تصاعدت وتيرة الانتهاكات الممارسة بحق المعتقلين داخل السجون المصرية على خلفية سياسية، بحيث تزايد العنف الشرطي المستخدم بحق المعتقلين في السجون المختلفة، دون مساءلة عادلة لأيٍ من الضالعين في تلك الانتهاكات.
ورصدت منظمة "هيومن رايتس مونيتور"، تعرض المعتقلين لمعاملاتٍ قاسية، من الضرب المبرح والتعذيب لمحاولة انتزاع اعترافات، راح ضحيته ما يزيد عن 200 معتقل منذ أحداث 30 يونيو/ حزيران من العام 2013، بالإضافة إلى الاحتجاز في أماكن غير إنسانية، والإهمال الطبي وتردي الخدمات الصحية المقدمة داخل السجون للمعتقلين مرضى القلب والسرطان وغيرها من الأمراض الخطيرة، ما تسبب في وفاة العشرات نتيجة ذلك.
وتمارس الانتهاكات بشكلٍ شبه يومي في مختلف سجون الجمهورية المصرية، وتزيد وطأتها وحدّتها على المعتقلين في سجن العقرب، الموجود بمجمع سجون طرة بمنطقة المعادي في القاهرة.
ورصدت المنظمة جزءاً من تلك الانتهاكات الضخمة التي تمارس بهذا السجن، لإظهار درجة العنف الشرطي المستخدم في السجون المصرية، والذي لا تتخذ السلطات المصرية أي خطوات جادة لحله، أو مساءلة عادلة للمسؤولين عن وقوع عشرات القتلى داخل السجون المصرية، في ظل تستر واضح من الأجهزة القضائية المصرية على تلك الجرائم، بحسب المنظمة.
شهادة معتقل
كما ذكرت المنظمة أنها تلقت استغاثات متكررة، من داخل سجن العقرب ومن أهالي المعتقلين بالسجن، تروي تفاصيل الانتهاكات التي تمارس ضدهم.
وبحسب أحد المعتقلين في عنبر H1 بسجن العقرب، فإنهم يتعرضون بشكلٍ دوري للضرب المبرح بالعصي والهروات، كما يتعرضون للصعق المتكرر بالكهرباء في مختلف أنحاء الجسد ويزيد في الأماكن الحساسة، بالإضافة إلى تعليق معظم المعتقلين لفترات طويلة في الحائط ربما تتجاوز عدة أيام.
وأضاف المعتقل في روايته للمنظمة، أن عدداً كبيراً منهم تم اغتصابه بشكلٍ كامل وليس مجرد تحرش جنسي، من قبل ضباط وعساكر السجن، مضيفاً "عدد منا أجبروه على الجلوس على أربع كالحيوانات، وقاموا بوضع العصي في دبر المعتقلين كنوعٍ جديدٍ من الإذلال والتنكيل بنا"، مشدداً على أن أنواع التعذيب المختلفة تقتلهم بالبطيء يومياً.
إلى ذلك، بيّن تقرير المنظمة، أن الشهادات التي تلقوها تفيد بأن المعتقلين بسجن العقرب يتم أيضاً تهديدهم باغتصاب زوجاتهم وأمهاتهم وبناتهم أمام أعينهم، أثناء الزيارة شبه الدورية، والتي توقفت تماماً قبل بداية شهر رمضان وحتى الآن، إذا تفوّه أحدهم بأي كلمة عن الانتهاكات التي يتعرضون لها لأي من الحقوقيين.
اقرأ أيضاً: استغاثة أبو البخاري لنقله من "عقرب الموت"
شهادات لأسر المعتقلين
وأشارت المنظمة إلى توثيقها في تقارير سابقة لمعاناة أسر المعتقلين خلال الزيارات، من منع إدخال الطعام والدواء والمستلزمات الخاصة، والطوابير الطويلة والإهانات المتكررة والتفتيش الشبيه بالتحرش، وحرمان المعتقل من التواصل مع أهله، حيث يحول بينهم لوح زجاجي وتكون الزيارة من خلال سماعة هاتف مراقبة، فضلاً عن منع إدارة السجن الزيارة عن عدد كبير من المعتقلين عدة مرات دون سبب.
وروت أسر عدد من المعتقلين للمنظمة، ما يتعرض له ذووهم من تهديد مستمر بالتصفية المباشرة، وأنّ ضباط السجن يقومون بتهديدهم بالقتل ويخبرونهم عن قتل القوات الأمنية لـ9 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، داخل شقة سكنية قبل أسبوعين، ويهددونهم بأن يلقوا نفس المصير في القريب العاجل.
اقرأ أيضاً: سجون مصر تستقبل رمضان بزيادة الانتهاكات بحق المعتقلين
كما زاد التعنت ضد المعتقلين في شهر رمضان، حيث تم منع جميع الزيارات إلى أجل غير معروف، بالإضافة إلى حرمان المعتقلين من تلقي وجبات الإفطار والسحور في أوقاتها، مع تقليل كميتها بشكل مبالغ فيه، واقتصرت بعض الأيام على تلقي وجبة واحدة فقط، كما تم منع الوجبات تماماً لمدة ثلاثة أيام بعد اغتيال النائب العام هشام بركات، مما أدى إلى تدهور صحة المعتقلين بشكل كبير وخاصة المرضى منهم.
إضافة إلى ذلك تمت مصادرة الساعات من المعتقلين، لمنعهم من معرفة وقت السحور والإفطار، وتجريدهم أيضاً من النظارات والأحذية لتترك الزنازين فارغة من كل شيء.
تحقيق دولي
وأعربت المنظمة عن قلقها الشديد إزاء تزايد الانتهاكات بهذا الشكل المرعب، الذي سيودي بحياة المعتقلين داخل السجن إن استمرت، كما أدانت مخالفة السلطات المصرية لنص المادة 40 من دستورها، بأن كل من يُقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأي قيد، تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك، لائقة إنسانياً وصحياً تلتزم الدولة بتوفيرها، ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون ولا تسقط بالتقادم.
وطالبت المنظمة بالتحقيق بشكلٍ عاجل في تلك الانتهاكات، والتدخل الدولي العاجل لمحاسبة المسؤولين عن تلك الجرائم البشعة، مشددةً على ضرورة تحسين ظروف الاعتقال، والإسراع في إقامة محاكمات عاجلة تتمتع بالنزاهة والعدالة للمعتقلين، بحيث لا يجوز استمرار حبسهم على ذمة قضايا سياسية، وتهم لم تثبت بحقهم.