لم يعد بإمكان الشاب ريان فتحي ارتداء ما يناسب جيله من تقليعات الموضة العالمية. ولم يعد مسموحاً له تصفيف شعره كما يريد. وكذلك ممنوع عليه ارتياد المقاهي وغيرها من المرافق التي يلتقي فيها مع أصحابه، ويلعب معهم البلياردو ويدخن النارجيلة وغيرها من النشاطات. فالمدينة بأكملها تخضع لتنظيم "داعش".
والتنظيم منذ سيطرته على الموصل الصيف الماضي، يمعن في انتهاك الحريات الشخصية لأهلها. ولا يؤثر في قوانين المنع التي يصدرها، أيّ امتعاض من قبل الأهالي خصوصاً النساء والشباب، فهؤلاء يخافون من التعبير عن احتجاجهم بالرغم من أنّهم فقدوا فجأة عاداتهم اليومية.
ويفرض "داعش" تعليمات وقوانين مشددة على الأهالي، ويرفض أيّ اعتراض عليها، ويلجأ على الدوام الى القوة والبطش والتنكيل من أجل إلزام السكان بقوانينه. يقول فتحي لـ"العربي الجديد": "للأسف الشديد، داعش صادر حرياتنا كشباب في الموصل فلم نعد كالسابق نرتدي الملابس الحديثة والضيقة وسراويل الجينز، أو تسريح الشعر بحسب القصات العالمية، أو الجلوس في المقاهي وتدخين النارجيلة ولعب البلياردو والطاولة والورق والدومينو والفيشة وغيرها. وأغلق أبواب دور السينما والمسارح والمنتديات الأدبية والشعرية وقاعات عرض النتاجات الفنية الثقافية، والقاعات الرياضية. واعتبر كل ذلك من المحرمات المخالفة للشريعة الإسلامية". يضيف: "الشباب في الموصل يشعرون بإحباط وفراغ شديدين فاقمهما توقف الدراسة في جامعة الموصل ومعاهدها وحتى في كثير من المدارس الإعدادية والثانوية".
من جهته، يقول الشاب علي محمد الذي بات عاطلاً عن العمل فجأة بعد توقف الكثير من المهن في الموصل وإغلاق المعامل والمصانع الحكومية والأهلية على حد سواء: "معظم الشباب والرجال عاطلون عن العمل منذ أشهر بسبب تلك القوانين. فأنا كنت أعمل في محل خياطة ملابس نسائية إلاّ أنني اضطررت الى إغلاق المحل بسبب فرض التنظيم ارتداء الخمار على النساء ومصادرة حرياتهن، ما أضعف بشكل قياسي إقبال النساء على خياطة وشراء الملابس".
يتابع: "بتّ أمضي وقتي في الشوارع والأسواق بحثاً عن فرصة عمل لإعالة عائلتي الكبيرة لكن من دون جدوى. فالفرصة الوحيدة هي الانضمام إلى داعش الذي يحاول تجنيد الشباب بكل الطرق ومنها صرف رواتب مالية مغرية خصوصاً للعاطلين عن العمل. فقد حارب داعش المهن وأوقف الأعمال لإجبار الشباب على الالتحاق به".
التضييق على الحريات الشخصية يبدو أكثر وضوحاً على النساء والشابات في الموصل، بعد فرض التنظيم تعاليم مشددة بهذا الخصوص ومنها ارتداء النساء لخمار أسود تحته جبة وملابس سوداء تحجب الجسم بأكمله. كما تُغطى العينان بقماش شفاف يسمح بالرؤية فقط. كذلك يحدّ التنظيم من حركة المرأة وتنقلاتها، فيحظر خروجها من المنزل إلاّ لحاجة ضرورية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد عمد "داعش" إلى فصل تلميذات المدارس عن التلاميذ الذكور وشجع على ترك الطالبات للدراسة والزواج في سن مبكرة. كما أقدم على إعدام عدد كبير من النساء اللواتي رفضن الانصياع لهذه الأوامر.
