يمكن القول إن قوات النظام السوري، المدعومة بقوات إيرانية ولبنانية وعراقية وأفغانية، لن تجد أفضل من هذا التوقيت، لمحاولة استغلال المواجهة المرتقبة بين حركة "حزم" و"جبهة النصرة" في حلب، في ظل إعلان الأخيرة كل من ينتمي إلى "حزم" هدفاً مباشرا لها، مؤكدة أنها لن تقبل احتواء المعركة بعد الآن. هذه التطورات تأتي في وقت تسعى فيه قوات النظام للثأر من فصائل المعارضة وتعويض خسائرها، بعد طردها من قرى رتيان وحردتين وجمعية الملاحين الأسبوع الماضي، وقتل 300 جندي، وأسر 110 آخرين، وسط توقعات باندلاع معركة كبرى ضد قوات النظام، في الأيام القليلة الماضية.
وأكدت مصادر لـ "العربي الجديد" بأن "قوات النظام تسعى إلى تطويق شمالي حلب، عبر حشدها قوات كبيرة من الحرس الجمهوري، ولواء من الفرقة التاسعة، ومليشيات شيعية، ومليشيا الدفاع الوطني، في منطقة السفيرة شرقي حلب، وهي تنتظر تحسّن الظروف الجوية للاعتماد على السلاح الجوي، لمؤازرة القوات البرية عند تقدّمها".
ورصد ناشطون ميدانيون محاولة تقدّم جيش النظام في الريف الجنوبي من جبل عزان باتجاه مزارع الزيتون، بعد سيطرة المعارضة قبل أيام على قرية دوير الزيتون، إلا أن مدير المكتب الإعلامي لـ"الجبهة الشامية" ورد فراتي أكد في تصريحات إلى "العربي الجديد" أن "الخلاف الحاصل بين الفصيلين المعارضين لن يكون سبباً في تقاعس الجبهة الشامية عن سد الثغرات لصد قوات النظام"، مشيراً إلى أن "الأخيرة تحاول دائماً التقدم في تلك المنطقة، لكن المجاهدين على أهبة الاستعداد".
ورفض فراتي التعليق على إمكانية حماية "الجبهة الشامية" لـ "حزم" مرة أخرى، في حال اندلعت معركة بين الأخيرة و"النصرة"، موضحاً أن "الجبهة لم تكن تحمي طرفاً على حساب الآخر، وكانت ولا تزال تُقدّم مصلحة حقن الدماء ورص الصفوف ضد أعداء الثورة والشعب المتمثلين بالنظام السوري الطائفي المجرم، وتنظيم داعش".
اقرأ أيضاً: المعارضة السورية وجبهة الفوعة: معركة الحساسيات الطائفية
وكانت قيادة الجبهة الشامية التي تمثّل اتحاد أكبر فصائل المعارضة السورية في مدينة حلب، أعلنت في وقت سابق، عن انضمام حركة "حزم" للجبهة، بعد يوم واحد من الاشتباكات التي اندلعت في ريف حلب الغربي بين "حزم" من جهة و"النصرة" من جهة ثانية، والتي تزامن معها نشر الجبهة الشامية لقوات فصل بين الطرفين في مناطق التماس بينهما، داعية كل من له خلاف مع "حزم" للتوجّه إلى قيادة الجبهة الشامية لتقديم طلباته.
ويبدو أن الوضع بين "النصرة" و"حزم" متجه نحو التصعيد، مع إمكانية وقوع حرب محتملة بين الطرفين في ظل التوتر الحاصل، بعد إبلاغ الجبهة الشامية لـ "النصرة" بقتل "حزم" "أمير النصرة في البادية" أبو عيسى الطبقة، والقياديين أبي الجراح وأبي مالك الحمصيين، وأبي المقداد أطمة التابع لمركز "دعاة الجهاد"، والذين اعتُقلوا قبل أربعة أيام، ودعوتها "النصرة" لضبط النفس وعدم الدخول في قتال مع الحركة، في مقابل مطالبة الجبهة الشامية لـ"حزم" بالالتزام بالقرارات الصادرة عنها، معتبرة هذه الدعوة الإنذار الأخير للحركة.
ويرى الخبير في الجماعات الجهادية أحمد أبازيد، بأنه "مع تصفية أبو عيسى، تكون الجبهة الشامية في الموقف الأصعب منذ تشكيلها، وإذا لم تبادر باعتقال ومحاكمة المسؤولين في "حزم" فالقادم كارثي". ورفض "دعوات الثأر من فصيل كامل لقتله عنصراً من فصيل آخر"، مؤكداً أنه "أمر مرفوض شرعاً ومصلحةً ونربأ بإخواننا عنه"، قائلاً إن "المسؤول عن قتل أي مجاهد أو مدني يُقدم للمحاكمة".
من جهة أخرى، لم تقف "حزم" موقف المتفرج تجاه ما يجري، إذ سرعان ما ردت على تهديدات "النصرة"، وقالت في بيان لها إن "الأخيرة قامت أيضاً بقتل وأسر واختطاف عدد من عناصرها"، وهي مستعدة لتسليم ملف القضية بكافة متعلقاتها لأي هيئة شرعية مستقلة تماماً عن الفصائل، وذلك في ظل انشغال الجبهة الشامية بالمعارك مع قوات النظام.
وتكشف مصادر مقربة من "حزم"، فضّلت عدم ذكر اسمها لـ "العربي الجديد"، بأن "الأخيرة لا يحق لها المطالبة بدم قتلاها، أو التحكيم باسمهم شرعاً، لأن الولاية لأهل الدم، وهم ورثة القتلى، ولا يمكن لهم حق الادعاء شرعاً، كونهم يستخدمون ألقاباً وهمية، فالحق في ولاية الدم لأهل القتيل، في حال ثبت القتل".