النخبة السياسية والإجراءات الاستثنائية

11 يوليو 2015

شباب الثورة المصرية يعانون من تخلي الأحزاب السياسية (الأناضول)

+ الخط -
هناك تصريحات للنخبة السياسية في مصر تثير الضحك، وعلى الرغم من أن الجو لا يحتاج لهذا الضحك، إلا أننا نحاول، جاهدين، أن نشاركهم ضحكهم بأي شكلٍ، حفاظاً على هيبة النخبة. وعليه، صرّح عضو المكتب السياسي لحزب التجمع التقدمي الوحدوي، نبيل زكي، أنه يرفض فرض أي إجراءات استثنائية خلال الحرب التي تقودها الدولة على الإرهاب حالياً، مطالبا بالانتظار حتى صدور قانون الإرهاب من رئيس الدولة. لم يقل صدور القانون من مجلس الشعب، ولماذا يقول ذلك، طالما أن إرادة الدبابة لدى النخبة الاشتراكية أصبحت أعلى كعباً من الشعب وسلطته، ولماذا يدخل الشعب في الموضوع، أصلاً، طالما أن الجنرال سخي في إصدار القوانين، بل أكثر كرماً من حاتم الطائي نفسه.
هذه هي النخبة، تريدها استثنائية. ولكن، بعد صكّ قانون الإرهاب، فإن نفع، فأهلا وسهلاً، وإن لم ينفع، فأهلاً بالقوانين الاستثنائية على الرحب والسعة.
كانت النخبة، دائماً، البوابة الملكية للديكتاتورية في أكثر الانقلابات، نخبة فنزويلا مع موظفي شركات النفط وانقلابها على تشافيز في فنزويلا مدة 48 ساعة، لولا الفقراء والمعدمين، وقد أدركوا أن نخبتهم تريد إزاحة طفل القرية المعدم الذي ولد في كوخ جدته في قرية معدمة.
كانت الدعامة الأولى لصيحات الانقلاب في مصر في 30 يونيو من تلك النخبة السياسية وخميرتها البرجوازية العتيدة. أغلق رفعت السعيد، ابن عمدة قرية من قرى الدلتا، أبواب حزب التجمع بالضبّة والمفتاح، قبل بزوغ ثورة يناير بساعات، لكي لا يستغل شباب الثورة الحزب في التقاط الأنفاس. وكان بالطبع في أول الصفوف في الانقلاب، بجوار وزراء سابقين للداخلية وألوية، وبالقرب منهم لواء من اليمن عُرف أنه ابن عم علي عبدالله صالح، وكان مديراً لمخابراته، وبجوارهم نقيب المحامين ونائب الحزب الناصري الاشتراكي (طبعاً)، ومن الجهة الأخرى كان تاجر الأدوية وصاحب قنوات الحياة ورئيس حزب الوفد مع رجل الأعمال نجيب ساويرس. فعلاً، الانقلابات تنتقي مصالحها ورجالها، وغاب الفقراء والمعوزون وجرحى الثورة، وميدان رابعة العدوية محاصر بالشائعات والدبابات كمستعمرات الجزام، لأن رئيساً أتى من قرية بعيدة، ويريد أن يحكم برجوازية المدينة العتيدة مع لواءات جيشها وقضاتها، ويجادلهم في المزايا التي اكتسبوها عنوة من شعبٍ أغلبه تحت خط الفقر.
بعد نجاح الانقلاب، كانت مستشفيات القوات المسلحة الـ 7 نجوم لوكاندة دائمة لكل أطياف الأحزاب المدنية، ومنهم نبيل زكي صاحب التصريح السابق، رداً للجميل.
كان نبيل زكي وأعضاء حزبه، كلما ألمّت بهم ملمة، تفتح لهم مستشفيات القوات المسلحة، كما فتحوا هم حزب التجمع في 30 يونيو على مصراعيه، ورموا ضبة ومفتاح ثورة يناير في البحر، واستبدلوهما بضبة جديدة ومفتاح جديد، انتظاراً للبركة القادمة من الجيش، كي تزيل عثرات الحزب. يريد نبيل زكي، الآن، أن يجعل الحلو بعد العشاء (بقانون الإرهاب) على لحم خصومه من "الإخوان المسلمين" وغيرهم من شباب الثورة المسجونين بالآلاف أصلاً، بإجراءات استثنائية، تحرُّزاً من عدم جدوى قانون الإرهاب الذي هو، في حد ذاته، مصيبة كبيرة.
كل هذا و"الإخوان" في السجون بين إعدام ومؤبد، وشباب الثورة أغلقت أمامهم مقاهي وسط البلد، مثل حزب التجمع ليلة الثورة، والشباب الباقي من الثوّار، كأحمد ماهر ودومة وعلاء عبد الفتاح، في السجون، وبقيتهم، إما هجّرته الدولة بالذوق أو هرب بجلده أو اكتأب وسكت، حتى ماهينور لم يتحملوها فأدخلوها السجن. إذن، على أي أحد تطبقون قانون الإرهاب، والإرهاب عياناً بياناً على أرض سيناء يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق، ويمنح حتى للفقراء بعض الصدقة من كيس الخليفة البغدادي، ومعهم مضادات للطائرات. وعلى أي من أحد تطبقون الإجراءات الاستثنائية التي ينادي بها نبيل زكي، وهو يكافح الثمانين والبلغم، وميدان التحرير مليء بالورد والجناينية، ومحطة مترو التحرير أعادوا غلقها، لا خوفا من الثورة، ولكن حماية للورد الطالع في طمي الميدان.