النظام السوري يقيم معابر "نظامية" للتبادل التجاري مع درعا

03 مايو 2017
القرار لاقى استياء في مناطق المعارضة والنظام (فرانس برس)
+ الخط -

في تطوّر يتزامن مع التسريبات حول إقامة مناطق آمنة في سورية، تقوم على تقسيم البلاد إلى أربع مناطق رئيسية، بينها منطقة جنوبية تضمّ محافظات درعا والسويداء والقنيطرة، بدأت قوات النظام في فرض ضريبة على المواد الغذائية والأساسية التي تدخل إلى مناطق المعارضة في درعا، عبر معبري خربة غزالة وداعل.

ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورةً للائحة تتضمّن مقدار الرسوم بشكل مفصّل، مقابل إدخال كل مادة عبر حاجز خربة غزالة، تضمّنت ختماً نظامياً شبيهاً بالأختام بين الدول.

ويقول الناشطون إن حواجز النظام وزّعت هذه اللائحة على سائقي الشاحنات، وأبلغتهم بأن القرار سيطبّق قريباً، ويتوجّب على كل شاحنة تدخل أو تخرج من المعبرين دفع أموال وفق السعر المحدد في اللوائح.

وقالت الناشطة سارة الحوراني لـ"العربي الجديد"، إن القرار لاقى استياء في مناطق المعارضة والنظام على السواء، لأنه سوف يتسبّب بارتفاع كبير للأسعار في المنطقتين، إذ تُصدّر مناطق المعارضة الخضراوات بشكل رئيسي إلى دمشق والسويداء، بينما تستقبل مواد غذائية أخرى، إضافة إلى الألبسة.

وأوضحت أن تجار اللحوم في درعا المحطة، الخاضعة لسيطرة النظام السوري، بدأوا إضراباً   احتجاجاً على هذه الإجراءات التي ستؤدي إلى ارتفاع سعر اللحوم بشكل كبير في مناطق النظام، والتي تستقبل اللحوم من مناطق المعارضة.

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال عماد البطين، نائب رئيس المجلس المحلي في محافظة درعا، إن النظام "يحاول أن يحقّق من خلال هذا الأمر ما عجز عنه بقوة السلاح"، مضيفاً أنه "منذ اندلاع الثورة عبّر النظام بأكثر من طريقة بأنه لا يمانع في تقسيم سورية، مقابل أن يبقي لنفسه مكاناً في مستقبل البلاد، لكننا لن نقبل بأي محاولة تفرض على المواطن في المنطقة المحررة من قبل هذا النظام".

وحول الإجراءات التي تنوي المحافظة اتخاذها رداً على هذا القرار، قال البطين إن "الأمر قيد الدراسة حتى الآن"، مشيراً إلى أن "الأخوة العسكريين قالوا كلمتهم، ولن نمرر أي مخطط يطعن ثورتنا".

وذكرت مصادر محلية أن هذه المعابر سوف تضيّق الخناق أكثر على مناطق المعارضة، وتجعل النظام يتحكم في الأسعار، إذ تصل قيمة الرسوم إلى نحو 20 بالمائة من أسعار البضائع، وقد تبلغ نحو 1300 دولار للسيارة الواحدة.

وتقع بلدة خربة غزالة التي سيطرت عليها قوات النظام عام 2013، على بعد نحو 20 كلم شمال مدينة درعا على الطريق الدولي الواصل بين مدينتي درعا ودمشق.


وكانت قوات النظام قد أخفقت في استعادة السيطرة على معبر نصيب الحدودي القديم مع الأردن، والذي استولت عليه المعارضة في الشهر الرابع من عام 2015.

ورداً على هذا القرار من جانب النظام، أعلنت حركة "شباب السنة" التابعة للجيش السوري الحر، بلدة خربة غزالة منطقة عسكرية، وطلبت من المواطنين والتجار عدم الاقتراب منها.

وقال بيان للحركة إنها أعلنت البلدة والحاجز الجنوبي فيها منطقة عسكرية، "لأن الأمر يضر بالمصلحة العامة، والناس في المناطق الخارجة عن سيطرة "النظام"، وسيؤدي إلى رفع أسعار المواد الغذائية والبضائع".

