ووضعت قوات النظام، والمليشيات الموالية لها، ثقلها في هذه المعارك، منذ أكثر من 10 أيام، إذ بدت، من خلال شن الطيران الحربي لعشرات الغارات، حريصة على إبعاد المعارضة عن مدينة حماة، واستعادة كافة النقاط التي كانت فصائل الجيش السوري الحر و"هيئة تحرير الشام" قد تقدمت إليها. وقال الناشط في "مركز حماة الإعلامي"، عبيدة أبو خزيمة، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات النظام والمليشيات المساندة لها سيطرت على بلدة حلفايا في ريف حماة الشمالي، بعد انسحاب المعارضة منها، بسبب السيطرة النارية من قبل قوات النظام على خطوط إمداد الفصائل". وأوضح أن "هذه السيطرة أتت بعد 369 غارة و45 صاروخ فيل ونحو 900 صاروخ غراد وتوس وأكثر من 500 قذيفة مدفعية"، أطلقتها قوات النظام خلال الأيام القليلة الماضية على مواقع المعارضة. هذا التقدم لقوات النظام في حلفايا، كانت قد سبقه سيطرتها قبل أيام، على مجموعة قرى وبلدات كانت قد خسرتها في الأسابيع القليلة الماضية، وأبرزها طيبة الإمام وصوران، اللتان وقعتا تحت سيطرة المعارضة أواخر مارس/آذار الماضي، وهو الشهر الذي خسر فيه النظام أيضاً كلاًّ من مناطق وقرى كوكب وشيلوط والنقاط المحيطة بها، واسكندرية الواقعة جنوب معردس، وتل بزام، وتل الصفوح، والمجدل، ومعرزاف، وجسر محردة الجنوبي، وكفر عميم، وتل العبادي الواقع شرق صوران، وسوبين، والشير، وأجزاء واسعة من أوتوستراد محردة- حماة.
وباستعادة النظام للنقاط والبلدات والقرى التي خسرها الشهر الماضي، فضلاً عن سيطرته أمس على حلفايا التي دخلتها المعارضة السورية في أغسطس/آب 2016، يكون قد وصل لمسافة تقدر بنحو عشرين كيلومتراً عن مدينة خان شيخون أقصى جنوبي محافظة إدلب، وهي المدينة التي كانت قد شهدت مجزرة ذهب ضحيتها مئات الضحايا من المدنيين، عندما قصفتها قوات النظام بأسلحة كيميائية في الرابع من أبريل/نيسان الحالي.
ويتخوف ناشطون معارضون، من مواصلة قوات النظام وتيرة تقدمها الحالية في ريف حماة الشمالي، الأمر الذي يجعلها على تخوم محافظة إدلب الجنوبية، وهي المحافظة التي تعتبر معقل المعارضة الأبرز في عموم سورية، لكن مصادر المعارضة السورية المسلحة تقول إن "مسافة العشرين كيلومتراً التي تفصل قوات النظام عن خان شيخون مُحصنة بطريقة يصعب على النظام تحقيق تقدم فيها، إذا لم يستقدم تعزيزات عسكرية كبيرة من محافظات أخرى".
وعن أسباب انسحاب فصائل المعارضة السورية من بعض المناطق وتراجعها إلى نقاط تمركزها الأساسية في ريف حماة الشمالي عقب التقدم الكبير الذي أحرزته أواخر مارس/آذار الماضي، قال أبو عبيدة، وهو قيادي في فصائل الجيش الحر في ريف حماة، إن "الفصائل ما زالت تفتقر إلى الإمكانيات العسكرية الكبيرة التي تُمكن المقاتلين من مواجهة النظام ومليشياته والقوات الروسية والإيرانية التي تحمل الأسلحة المتطورة والفتاكة، بالإضافة إلى أن كثافة القصف والصواريخ والأسلحة المختلفة، علاوةً على الطيران الروسي والسوري، تشكل عاملاً ذا أهمية كبيرة في صعوبة التقدم لمناطق النظام". وأوضح "خلال الأيام الخمسة الماضية تم تسجيل أكثر من 300 غارة جوية على مناطق المعارك ومقرات الفصائل في ريف حماة، يضاف إليها آلاف الصواريخ التي كانت تطلق من راجمات الصواريخ من شمال وغربي مدينة حماة ومن مناطق جبل زين العابدين وغيره". وأشار إلى أن "وسائل الحرب التقليدية، التي يتبعها مقاتلو المعارضة في قتالهم ضد النظام ومليشياته، لم تعد مجدية كما سبق، في حين نواجه جيوشاً جرارة ومدربة ولديها إمكانيات كبيرة، بالذخائر والعتاد". وتابع القيادي العسكري في المعارضة، لـ"العربي الجديد"، إن "الدعم المخصص لمعارك ريف حماة قليل للغاية نسبة للأعداد الهائلة والمليشيات مختلفة الجنسيات التي نقاتلها. هذه المعارك الكبيرة ضد الروس والإيرانيين بحاجة إلى أسلحة متطورة ودعم كبير". وأوضح "لدينا ما يكفينا من المقاتلين، وإذا ما توفر الدعم بالذخائر والأسلحة النوعية فإننا قادرون على التقدم في مختلف الجبهات، والوصول إلى جبل زين العابدين ومطار حماة العسكري ومدينة حماة".
في هذا الوقت، واصل الطيران الروسي استهداف مناطق المعارضة في ريف إدلب. وأصيب مدنيون بغارتين من الطيران الحربي الروسي على قرية الغسانية والبساتين المحيطة بمدينة جسر الشغور في ريف إدلب الغربي، وذلك بعد ساعات من إخراج الطيران الروسي آخر مستشفى يعمل في ريف إدلب الجنوبي. وقال الناشط الإعلامي، جابر أبو محمد، لـ"العربي الجديد" إنّ "طائرة حربية روسية استهدفت قرية عابدين في ريف إدلب الجنوبي بعدّة غارات بالصواريخ الارتجاجية، سقط أحدها على مستشفى حماة المركزي قرب القرية، ما أدّى إلى مقتل خمسة مدنيين، بينهم ثلاثة أطباء، وإصابة آخرين". وأوضح أنّ "الصاروخ اخترق تحصينات المستشفى، التي تقدّر بنحو سبعة أمتار تحت الأرض، ما أسفر عن أضرار في المستشفى ومعداته، وخروجه من الخدمة، بالإضافة إلى استهدافه بصاروخ يحمل قنابل عنقودية، مصدره مطار حماة العسكري". وأشار إلى أنّ "المستشفى هو آخر مستشفى ضمن الخدمة في ريف إدلب الجنوبي، وبخروجه عن العمل يصبح الريف الجنوبي لإدلب منكوباً صحياً".