وأفاد أحد مسؤولي توثيق الانتهاكات في حماة، عامر الأشقر، لـ"العربي الجديد"، ببدء عمليات سحب البطاقات الأمنية الصادرة من كافة الأفرع والأحزاب العاملة إلى جانب النظام، من بطاقات تسهيل الأمور وحمل السلاح، بالتزامن مع بدء رؤساء أفرع المخابرات، كفرعي الأمن العسكري والأمن الجوي، بحل المليشيات والعصابات التابعة لها، والتي كانت تعمل لصالحها كمليشيات متطوعة.
وكان رؤساء الأفرع يتخذون من تلك المليشيات سبيلاً تجارياً لجني الملايين من الليرات السورية، إذ إن كل متطوع اسمي في تلك المليشيات يتم منحه بطاقة أمنية مقابل مبالغ مالية كبيرة، كما يُغَض النظر عن سحبه إلى الجبهات في كل معركة يُطلب إليها مقابل خوّة مالية، إضافة إلى المتطوعين فعلياً في تلك المليشيات، والذين يقومون بعمليات السرقة والنهب والخطف مقابل فديات مالية تتجاوز عشرين ألف دولار أميركي، ريعها بأكمله يعود لصالح رؤساء الأفرع المسؤولين عنهم.
وعن صدور قرار سحب البطاقات وإتلافها وحصرها بمكتب أمني خاص، قال الأشقر إن هذا الباب المالي سيغلق أمام رؤساء الأفرع وستحل جميع تلك المليشيات، ليتم إتلاف بطاقات المتطوعين اسمياً، لتعود صفتهم المدنية، وسحب المتطوعين بشكل فعلي بشكل إجباري إلى صفوف الفيلق الخامس اقتحام، والذي أطلقه النظام بالتعاون مع روسيا منذ عام تقريباً.
من جهة ثانية، رأى الناشط الميداني في مدينة حماة سهيل اليوسف، أن هذا القرار سيخفف نوعاً ما من عمليات الضغط التي كان يمارسها شبيحة ومليشيات النظام على المدنيين في مناطق سيطرتهم، من حالات الخطف والقتل والتهديد التي كانت تُمارس بشكل أسبوعي من قبلهم.
وأوضح اليوسف أن "ذلك لا يعني انعدام تلك الحالات رغم حل المليشيات، فهناك سلطة الأفرع الأمنية وقوات النظام وعناصرها ما زالوا يفرضون تصرفاتهم وكلمتهم على الأهالي والمدنيين، والتي كانت تلك المليشيات تمارس صلاحياتها تحت رعاية الأفرع التي ما زالت تمارس سلطتها إلى اليوم، فيما ستختلف الآن أدوار القائمين على عمليات الخطف والقتل ليس إلّا".
وأبدى اليوسف مخاوفه من السبل التي قد يلجأ إليها رؤساء وضباط الأفرع الأمنية في حماة وغيرها من مناطق النظام بعد إغلاق سبيلهم المالي الكبير بحل تلك المليشيات التي كانت تدر ملايين الليرات عليهم.
وأضاف أن "مصيرا مجهولا ينتظر مسؤولي تلك المليشيات، والتي في الغالب يترأسها متخلّف عن الالتحاق بصفوف قوات النظام للخدمة الاحتياطية، أو فار من طلب قضاء المحاكم السورية بسبب القضايا والدعاوى المرفوعة عليه جنائياً، إلّا أنه كان يتخذ من سلطته وترؤسه للمجموعات التابعة لأفرع النظام مظلّة لحمايته من الملاحقات الأمنية المختلفة وحجّة لغض النظر عنه"، مبيناً أن "اليوم وبعد سحب صلاحياتهم، أصبح مصيرهم رهن قرارت النظام المجهولة".
وتابع "يكثر الحديث عن نيّة سحب هؤلاء وبشكل إجباري إلى صفوف الفيلق الخامس برفقة عناصرهم كمتطوعين مجندين عاديين، بعد خدمتهم للنظام على مرّ السنوات السابقة في سبيل بقائه".
وتحدّث أيضاً عن عشرات الخلافات التي يشاهدها الأهالي وبشكل يومي منذ صدور القرار على حواجز النظام، بين عناصر النظام المسؤولة عن الحواجز في مدينة حماة وبين الماريّن عبرها من مليشيات النظام من أصحاب البطاقات الأمنية التي بطل مفعولها، والرافضين لإتلاف بطاقاتهم أو سحبها، وسط رفض كبير لقرار النظام من قبل هؤلاء المتطوعين والمستفيدين من بطاقاتهم التي كانت تمنحهم صلاحيات مفتوحة مقابل مئات الآلاف من الليرات السورية.
وفي السياق ذاته، أكدت مصادر ميدانية، رفضت ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد"، سحب أكثر من خمسة عشر ألف بطاقة أمنية من محافظة حماة فقط، وما يقارب عشرين ألف بطاقة من محافظة حمص، فيما سجّل العدد الأكبر في محافظات دمشق واللاذقية وطرطوس، معظم حامليها من فئة الشباب بين الثامنة عشرة والثلاثين، ممن تخلّفوا عن اللحاق بالخدمتين الإلزامية والاحتياطية، وقسم آخر اتخذها وسيلة أمنية لحماية مصالحه وتجارته من الأفرع الأمنية المختلفة.