وحذرت المدنيين والتجار من "الاقتراب من البلدة أو المعبر، أو التعامل مع النظام ودفع أي مبالغ مادية له"، معتبرة ذلك في حال حصل "خيانة لدماء الشهداء"، وتوعّدت بمحاسبة أي شخص أو جماعة يثبت تورطهم بهذا العمل.

وكانت قوات النظم قد أغلقت المعبر، قبل نحو شهر، بسبب المعارك مع قوات المعارضة في حي المنشية بمدينة درعا.

وتعتبر خطوة النظام هذه الأولى من نوعها في محافظة درعا، وإن كان يوجد مثيل لها في بقية المناطق، ويرجّح أن هدفها تحصيل مزيد من الأموال عن طريق فرض رسوم على البضائع الواردة في الاتجاهين، علماً أن هناك نحو 600 ألف شخص ما زالوا يقيمون في محافظة درعا.

وكانت الحركة التجارية بين مناطق النظام والمعارضة تتم سابقاً عبر معابر عدة، منها ما يصلها بمحافظة ريف دمشق، وأخرى بمحافظة السويداء الخاضعتين لسيطرة النظام.

وكانت حواجز قوات "الدفاع المدني" الموجودة في السويداء، تتولّى الإشراف على المعابر بين الجهتين، وخاصة معبر صما غرب السويداء، مقابل الحصول على "أتاوات" من التجار والمواطنين، من دون أن تكون تلك الأتاوات رسوماً رسمية، بل "رشى" تزيد وتنقص بحسب مزاج وشراهة الضابط الموجود على الحاجز، ما يعني أن هذا القرار سوف يؤثر سلباً على حواجز النظام ويقطع "أرزاقهم" من تلك الحواجز.

وإضافة إلى حاجز صما هناك معبر المليحة-خربا مع محافظة السويداء، ويقع بين بلدة المليحة الشرقية في درعا، وبلدة خربا في السويداء، وتدخل منه المواد الأساسية والغذائية ومواد البناء إلى مناطق المعارضة، في حين تخرج منه الخضراوات، كما يعتبر الوحيد الذي يسمح النظام بإدخال المحروقات من خلاله.

 كما أن هناك طريقين يربطان مناطق المعارضة في ريف درعا والنظام، هما طريق "أبو كاسر"، وطريق "الغارية الغربية".

 ويربط طريق "أبو كاسر" مدينة داعل في ريف درعا الغربي الخاضع لسيطرة المعارضة مع الطريق الدولي الواصل بين درعا ودمشق، ويتم من خلاله تصدير الخضراوات إلى جانب الحليب ومشتقاته واللحوم، في حين تسمح قوات النظام بدخول بعض المواد الغذائية والألبسة، وترفض دخول المحروقات.

كذلك يوجد طريق يربط بين مدينة الصنمين شمال درعا، الخاضعة لمصالحة مع النظام مطلع العام الجاري، وبين ريف الشمالي الغربي، ويستخدم لمرور الأشخاص والسيارات فقط دون البضائع، كما تستخدمه الهيئات الإغاثية والصليب والهلال الأحمر لإدخال المساعدات الإنسانية إلى مناطق المعارضة.

وإلى جانب المعابر السابقة بين النظام والمعارضة، يوجد معبران بين درعا والأردن، الأول هو معبر تل شهاب جنوب غرب درعا، ومعبر نصيب جنوب شرق المدينة، وتدخل منهما المساعدات الإنسانية إلى جانب إسعاف الجرحى.

وتعتبر محافظة درعا المورد الأساسي للمنتجات الزراعية للعاصمة دمشق، وقد واصل الفلاحون حتى بعد اندلاع الثورة تصريف منتجاتهم في العاصمة بسبب عجز المحافظة عن استهلاك كل المحاصيل، في حين يضعف التبادل التجاري بين المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة بسبب ضعف المواصلات وتقطيعها بحواجز النظام وضعف القوة الشرائية.

 

المساهمون