يحصل عادة تغيير في أسعار السلع والخدمات المقدمة للمواطنين، ارتفاعاً أو انخفاضاً، ربطاً بانخفاض أو ارتفاع في أسعار بيع النفط والمحروقات، لا سيما في الدول التي تعتمد ميزانيتها بشكل أو بآخر على الريع النفطي. ولكن يبدو الأمر مختلفاً في العراق. فبعد أن تدنّى سعر بيع النفط إلى دون الخمسين دولاراً، ووصل حجم تصديره إلى ثلاثة ملايين برميل في اليوم، لا تزال الأسعار الاستهلاكية مستقرة وبعضها شهد ارتفاعا.
سوق عراقية جامدة
سوق عراقية جامدة
ويقول الخبير الاقتصادي باسم جميل أنطوان لـ "العربي الجديد"، إن السوق العراقية غير مرنة، وتمتاز بالجمود. إذ لا يستطيع التاجر والمستهلك العراقي، وذلك نتيجة عدم استقرار السوق، أن يكيفا نفسيها على سعر ثابت، إذ تجده متقلبا بين فترة وأخرى. ويستغل بعض التجار وأصحاب المحال ذلك الانخفاض في الأسعار، ويعتبرونه غنيمة لتحقيق الأرباح، فمنهم من عدّل في الأسعار ليرفعها بنسبة 2% إلى 3% كما هو الحال في العقارات والملابس والسيارات، في حين بقيت أسعار الغذاء والخضر على حالها.
ويضيف أنطوان أن غياب حالة التنافس في بيع المحروقات، ربما كان السبب الرئيسي وراء ذلك، لأن كل أسعار المحروقات خاضعة لسلطة الدولة. وقد بقي سعر لتر البنزين عند 150 ديناراً مثلاً في عام 2004 حتى عام 2005، وارتفع في عام 2009 إلى 450 ديناراً، وما زال مستقراً على السعر ذاته، على الرغم من وجود دعم حكومي لأسعار البنزين، الأمر الذي ولّد تضخماً نقدياً في العراق، فتجد الأسعار كما هي أو مرتفعة.
استمرار لهيب الأسعار
إلى ذلك يلفت صباح جمعة، موظف في وزارة الاتصالات، إلى "العربي الجديد"، قائلاً: "إننا فرحنا وحزنا في نفس الوقت عندما سمعنا عن انخفاض أسعار النفط عالمياً إلى مستويات غير طبيعية، فتخوفنا من تأثير ذلك في رواتبنا، لأن ميزانية الدولة تعتمد بشكل كبير جداً على بيع النفط، لكن وبعد التطمينات من قبل الحكومة بقيت أمنيتنا في أن يكون هناك انخفاض في أسعار المحروقات والسلع والمنتجات. إلا أننا وبعد مرور أكثر من شهرين أو ثلاثة، لم نجد التغيير ولو بنسب قليلة في تلك الأسعار، بل استغربنا ارتفاع بعض السلع. وهذا إن دل فإنه يدل على غياب الرقابة الحكومية على هؤلاء التجار والمستثمرين، وضعف التخطيط في إدارة السوق".
وتبيّن الموظفة بأجر يومي في بلدية الغدير وسط العاصمة بغداد أم عبير لـ "العربي الجديد"، أن انخفاض أسعار النفط كان كالنكسة بالنسبة للمواطنين. وتضيف قائلة: "بعد مرور شهر، تم إنهاء عقودنا، والسبب هو ضعف التمويل من قبل الحكومة، التي لا تستطيع دفع رواتب العقود والأجور اليومية، بحجة انخفاض أسعار بيع النفط العراقي"، وهذا الحال شمل الآلاف من الموظفين بأجور يومية أو عقود نصف سنوية.
وتشير أم عبير إلى أن من "يتحمل مسؤولية طرد هؤلاء هي الحكومة وحدها، لأنها هي من تحملت منذ البداية كل المسائل في التوظيف وتوفير فرص العمل والتحكم في الأسعار، وجعلتها بأيادي أشخاص غير مهنيين ولا يفقهون شيئاً، لا في الاقتصاد ولا في إدارة الدولة. ناهيك عن إقصاء القطاع الخاص وتشويه سمعته، لتجعلنا نحن وغيرنا لا نتجه سوى إلى دوائر الدولة، وها هي الدولة اليوم تتخلّى عنا بسهولة بعد خدمة تجاوزت العشر سنوات".