تقول الشابة إيناس غانم إنّ "داعش" حوّل حياة الناس الى "جحيم لا يطاق بفرضه تعليمات غريبة ومنع سفرهم حتى يتخذ منهم دروعاً بشرية في حربه هذه. ولو أنّ التنظيم كان يريد خيراً للموصل لعمل على تقديم الخدمات للمواطنين بدل وقف الكثير منها. ولكان وفّر فرص عمل للعاطلين وباشر بإنجاز مشاريع الإعمار والبناء بدل فرض تعليمات سخيفة ليس لها أي قيمة أو أهمية سوى النيل من حياة وحرية المواطنين وإذلالهم إرضاء للأجندات الدولية التي يخدمها".
وعلى هذا الصعيد، ترتفع بعض الأصوات لتجدد مطالبة الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان والمجتمع الدولي بسرعة وضرورة التحرك لإنقاذ مدينة الموصل وعموم محافظة نينوى من الحملة التخريبية الشرسة التي تتعرض لها بُناها في كافة المجالات، وقبلها ما لحق بأهاليها من قتل واعتقال وتهجير وتعذيب على أيدي تنظيم "داعش".
يقول الباحث الاجتماعي فاضل محمود: "نحن نستغرب الصمت المتعمد من جانب الحكومة العراقية تجاه ما يجري في ثاني أكبر محافظة عراقية وقعت تحت سيطرة تنظيم غاشم لا يعرف سوى القتل والتخريب. فمنذ عشرة أشهر لم تحرك الحكومة ساكناً لإنقاذ المحافظة التي تحترق يوماً بعد آخر وتخرب ملامحها، وتمحى حضارتها وثقافتها وحياتها بالكامل على مرأى من العالم أجمع، وكأنّه مشترك مع داعش في إبادة كل ما يتعلق بمدينة الموصل المظلومة". ويتابع أنّ "داعش يضرب ويخرب فيها، والقصف الدولي يضرب هو الآخر وينال من مواطنيها وبناها، والحصار الحكومي لا يؤثر إلاّ بمواطنيها الأبرياء الذين يدفعون الثمن على الدوام من دمهم وحياتهم ومباني مدينتهم التي كانت عامرة في يوم ما".
ويضيف محمود أنّ "استمرار تدمير الموصل وتغيير حياة أهاليها بالأفكار والقوانين التي يفرضها داعش سيخلق مشاكل اجتماعية مستقبلية، ربما سيكون من الصعب حلها أو التغاضي عنها حتى وإن تحررت المدينة من سيطرة داعش يوماً ما".
بدوره، يعبر الناشط الحقوقي كمال محمود عن اعتقاده أنّ "إجراءات داعش المتشددة في الموصل ومصادرته الحريات الشخصية والتضييق على حياة المواطنين، ليس لأنّ تلك الحريات مخالفة للشريعة الاسلامية كما يدعي التنظيم، إنما هي جزء من مخطط وأجندة تخريبية وتقسيمية دولية ينفذها داعش في الموصل بالذات وتعمل على تغيير خريطة المنطقة لصالح دول تستفيد من الوضع الجديد".
ويضيف: "الإسلام منذ ظهوره لم يطبق أو يطالب بمثل هذه التعليمات الغريبة. وعلى العكس من ذلك، فقد أكّد هذا الدين المتسامح على إشاعة الحريات بما لا يتعارض مع القانون أو حقوق المواطنين أو الإضرار بالأخلاق وعادات المجتمع. كما نصّ أيضاً على نشر روح التسامح والمحبة وقبول الآخر، وليس التخريب والهدم والقتل ومصادرة الرأي الآخر وقتل من يعارض، كما يفعل داعش اليوم". ويلفت محمود إلى أنّ "الإسلام بريء من هذا التنظيم المتطرف، وهو ما تؤكده مرجعيات دينية إسلامية في كافة أنحاء العالم".
ممنوعون من السفر
التضييق على الحريات العامة الذي يمارسه "داعش" على أهالي الموصل، يشمل منع السفر إلّا بعد تقديم المسافر ما يثبت عودته إلى المدينة، من سندات ملكية عقارات، وكفالة شخص، لضمان عودته بعد المدة التي تحددها المحكمة الشرعية، واقتناعها بحجة السفر. وإذا لم يرجع صادر التنظيم ممتلكاته، وغرّم الكفيل أو سجنه، أو حتى أعدمه.
