى الأثر الفادح على المياه الجوفيّة. لذا، لا بدّ من حملة وطنيّة للحد من تداعياتها".
الإنذار الأخير الصادر عن وزارة البيئة، استفزّ نقيب المستشفيات، سليمان هارون، الذي قال: "قبل أن يوجَّه إنذار إلى المستشفيات وتُتّخذ تدابير بحقها، لا بدّ من الانتباه إلى نفايات مراكز التجميل والعيادات النسائيّة والمختبرات في الأبنية السكنيّة التي تخلط نفاياتها الخطرة مع تلك الصلبة. وقد أوضحنا هذا الأمر في اجتماعات مع وزارتَي الصحة والبيئة. وُعِدنا بملاحقة هذه المخالفات، لكن لم نحصل على أي جواب". ويشدّد: "نحن مع ملاحقة أي مستشفى يرمي نفاياته عشوائياً".
من جهته، يوضح المشنوق أنه "عندما اطلعت على الصور التي التقطها الغواصون لأمصال ودماء وحقن مرميّة في قعر البحر، بالإضافة إلى صور المكبّات العشوائيّة في الجبال، سارعت إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة. فهذه جريمة".
يضيف: "لا أريد أن أتهم أحداً هنا. ما أريد قوله هو أن هذه النفايات خطرة جداً على الصحة. والسؤال الذي يُطرح: هل تُرسل كل النفايات الطبيّة إلى أركنسيال، أم يبقى منها كميات ترمى عشوائياً، تهرباً من الدفع؟ كلّ ما أطلبه هو أن تحسّن تلك المستشفيات أوضاعها. فالرقابة ستكون صارمة عليها من قبل التفتيش الصحي والاجتماعي. وأي مخالفة من هذا القبيل تُعدّ اتهاماً جرمياً".