تواصلت معارك الكر والفر في أرياف إدلب وحماة وحلب في سورية، بين قوات النظام وفصائل المعارضة، التي تمكنت من استعادة المزيد من القرى في محيط مطار أبو الظهور شرقي إدلب، مع محاولة قوات النظام تثبيت مواقعها في هذه المنطقة، في مقابل تكثيف عملياتها في ريف حلب الجنوبي، مع سعيها الهجوم منه باتجاه المطار من محاور عدة. كما عملت قوات النظام على سيناريو مشابه في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ساعية إلى تطويق مدينة حرستا، بعد عجزها عن فك الحصار عن عناصرها المحاصرين في "إدارة المركبات العسكرية" بالمدينة، ما دفعها، صباح أمس السبت، إلى استخدام الغازات السامة مجدداً ضد المدنيين بين مدينتي حرستا ودوما.
وعلى الرغم من القصف الجوي والمدفعي المكثف على محاور القتال، ومراكز المدن والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة الذي شارك فيه طيران النظام والطيران الروسي، تمكنت فصائل المعارضة أمس من السيطرة على المزيد من القرى في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، جنوب غربي بلدة سنجار وشمالها، بهدف إجبار قوات النظام والمليشيات المساندة لها على الانسحاب من محيط مطار أبو الظهور العسكري.
في هذا السياق، كشفت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن "فصائل المعارضة سيطرت على قرية المشيرفة الشمالية جنوب غربي سنجار بريف إدلب الجنوبي، حيث باتت فصائل المعارضة على بعد 15 كيلومتراً للوصول إلى قرية رملة جنوب إدلب، ومحاصرة قوات النظام المتقدمة إلى محيط مطار أبو الظهور العسكري".
كما ذكرت المصادر أن "فصائل المعارضة سيطرت على قريتي الخريبة والربيعة الواقعتين شمالي قرية سنجار، وسط مواجهات قوية في محاولة من الفصائل لتحقيق مزيد من التقدم باتجاه البلدة". وأوضحت أن "عنصراً من هيئة تحرير الشام، فجّر نفسه بسيارة مفخخة في قرية طلب جنوب مطار أبو الظهور، تلت ذلك اشتباكات بين مقاتلي الفصائل وقوات النظام ما أسفر عن قتل وجرح العشرات من الأخيرة التي اضطرت للانسحاب من القريتين".
وأفاد المتحدث العسكري لحركة "أحرار الشام الإسلامية" عمر خطاب في حديثٍ لوكالة "سمارت"، أن "الفصائل العسكرية تتبع أسلوب الكر والفر المتناسب مع طبيعة الأرض الجغرافية وسياسة قوات النظام وآلته العسكرية، بهدف تشتيت قوات النظام والمليشيات التابعة لها، وتحقيق خسائر بشرية ومادية في صفوفها".
وأتت المواجهات الحالية ضمن معركة أطلقتها فصائل "الجيش الحر" ضد قوات النظام باسم "رد الطغيان"، مع مساعي قوات النظام تثبيت مناطق سيطرتها الجديدة جنوب إدلب وشرقها، متخلية عن محاولة التقدم في هذه المنطقة، كما عمدت إلى فتح محاور جديدة للقتال في ريف حلب مسيطرة على قرى عدة هناك مثل قيقان، والأيوبية، وكفر أبيش، وبلوزة، والمنطار جنوب مدينة السفيرة بريف حلب الجنوبي الشرقي، بحسب وسائل إعلام قريبة من النظام.
والمحور الأول لقوات النظام بدأ من منطقة خناصر، الذي وصلت فيه قوات النظام إلى قرية أم العمد، لمحاصرة مناطق الفصائل في أكثر من عشرين قرية في ريف حماة الشرقي، بينما انطلق المحور الثاني من المنطقة الجنوبية لمدينة السفيرة. وكانت فصائل المعارضة قالت، إنها "تمكنت مساء الخميس، من استعادة السيطرة على قرى عدة في ريف إدلب الجنوبي، بعد معارك عنيفة مع قوات النظام المدعومة بمليشيات أجنبية. كما شنّت المقاتلات الروسية عشرات الغارات الجوية على قرى وبلدات ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشرقي، إضافة إلى منطقة خان السبل ومعرة النعمان ومحيط مدينة سراقب، أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين.