والتنظيم منذ سيطرته على الموصل الصيف الماضي، يمعن في انتهاك الحريات الشخصية لأهلها. ولا يؤثر في قوانين المنع التي يصدرها، أيّ امتعاض من قبل الأهالي خصوصاً النساء والشباب، فهؤلاء يخافون من التعبير عن احتجاجهم بالرغم من أنّهم فقدوا فجأة عاداتهم اليومية.
ويفرض "داعش" تعليمات وقوانين مشددة على الأهالي، ويرفض أيّ اعتراض عليها، ويلجأ على الدوام الى القوة والبطش والتنكيل من أجل إلزام السكان بقوانينه. يقول فتحي لـ"العربي الجديد": "للأسف الشديد، داعش صادر حرياتنا كشباب في الموصل فلم نعد كالسابق نرتدي الملابس الحديثة والضيقة وسراويل الجينز، أو تسريح الشعر بحسب القصات العالمية، أو الجلوس في المقاهي وتدخين النارجيلة ولعب البلياردو والطاولة والورق والدومينو والفيشة وغيرها. وأغلق أبواب دور السينما والمسارح والمنتديات الأدبية والشعرية وقاعات عرض النتاجات الفنية الثقافية، والقاعات الرياضية. واعتبر كل ذلك من المحرمات المخالفة للشريعة الإسلامية". يضيف: "الشباب في الموصل يشعرون بإحباط وفراغ شديدين فاقمهما توقف الدراسة في جامعة الموصل ومعاهدها وحتى في كثير من المدارس الإعدادية والثانوية".
من جهته، يقول الشاب علي محمد الذي بات عاطلاً عن العمل فجأة بعد توقف الكثير من المهن في الموصل وإغلاق المعامل والمصانع الحكومية والأهلية على حد سواء: "معظم الشباب والرجال عاطلون عن العمل منذ أشهر بسبب تلك القوانين. فأنا كنت أعمل في محل خياطة ملابس نسائية إلاّ أنني اضطررت الى إغلاق المحل بسبب فرض التنظيم ارتداء الخمار على النساء ومصادرة حرياتهن، ما أضعف بشكل قياسي إقبال النساء على خياطة وشراء الملابس".
يتابع: "بتّ أمضي وقتي في الشوارع والأسواق بحثاً عن فرصة عمل لإعالة عائلتي الكبيرة لكن من دون جدوى. فالفرصة الوحيدة هي الانضمام إلى داعش الذي يحاول تجنيد الشباب بكل الطرق ومنها صرف رواتب مالية مغرية خصوصاً للعاطلين عن العمل. فقد حارب داعش المهن وأوقف الأعمال لإجبار الشباب على الالتحاق به".
التضييق على الحريات الشخصية يبدو أكثر وضوحاً على النساء والشابات في الموصل، بعد فرض التنظيم تعاليم مشددة بهذا الخصوص ومنها ارتداء النساء لخمار أسود تحته جبة وملابس سوداء تحجب الجسم بأكمله. كما تُغطى العينان بقماش شفاف يسمح بالرؤية فقط. كذلك يحدّ التنظيم من حركة المرأة وتنقلاتها، فيحظر خروجها من المنزل إلاّ لحاجة ضرورية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد عمد "داعش" إلى فصل تلميذات المدارس عن التلاميذ الذكور وشجع على ترك الطالبات للدراسة والزواج في سن مبكرة. كما أقدم على إعدام عدد كبير من النساء اللواتي رفضن الانصياع لهذه الأوامر.
