تعيش بلدات الشمال السوري وقراه حالة سيئة على صعيد المواصلات، فمع اتساع الأراضي وبعدها لا تكاد تجد سيارات كافية، فضلاً عن عدم ضبط أسعار النقل وارتفاعها، وتضاف هذه الصعوبات إلى قائمة مآسي المهجرين الذين انتشروا بشكل عشوائي في الريف الشمالي والغربي لمدينة حلب وإدلب، إذ يحاول المهجرون قسراً زيارة بعضهم والاجتماع مع أهلهم وأقاربهم وأصدقائهم للحفاظ على الروابط التي تجمعهم.
يقول أبو أحمد، ابن مدينة دير الزور لـ"العربي الجديد": "جئت لزيارة ابني الذي دخل من تركيا إلى سورية لقضاء إجازة العيد في ريف حلب الشمالي، وقد واجهتني صعوبات كثيرة أثناء تنقلي بين دير الزور ومنطقة عفرين، فركبت ثلاث سيارات حتى وصلت وقد أوقفوني لساعات على الحواجز في منبج وفي الحدود الفاصلة بين مناطق سيطرة مليشيا قوات سورية الديمقراطية "قسد" وبين قوات النظام وبين فصائل الجيش الحر، وكانت تكلفة الرحلة باهظة جداً فقد أخذ سائق الحافلة التي أقلتنا من منطقة قريبة لجرابلس إلى عفرين ستة عشر ألف ليرة سورية عن شخصين".
أما ياسين حمدي (40 عاماً)، فيقول: "بعيد تهجيرنا من بلادنا حاولت البحث عن عمل، وكانت تنقلاتي كثيرة جداً فلم أكن أجد المواصلات بين ريفي إدلب وحلب، مما يضطرني إلى استئجار سيارة خاصة على حسابي وقد كانت مكلفة، وفي أحد التنقلات من معبر باب الهوى باتجاه إحدى قرى عفرين كانت تكلفة الرحلة خمسة وعشرين ألف ليرة سورية، فعمدت بعدها لشراء سيارة لقطع طريق عفرين - راجو وعفرين- أعزاز".
وعن التكاليف يوضح لـ"العربي الجديد" إنّ كلفة الرحلة الأولى تصل إلى ستمائة ليرة سورية وهي كافية، لكن الكثير من السائقين هنا يأخذون ألف ليرة سورية وهذا الأمر يعد استغلالاً لأهالي المناطق ومهجريها.
بينما يتحدث "بكر سليمة" أحد مهجري مدينة داريا لـ"العربي الجديد": "لم أجد سكناً بأجور منخفضة سوى في عفرين وأخرج لمدينة الباب للعمل هناك كل أسبوع، نحاول الخروج مع بعض أصحاب الخير الذين لا يأخذون أجوراً عندما يأخذونا معهم بسبب الغلاء وقلة المورد".
وتابع: "حاولت شراء دراجة نارية للتنقل، لكن المسافات شاسعة وكبيرة فمن عفرين للباب حوالي مائة كيلو متر تقريبا، مما يساعدني في التنقل قيام بعض الناشطين بإنشاء مجموعة للتواصل بين أهل الغوطة والريف الدمشقي فيتم التنسيق أحياناً من خلالها للخروج معاً ودفع أقل التكاليف".
أما رائد (34 عاماً) ويعمل سائقاً لسيارة أجرة فيقول لـ"العربي الجديد": "الأجور ليست غالية جداً كما يظن البعض، فالطرق في الشمال السوري سيئة وبحاجة لإصلاحات والمسافات كبيرة، وهذا كله يقلل من عمر السيارات، فضلاً عن غلاء المحروقات، فالبنزين مثلا في مدينة الباب يباع بحوالي أربعمائة ليرة سورية (قرابة 8 دولارات للتر الواحد)، وهي من أرخص الأماكن وانتشار باعة المحروقات بشكل كبير والغش الذي يحصل من وراء تلك المحروقات فتضطر لإصلاح محرك السيارة كثيراً في فترات قليلة، والذهاب على تلك الطرقات وخصوصاً الطرق التي عليها بعض السيئين ممن يقومون بعمليات السلب والسطو في بعض المناطق.
ويتابع رائد:" تسعى السلطات التركية ومن معها من فصائل الجيش الحر لتقوية جهاز الشرطة واستبدال الفصائل به في كل مناطق درع الفرات وغصن الزيتون مما سيخفف مشكلات المواصلات، وحتى تنظيمها وفق مراكز انطلاق للحافلات باتجاه معظم المناطق وهذا الأمر سيقلل من أزمة الأهالي والمهجرين في مدن وبلدات الشمال".