وإلى ذلك يلفت الخبير في الشؤون الاقتصادية خالد المفتي لـ "العربي الجديد"، إلى أن التحديات التي تواجه المواطن أولاً والدولة ثانية، تتطلب اتخاذ تدابير وإجراءات فورية لتدارك أي تدهور، وذلك في حال استمر أو استقر سعر بيع النفط. ويقول المفتي إن التدابير تتم بتقوية ودعم أجهزة التدقيق والرقابة والتفتيش والمتابعة وتطعيمها بعناصر ذات كفاءة ونزيهة وحصينة، ومنحها سلطات استثنائية لمكافحة الفساد الإداري والمالي المنتشر في أوصال ودوائر الدولة. فضلاً عن تشجيع القطاع الخاص ورعايته ودعمه وتفعيل دوره. كما يدعو المفتي إلى تأهيل المعامل والمشاريع المتوقفة عن العمل التابعة لهذا القطاع الذي يتميّز بالحيوية والنشاط، والذي يمكن له أن يلعب دوراً فاعلاً في إنعاش الاقتصاد العراقي، خاصة عندما تتوفر له الأرضية والبيئة المناسبتان.
ويضيف أنطوان أن غياب حالة التنافس في بيع المحروقات، ربما كان السبب الرئيسي وراء ذلك، لأن كل أسعار المحروقات خاضعة لسلطة الدولة. وقد بقي سعر لتر البنزين عند 150 ديناراً مثلاً في عام 2004 حتى عام 2005، وارتفع في عام 2009 إلى 450 ديناراً، وما زال مستقراً على السعر ذاته، على الرغم من وجود دعم حكومي لأسعار البنزين، الأمر الذي ولّد تضخماً نقدياً في العراق، فتجد الأسعار كما هي أو مرتفعة.
استمرار لهيب الأسعار
إلى ذلك يلفت صباح جمعة، موظف في وزارة الاتصالات، إلى "العربي الجديد"، قائلاً: "إننا فرحنا وحزنا في نفس الوقت عندما سمعنا عن انخفاض أسعار النفط عالمياً إلى مستويات غير طبيعية، فتخوفنا من تأثير ذلك في رواتبنا، لأن ميزانية الدولة تعتمد بشكل كبير جداً على بيع النفط، لكن وبعد التطمينات من قبل الحكومة بقيت أمنيتنا في أن يكون هناك انخفاض في أسعار المحروقات والسلع والمنتجات. إلا أننا وبعد مرور أكثر من شهرين أو ثلاثة، لم نجد التغيير ولو بنسب قليلة في تلك الأسعار، بل استغربنا ارتفاع بعض السلع. وهذا إن دل فإنه يدل على غياب الرقابة الحكومية على هؤلاء التجار والمستثمرين، وضعف التخطيط في إدارة السوق".
وتبيّن الموظفة بأجر يومي في بلدية الغدير وسط العاصمة بغداد أم عبير لـ "العربي الجديد"، أن انخفاض أسعار النفط كان كالنكسة بالنسبة للمواطنين. وتضيف قائلة: "بعد مرور شهر، تم إنهاء عقودنا، والسبب هو ضعف التمويل من قبل الحكومة، التي لا تستطيع دفع رواتب العقود والأجور اليومية، بحجة انخفاض أسعار بيع النفط العراقي"، وهذا الحال شمل الآلاف من الموظفين بأجور يومية أو عقود نصف سنوية.
وتشير أم عبير إلى أن من "يتحمل مسؤولية طرد هؤلاء هي الحكومة وحدها، لأنها هي من تحملت منذ البداية كل المسائل في التوظيف وتوفير فرص العمل والتحكم في الأسعار، وجعلتها بأيادي أشخاص غير مهنيين ولا يفقهون شيئاً، لا في الاقتصاد ولا في إدارة الدولة. ناهيك عن إقصاء القطاع الخاص وتشويه سمعته، لتجعلنا نحن وغيرنا لا نتجه سوى إلى دوائر الدولة، وها هي الدولة اليوم تتخلّى عنا بسهولة بعد خدمة تجاوزت العشر سنوات".
وإلى ذلك يلفت الخبير في الشؤون الاقتصادية خالد المفتي لـ "العربي الجديد"، إلى أن التحديات التي تواجه المواطن أولاً والدولة ثانية، تتطلب اتخاذ تدابير وإجراءات فورية لتدارك أي تدهور، وذلك في حال استمر أو استقر سعر بيع النفط. ويقول المفتي إن التدابير تتم بتقوية ودعم أجهزة التدقيق والرقابة والتفتيش والمتابعة وتطعيمها بعناصر ذات كفاءة ونزيهة وحصينة، ومنحها سلطات استثنائية لمكافحة الفساد الإداري والمالي المنتشر في أوصال ودوائر الدولة. فضلاً عن تشجيع القطاع الخاص ورعايته ودعمه وتفعيل دوره. كما يدعو المفتي إلى تأهيل المعامل والمشاريع المتوقفة عن العمل التابعة لهذا القطاع الذي يتميّز بالحيوية والنشاط، والذي يمكن له أن يلعب دوراً فاعلاً في إنعاش الاقتصاد العراقي، خاصة عندما تتوفر له الأرضية والبيئة المناسبتان.