تقول الشابة إيناس غانم إنّ "داعش" حوّل حياة الناس الى "جحيم لا يطاق بفرضه تعليمات غريبة ومنع سفرهم حتى يتخذ منهم دروعاً بشرية في حربه هذه. ولو أنّ التنظيم كان يريد خيراً للموصل لعمل على تقديم الخدمات للمواطنين بدل وقف الكثير منها. ولكان وفّر فرص عمل للعاطلين وباشر بإنجاز مشاريع الإعمار والبناء بدل فرض تعليمات سخيفة ليس لها أي قيمة أو أهمية سوى النيل من حياة وحرية المواطنين وإذلالهم إرضاء للأجندات الدولية التي يخدمها".
وعلى هذا الصعيد، ترتفع بعض الأصوات لتجدد مطالبة الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان والمجتمع الدولي بسرعة وضرورة التحرك لإنقاذ مدينة الموصل وعموم محافظة نينوى من الحملة التخريبية الشرسة التي تتعرض لها بُناها في كافة المجالات، وقبلها ما لحق بأهاليها من قتل واعتقال وتهجير وتعذيب على أيدي تنظيم "داعش".
يقول الباحث الاجتماعي فاضل محمود: "نحن نستغرب الصمت المتعمد من جانب الحكومة العراقية تجاه ما يجري في ثاني أكبر محافظة عراقية وقعت تحت سيطرة تنظيم غاشم لا يعرف سوى القتل والتخريب. فمنذ عشرة أشهر لم تحرك الحكومة ساكناً لإنقاذ المحافظة التي تحترق يوماً بعد آخر وتخرب ملامحها، وتمحى حضارتها وثقافتها وحياتها بالكامل على مرأى من العالم أجمع، وكأنّه مشترك مع داعش في إبادة كل ما يتعلق بمدينة الموصل المظلومة". ويتابع أنّ "داعش يضرب ويخرب فيها، والقصف الدولي يضرب هو الآخر وينال من مواطنيها وبناها، والحصار الحكومي لا يؤثر إلاّ بمواطنيها الأبرياء الذين يدفعون الثمن على الدوام من دمهم وحياتهم ومباني مدينتهم التي كانت عامرة في يوم ما".
ويضيف محمود أنّ "استمرار تدمير الموصل وتغيير حياة أهاليها بالأفكار والقوانين التي يفرضها داعش سيخلق مشاكل اجتماعية مستقبلية، ربما سيكون من الصعب حلها أو التغاضي عنها حتى وإن تحررت المدينة من سيطرة داعش يوماً ما".
بدوره، يعبر الناشط الحقوقي كمال محمود عن اعتقاده أنّ "إجراءات داعش المتشددة في الموصل ومصادرته الحريات الشخصية والتضييق على حياة المواطنين، ليس لأنّ تلك الحريات مخالفة للشريعة الاسلامية كما يدعي التنظيم، إنما هي جزء من مخطط وأجندة تخريبية وتقسيمية دولية ينفذها داعش في الموصل بالذات وتعمل على تغيير خريطة المنطقة لصالح دول تستفيد من الوضع الجديد".
ويضيف: "الإسلام منذ ظهوره لم يطبق أو يطالب بمثل هذه التعليمات الغريبة. وعلى العكس من ذلك، فقد أكّد هذا الدين المتسامح على إشاعة الحريات بما لا يتعارض مع القانون أو حقوق المواطنين أو الإضرار بالأخلاق وعادات المجتمع. كما نصّ أيضاً على نشر روح التسامح والمحبة وقبول الآخر، وليس التخريب والهدم والقتل ومصادرة الرأي الآخر وقتل من يعارض، كما يفعل داعش اليوم". ويلفت محمود إلى أنّ "الإسلام بريء من هذا التنظيم المتطرف، وهو ما تؤكده مرجعيات دينية إسلامية في كافة أنحاء العالم".
ممنوعون من السفر
التضييق على الحريات العامة الذي يمارسه "داعش" على أهالي الموصل، يشمل منع السفر إلّا بعد تقديم المسافر ما يثبت عودته إلى المدينة، من سندات ملكية عقارات، وكفالة شخص، لضمان عودته بعد المدة التي تحددها المحكمة الشرعية، واقتناعها بحجة السفر. وإذا لم يرجع صادر التنظيم ممتلكاته، وغرّم الكفيل أو سجنه، أو حتى أعدمه.