النظام يقصف الغوطة الشرقية مستغلاً انشقاقات المعارضة المتواصلة

26 أكتوبر 2016
غارات للنظام وروسيا على مدينة دوما(سامر الدومي/فرانس برس)
+ الخط -

بينما تواصل قوات النظام قصفها المدفعي والجوي لمناطق مختلفة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، في إطار محاولاتها التقدم والاستحواذ على مناطق جديدة، تنشغل فصائل المعارضة هناك بترتيب أوضاعها الداخلية بعد عمليات انشقاق شهدها "فيلق الرحمن"، أحد الفصيلين الرئيسيين العاملين في الغوطة إلى جانب "جيش الإسلام".

وقصفت طائرات النظام، فجر اليوم الأربعاء، أطراف مدينة دوما ما تسبب بوقوع إصابات بين المدنيين، كما استهدفت مدفعية قوات النظام، صباح اليوم، الأحياء السكنية في المدينة مخلفةً أضراراً مادية في الممتلكات.  

وقال الدفاع المدني في المدينة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إنّ عناصره أخمدوا حريقاً اندلع جرّاء استهداف الأحياء السكنية بالرشاشات الثقيلة من قبل قوات النظام، كما تم إخلاء المدنيين إلى مناطق أكثر أمناً.

من جهتها، ذكرت صفحات موالية للنظام أنّ "قوات النظام أطلقت، ظهر اليوم، صاروخ أرض - أرض على مدينة دوما، وصاروخاً آخر استهدف مقراً لمسلحي جيش الإسلام قرب المعهد المصرفي، فضلاً عن إطلاق قذائف على أطراف دوما الجنوبية الشرقية وعلى منطقة جوبر".

وأشارت إلى أنّ "مسلحي المعارضة أطلقوا بدورهم قذائف هاون على ضاحية الأسد قرب دمشق، ما أدى إلى وقوع بعض الإصابات".

كما أسفرت غارات روسية ليلية على مدينة دوما وبلدات عدة في الغوطة الشرقية، عن جرح مدنيين اثنين في بلدة الأشعري، بينما قصفت قوات النظام بالمدافع الثقيلة بلدة الشيفونية. وتزامن القصف مع تجدد الاشتباكات بين المعارضة السورية وقوات النظام على أطراف بلدتي الريحان، وتل كردي.

في غضون ذلك، تشهد الأوضاع الداخلية لفصائل المعارضة العاملة بالغوطة الشرقية تطورات متسارعة، واصطفافات جديدة، مرتبطة بالخلافات المزمنة بين الفصيلين الرئيسيين هناك، وهما "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن".

في هذا السياق، أعلن لواء "أم القرى" وهو جزء من "فيلق الرحمن" انشقاقه عن الفيلق، في عملية هي الثانية من نوعها خلال الساعات الماضية. وأعاد اللواء، في بيان له فجر اليوم، انسحابه إلى ما سماه "الخلافات الكبيرة داخل فيلق الرحمن على مستوى القيادة، والتي تعود للاقتتال الداخلي وسقوط مدن وبلدات الغوطة وتهجير مواطنيها".

كما انشق "لواء أبو موسى الأشعري" عن "فيلق الرحمن" مورداً الأسباب ذاتها، ومعلناً تشكيل "ألوية المجد"، والتي تضم إلى جانب "أبو موسى الأشعري" كلاً من "سرايا الشام"، و"سرايا المجاهدين"، بقيادة العقيد عبد الرزاق صفواك.

وكشف ناشطون في الغوطة الغربية عن أنّه "من المرجح انضمام لواء أم القرى إلى ألوية المجد"، مشيرين إلى أنّ "لواء أم القرى جمّد عضويته فعليا في فيلق الرحمن منذ أشهر عدة". واعتبر متابعون أنّ "الفيلق فقد جزءاً هاماً من قوته مع هذه الانشقاقات، لكنه حصل على تعويض جزئي باندماج فصيل الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام معه".

تعليقاً على هذه التطورات، قال المتحدث باسم "فيلق الرحمن"، وائل علوان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "بيان انشقاق لواء أم القرى مزوّر ولا أصل له، ولا وجود للواء بهذا الاسم، بعدما اندمج بشكل كامل ضمن صفوف فيلق الرحمن".  

وأضاف أنّه "تم استبعاد قائد ما كان يُعرف بلواء أم القرى وهو مفيد عبد الهادي منذ شهرين تقريباً بشكل فردي، ليعلن تشكيل لواء أطلق عليه اسم سرايا الشام، في 14 أغسطس/آب الماضي، مدعوماً من المجلس المحلي لمدينة عربين وجمع فيه العناصر المتسربة من الفصائل التي تركت العمل العسكري. ويقدر عددهم بمائة وخمسين مقاتلاً ما لبثوا أن انقسموا من جديد بسبب خلافات بين سرايا الشام وسرايا المجاهدين".

وأوضح علوان بشأن انشقاق الفصيل الآخر والذي دعاه "فصيل حمورية"، أنّ "المشكلة بدأت مع قرار قيادة فيلق الرحمن عزل أبو سامر شهاب من منصب نائب قائد الفيلق منتصف هذا العام. هذا الأمر لم يتقبله فقام بتحريض بعض المقاتلين من أبناء حمورية وحثّهم على تركهم نقاط الرباط في الجبهات فقاموا بالانسحاب منها".

واتهم "المدعو أبو محمد الريحاني بالتستر على مجموعة أبو ليلى، التي حاولت اغتيال قيادة فيلق الرحمن في أحد مقرات حمورية عقب اجتماع قيادة الفيلق مع قيادة جيش الإسلام".

ولمّح إلى تورط "جيش الاسلام" بهذه الانشقاقات التي قلل من أهميتها، قائلاّ إنّ "مجموع المقاتلين الذين خرجوا من الفيلق لا يتجاوز 300 مقاتل بكثير". ولفت إلى أنه "تهويل إعلامي يقوم به إعلاميون يدعون الاستقلال ويتبعون لجيش الإسلام"، منتقداً "مباركة الحراك المدني وجيش الإسلام للانشقاق فور إعلانه".

وأكّد المتحدث ذاته تمسُّك فيلق الرحمن بـ"رأب الصدع وحل الخلافات، وصولاً لتشكيل غرفة عمليات واحدة وجمع كل ما تملكه الغوطة من الرجال والعتاد والسلاح، في مواجهة قوات النظام المجرمة وحلفائها الطائفيين".

وتأسس "فيلق الرحمن" في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وذلك من اندماج لواءي "البراء" و"أبو موسى الأشعري"، بالإضافة لتشكيلات عسكرية.

وتأتي هذه التطورات في ضوء تواصل الخلافات بين "فيلق الرحمن" و"جيش الإسلام"، اللذين يتبادلان الاتهامات حول المسؤولية عن فقدان بلدات الغوطة الشرقية لصالح قوات النظام في الأشهر الأخيرة، ما عرضهما لضغوط شعبية تطالبهما بنبذ الخلافات.


المساهمون