تستمر معاناة آلاف النازحين من بلدات القيارة والشرقاط قرب الموصل، مع تصاعد العمليات العسكرية التي أجبرتهم على النزوح من منازلهم، ومع التجاهل الحكومي والدولي لإغاثتهم في مخيمات تضيق عليهم وأقيمت على عجل في قرى مخمور وديبكة.
وعلى الرغم من المناشدات التي أطلقتها شخصيات سياسية ومنظمات دولية بضرورة إغاثة النازحين من الشرقاط والقيارة، إلا أن تحرك الجهات الحكومية لا يزال خجولاً، في حين اكتفت المنظمات الدولية بإحصاء أعداد النازحين وتقديم الوعود للعوائل النازحة التي لم يطبق منها شيء، حتى الآن، حسب شهادات العوائل النازحة.
وأعلن مدير ناحية القيارة صالح الجبوري لـ"العربي الجديد" أن "أعداد النازحين من القيارة والقرى المحيطة بها في مخيم ديبكة بلغ حتى يوم أمس 10 آلاف نازح أغلبهم من النساء والأطفال"، مؤكداً "أن الوضع في المخيم صعب للغاية مع كثرة أعداد النازحين، وعدم قدرة القائمين على المخيم تقديم الخدمات اللازمة، واستيعاب المزيد من النازحين".
وأكد الجبوري "أن المسؤولين المحليين على قناعة تامة أن الحل الوحيد لإنهاء معاناة النازحين من القيارة والشرقاط هو بإعادتهم للقرى التي تم تحريرها".
ولفت إلى "أن السلطات الأمنية والمحلية في محافظة نينوى تنوي، خلال الأيام القادمة، إعادة أهالي قرى الحاج علي وخربردان إلى منازلهم بعد أن تم تحريرها منذ ثلاثة شهور"، مضيفاً "أن إعادة أهالي القريتين قرب القيارة يفسح المجال لاستقبال العوائل التي لا تزال تصل لمخيم ديبكة".
وعن مركز الاحتجاز والتحقيق الذي أقيم في مخيم ديبكة، قال الجبوري: "الجهات الأمنية بالتعاون مع قوات الأسايش الكردية احتجزت الرجال والشباب البالغين من أهالي القيارة، ويقدر عددهم بأربعة آلاف رجل للتحقيق معهم، والبحث عن المطلوبين منهم للجهات الأمنية في مكان معزول في مخيم ديبكة".
وأكد علي جاسم، النازح من قرية الحاج علي قرب القيارة لـ"العربي الجديد" أنه تعرض للاحتجاز مدة عشرة أيام متتالية، وجرى التحقيق معه، مضيفاً أن "الجهات الأمنية لا تزال تصادر أوراقي الشخصية وهويتي المدنية، ولم تسمح لي بمغادرة المخيم مع عائلتي لمكان أفضل داخل مدينة أربيل".
بدورها أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية عن استقبالها ألف عائلة نازحة لغاية يوم أمس الإثنين، في مركز استقبال النازحين الفارين من مناطق القتال في القرى والنواحي التابعة لقضاء الشرقاط وناحية القيارة.
وفي السياق ذاته، أكدت منظمات دولية ومحلية تعرض النازحين في مخيمات ديبكة ومخمور لمحنة كبيرة، نتيجة افتقادهم الغذاء والماء الصالح للشرب، مع عدم كفاية الخيم المقدمة لإيواء مئات العوائل التي تفترش الأرض تحت الشمس الحارقة، ومع بلوغ درجة الحرارة أكثر من 50 درجة مائوية.
من جهة ثانية، أكدت منظمات إغاثة محلية عن تعرضها لمضايقات ومساومات من جهات أمنية وسياسية.
وأكدت رئيسة إحدى المنظمات الإغاثية في شمال العراق، بشرى الجوادي، لـ"العربي الجديد" أن عمل المنظمات محفوف بكثير من المخاطر والعقبات في سبيل إيصال المساعدات للنازحين في شمال العراق".
وأوضحت الجوادي "أن تأزم العلاقات بين الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان كان له نتائج سلبية على عمل المنظمات الإنسانية التي تتخذ من كردستان مقراً مؤقتاً لها"، مشيرة إلى "أن العديد من قوافل المساعدات تعذر وصولها إلى مخيمات النازحين بسبب الإجراءات الأمنية والروتين الإداري في نقاط التفتيش بين حدود المحافظات العراقية".
وحذر المرصد العراقي لحقوق الإنسان من تعرض آلاف النازحين من القيارة والشرقاط لما وصفها بـ"كارثة إنسانية" بسبب الظروف القاسية التي يواجهونها. ووجه المرصد العراقي دعوته للجهات الرسمية المعنية لاتخاذ الاحتياطات اللازمة لإغاثة النازحين، وحماية المدنيين المحاصرين داخل مناطق القتال، والتمييز بين المقاتلين والمدنيين وفقاً للقانون الدولي.