يواصل النظام السوري وروسيا خرق الاتفاق الموقّع مع المعارضة في الجنوب السوري، فيما يحيط الغموض مصير رافضي الاتفاق، ممن كان مقرراً أن تغادر الدفعة الأولى منهم اليوم إلى الشمال السوري.
وبعدما تجاهلت قوات النظام البند الخاص بانسحابها من قرى عدة كانت قد سيطرت عليها مؤخراً كما ورد في الاتفاق الأخير مع فصائل درعا، تسعى هذه القوات إلى التمدد غرباً على طول الحدود الأردنية، بعد سيطرتها على معبر نصيب، ما يعد مخالفة أخرى للاتفاق الذي نصّ على أن تكون السيطرة على المعبر للشرطة العسكرية الروسية، وليس لقوات النظام.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن قوات النظام تقصف بالطيران وتحاصر منذ الصباح بلدة أم المياذن جنوب شرق مدينة درعا، ما أوقع قتلى وجرحى، كما تسعى للتمدد غرباً على طول الشريط الحدودي مع الأردن، من معبر نصيب وحتى بلدة خراب الشحم، ومنها إلى محيط حوض اليرموك، ما يقطع التواصل بين الريفين الشرقي والغربي للمحافظة.
وقالت بعض المصادر إن المرحلة التالية لتسليم معبر نصيب تتضمن تسليم "قوات شباب السنة" بقيادة أحمد العودة المناطق الخاضعة لسيطرتها من غربي السويداء حتى معبر نصيب للنظام، وتسليم غرفة عمليات "البنيان المرصوص" المناطق من نصيب حتى خراب الشحم جنوب غرب مدينة درعا، وفي المرحلة الثالثة يبسط النظام سيطرته على المناطق من خراب الشحم حتى منطقة حوض اليرموك التي يسيطر عليها "جيش خالد" المبايع لتنظيم "داعش" الإرهابي، ما يجعل تلك المنطقة الوحيدة التي ليست بيد النظام على طول الحدود الأردنية - السورية.
ودفعت الخشية من إحكام قوات النظام سيطرتها على المنطقة المحيطة بمعبر نصيب، وقطع التواصل مع الريف الغربي، الراغبين في المغادرة إلى الشمال السوري إلى استعجال عملية الخروج، إذ كان مقرراً أن تغادر الدفعة الأولى اليوم، على متن عشرات الحافلات، لكن الجانب الروسي ماطل في ذلك، بحسب ما أفادت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، ما دفع وفد المعارضة الى إلغاء العملية، والطلب ممن سجل اسمه للخروج التوجه إلى منطقة الرفيد في ريف القنيطرة على الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، خشية تعرضهم للاعتقال من جانب قوات النظام التي حاصرت بلدة نصيب والبلدات المجاورة، على أن ينتظروا هناك ريثما يتم التوافق على آليات الخروج باتجاه الشمال.
في السياق ذاته، أفادت مصادر لـ"العربي الجديد" بأن الدفعة التي كان مقرراً أن تغادر اليوم إلى الشمال السوري كان يجب أن تنطلق من منطقة الجمرك قرب الحدود الأردنية باتجاه سيطرة قوات "درع الفرات" في الشمال السوري، وهي تضم أعداداً من المقاتلين وعائلاتهم، فيما قالت وسائل إعلام النظام إن نحو 30 حافلة تجمعت في مدينة الصنمين، تمهيداً للبدء بعملية التهجير.
وكان وفد المعارضة مع روسيا قد طلب إضافة بند يتعلق بالسماح للرافضين للاتفاق ولـ"تسوية" أوضاعهم مع النظام، التوجه إلى الشمال السوري، إذ قضى الاتفاق بأن يكون عدد المغادرين بحدود ستة آلاف شخص.
وأعربت المصادر عن اعتقادها بأن الجانب الروسي والنظام قد يغضان النظر عن العدد ممن يرغبون في المغادرة إلى الشمال، لأن تحديد العدد كان على الأرجح قد جاء بطلب من السلطات التركية، التي لا تريد استقبال مزيد من المهجرين في المناطق التي تشرف عليها في الشمال السوري.
وبموجب الاتفاق، فإن الرافضين لفكرة الخروج شمالاً يمكنهم التوجه نحو غرب المحافظة والقنيطرة، أو تسوية أوضاعهم مع النظام والاستعداد للتجنيد الإلزامي فيما بعد.
ومن المقرر أن تتزامن عملية التهجير هذه مع تسليم الفصائل دفعة جديدة من سلاحها الثقيل والمتوسط، وفق بنود الاتفاق الذي يشمل في المرحلة الأولى الريف الشرقي، وفي المرحلة الثانية مدينة درعا وريفها القريب، وصولاً إلى المرحلة الثالثة التي يفترض أن تشمل الريف الغربي ومحافظة القنيطرة.
وكان 11 فصيلاً في ريف درعا الغربي قد رفضوا الاتفاق الموقع مع فصائل الريف الشرقي، وأعلنوا اندماجهم تحت مكوّن عسكري جديد يحمل اسم "جيش الجنوب"، وتشكيل وفد مفاوض من طرفهم.
وقال أحمد الصالح، الرئيس السابق للمجلس المحلي لمدينة جاسم، وعضو خلية الأزمة التابعة للمعارضة في درعا في تصريحات صحافية، إنه "تمّ تشكيل جيش الجنوب في المنطقة الغربية والقنيطرة لرد أي عدوان طارئ، كما تم تشكيل فريق تفاوض من أجل التوصل لاتفاق يضمن سلامة أهلنا وشبابنا ويحفظ البلاد".
وأوضح البيان الأول لـ"جيش الجنوب"، أن تشكيله جاء "نظراً لما تمرّ به الثورة السورية من مرحلة خطيرة، ولضرورة توحيد الصفوف وتوحيد القرار العسكري والسياسي، بما يحفظ به كرامة أهلنا وثوابت الثورة".
ووقع على البيان 11 فصيلاً وهي "جيش الأبابيل، ألوية قاسيون، ألوية جيدور حوران، جيش الثورة في جيدور، غرفة عمليات واعتصموا، المجلس العسكري في الحارة، المجلس العسكري في تسيل، غرفة سيوف الحق، لواء أحرار قيطة، غرفة عمليات النصر المبين، الفصائل المنحازة من المنطقة الشرقية".
وأضاف البيان "إننا في جيش الجنوب، ندعو جميع الفصائل العاملة على أرض الجنوب إلى الانضمام لهذا الجيش، كما نعلن حالة النفير العام والجاهزية لاستقبال جميع من يرغب في رص الصفوف وتوحيد الكلمة من أرض الجنوب".
وكانت مصادر قد ذكرت أن مدن وبلدات الريف الغربي لدرعا وافقت على التفاوض مع الروس، إثر منحها من جانب روسيا مهلة 48 ساعة للتشاور من أجل "المصالحة" وتسليم السلاح، مشيرة إلى أن وفد التفاوض في الريف الغربي لا يشمل محافظة القنيطرة.