ونوّهت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إلى أن "11 شخصاً، بينهم خمسة أطفال، وثلاث نساء، قتلوا وأصيب العشرات نتيجة غارات جوية روسية على بلدة خان السبل بريف إدلب الشرقي. كما قُتل مدنيان نتيجة قصف للطيران الروسي على منطقة مزارع الفروج، قرب بلدة معصران بريف إدلب الجنوبي، فضلاً عن شنّ الروس غارات على الأحياء الشرقية في مدينة معرة النعمان".
من جهة أخرى، قامت قوات النظام بحملة إعدامات ميدانية واعتقالات بحق مدنيين من قرية أبو غتة الواقعة جنوب مدينة حلب. وذكر ناشطون أن "قوات النظام أعدمت مدنيين اثنين رمياً بالرصاص واعتقلت ثلاثة آخرين من الذين لم يغادوا القرية التابعة لناحية الحاجب في منطقة السفيرة".
وفي الغوطة الشرقية بمحيط العاصمة دمشق، كثف النظام السوري من قصفه الجوي والمدفعي على مدن وبلدات الغوطة، ومحاور القتال مع فصائل المعارضة مستهدفاً بشكل خاص بلدات حرستا ودوما وعربين، فيما لجأ مجدداً إلى استخدام الأسلحة الكيميائية بحق المدنيين.
وأفاد الدفاع المدني في الغوطة الشرقية، أن "مدنيين اثنين بينهما طفل قتلا، وجرح آخرون جراء قصف مدفعي لقوات النظام على مدينة دوما، فيما تعرضت مدينة حرستا المجاورة لغارة جوية بالصواريخ وأكثر من 40 قذيفة مدفعية". كما أُصيب مدنيون بحالات اختناق نتيجة استهداف قوات النظام لدوما بصواريخ محمّلة بغاز سام". وقال ناشطون إن "روائح الغاز انتشرت في أطراف المدينة بالقرب من الطريق الدولي دمشق - حمص، ومن المرجح أنه غاز الكلور السام بحسب مصادر طبية في المنطقة".
وتزامن القصف مع المعارك المستمرة في محور"إدارة المركبات" في مدينة حرستا، والتي تقدّمت فيها حركة "أحرار الشام" ضمن معركة "بأنهم ظُلموا" التي أطلقتها أواخر العام الماضي. وقالت مصادر محلية إن "قوات النظام تعمل من خلال هجماتها الأخيرة كما يبدو على فصل مدينة حرستا عن مدينة دوما وبقية الغوطة الشرقية، بعد أن عجزت عن فك الحصار الذي يفرضه مقاتلو المعارضة على عناصر في أدارة المركبات بحرستا".
وأوضحت المصادر أن "قوات النظام تسعى إلى تحقيق تقدم في البساتين الفاصلة بين حرستا ودوما، فسيطرت على نقاط عدة قرب مستشفى الشرطة ومستشفى البيروني، إلى جانب محاولة التقدم باتجاه منطقة عربين". وتمتد بساتين حرستا من شرق وحتى شمال شرقي المدينة، وتعتبر خطاً دفاعياً لفصائل المعارضة. وتسعى قوات النظام الى اقتحام المنطقة الخلفية لمستشفيي البيروني والشرطة الواقعين على الطريق دمشق - حمص الدولي. وأفادت مصادر أن "قوات النظام نجحت في فتح ممر للمشاة من جهة طريق حرستا- عربين، تمكنت بواسطته من إدخال ذخيرة وأسلحة وأغذية لعناصرها المحاصرين في إدارة المركبات، على الرغم من رصد هذا الممر نارياً من جانب فصائل المعارضة".
من جهته، أكد "فيلق الرحمن" التابع للجيش السوري الحر، أنه "قتل أكثر من 15 عنصراً من الحرس الجمهوري، التابع لقوات النظام، كانوا ضمن مجموعة حاولت التسلل إلى المدينة بهدف فك الحصار عن إدارة المركبات العسكرية، ووقعت في كمين لمقاتلي الفيلق قرب مدينة عربين شرق دمشق". وذكر الفيلق في حسابه على موقع "تويتر" أن "عناصره تمكنوا من سحب 6 جثث لعناصر قوات النظام بينهم ضابط برتبة ملازم أول".
وفي جنوب دمشق، صدت فصائل المعارضة هجوماً لتنظيم "داعش" على مواقعها بمدينة الحجر الأسود. وكشف "جيش الإسلام" على حسابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن "مقاتليه صدوا محاولة التنظيم لاقتحام حيّ الزين في الحجر الأسود جنوب دمشق، وأدى ذلك لوقوع انفجارات كبيرة". وذكر المتحدث العسكري باسم "الجيش" حمزة بيرقدار، أن "25 عنصراً من داعش سقطوا بين قتيل وجريح".