المواجهة: هل الاقتصاد المصري يفيد فعلياً من التكنولوجيا؟

03 ديسمبر 2014
التطور التكنولوجي في مصر(بيتر ماكدريمند/getty)
+ الخط -
يسود نقاش في مصر حول نمو في القطاع التكنولوجي. البعض يعتبر أن القطاع يرسم ملامح الاقتصاد المصري، والبعض الآخر يتحدث عن عدم الإفادة الفعلية من هذا القطاع الحيوي. فلنقرأ المواجهة بين رئيس جماعة المهندسين الاستشاريين عمر علوية، و عضو مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في اتحاد الصناعات ‏المصرية، حاتم زهران.

 علوبة: التكنولوجيا تنشّط قطاعات الاقتصاد

يرى رئيس جماعة المهندسين الاستشاريين‎ ‎المصريين، ورئيس مجلس إدارة شركة "تي كمبيوترز"، المهندس عمر علوبة، أن ‏تكنولوجيا المعلومات لها تأثير كبير على السوق المصرية.
ويعتبر علوبة في حديث لـ"العربي الجديد" أن الطفرة التي شهدها القطاع المالي والمصرفي، ‏والهندسة والإنشاءات والقطاع الزراعي والصناعي والنقل والمواصلات وغيرها العديد من القطاعات الاقتصادية، ‏تأثرت بصورة واضحة بنمو قطاع تكنولوجيا المعلومات في مصر.‏
ويبررعلوبة رأيه قائلاً: القطاع التكنولوجي يشهد نمواً كبيراً في مصر، وتطال تأثيراته كافة القطاعات الاقتصادية الفاعلة والمتحكّمة في الناتج المحلي الاجمالي المصري. ويمكن الحديث عن هذه التأثيرات في كل قطاع اقتصادي ناشط.
مثلاً، يمكن ملاحظة تأثير قطاع تكنولوجيا المعلومات في الصناعات الثقيلة والمتوسطة، وذلك عبر استخدام البيانات التابعة للمراكز البحثية في تطوير ‏الحياة العامة في مصر والاقتصادية على وجه الخصوص.
إذ إن القطاع الصحي شهد طفرة منذ أن قررت الدولة ‏استخدام تكنولوجيا المعلومات في إجراء المسوح الصحية، وتحديد مستحقي الدعم الطبي والاستشفائي.‏ وعلى مستوى السياحة، شهد القطاع الفندقي تطوراً كبيراً نتيجة استخدام تكنولوجيا المعلومات، حيث يمكن إيجاد قوائم جاهزة ‏تتعلق بكافة السياح الأجانب والزوار، ما يسهّل التواصل معهم وتشجيعهم على زيارة مصر.‏ وفي قطاع الآثار، هناك مشروع توثيق الآثار في المتحف المصري، إضافة إلى بانوراما عرض الآثار المصرية ‏المتواجد في محيط الأهرامات.‏ ويمكن ملاحظة آثار قطاع التكنولوجيا في آليات الدعم واستخدام البطاقات الذكية لتوزيع الخبز والسلع التموينية، والتي من المقرر تعميمها على السلع ‏البترولية لتوفير ما يقرب من 20 مليار جنيه سنوياً.‏
أما في القطاع الزراعي، فيوجد لدى مصر بورصة لكل محصول من المحاصيل، وكان من المقرر إنشاء بورصة عامة ‏لكافة المحاصيل من أجل إعادة توزيعها لتحقيق الاكتفاء الذاتي، إلا أن الكثير من المعوقات وقفت حائلاً أمام تنفيذ ‏الفكرة.‏
أما فيما يتعلق باتهامات البعض بأن هناك إهدارا لمشاريع عديدة نتيجة لعدم استخدام تكنولوجيا المعلومات، مثل مشروع قناة ‏السويس، فإن الدولة المصرية تسعى إلى اللحاق بركب التطور الاقتصادي والتكنولوجي العالمي. حيث تم وضع خطة طويلة الأمد لقناة السويس تقوم على تطوير حركة النقل الملاحي، وتوفير معلومات ‏إضافية عن السفن التي تمر بقناة السويس من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات.‏
علماً أنه يمكن تنفيذ مشاريع عملاقة من خلال تطوير مجرى قناة السويس أو غيرها من المشاريع باستخدام ‏تكنولوجيا المعلومات، إلا أن هناك أزمة على هذا الصعيد، نتيجة للتغيرات الاقتصادية التي ‏تشهدها مصر خلال الفترة الماضية.
وهنا لا بد من التأكيد على أن تكنولوجيا المعلومات تعتبر صناعة ذات وجهين، فهي صناعة مستقلة في حد ذاتها تتأثر بالسوق العالمية، وهي ‏صناعة تابعة ترتبط بباقي الصناعات، ما جعلها تتأثر بصورة كبيرة بحالة التردي الاقتصادي التي تعانيها مصر.

زهران: التأثيرات التكنولوجية غير منظورة

يرد عضو مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في اتحاد الصناعات ‏المصرية، رئيس مجلس إدارة شركة "ايكو ايجيبت"، الدكتور حاتم زهران، على ما يقوله المهندس عمر علوبة، بأن تأثير تكنولوجيا المعلومات في السوق المصرية "صفر".
‏ويدلل على ذلك بالفجوة الكبيرة بين متخذ القرارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبين نمو تكنولوجيا المعلومات، ‏حيث إن "الفارق يتجاوز الـ100 عام بين التكنولوجيا وسياسات حكامنا".‏
ويعلل زهران رأيه بالآتي: تكلف أزمة المرور الدولة ملايين الجنيهات سنوياً، وما زالت الحكومة تعتمد في حلها على العنصر البشري، ‏على الرغم من أن الدولة يمكنها الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات وتوفير ملايين الجنيهات.‏ كما نلحظ إهدار فرص التنمية والاستثمار، فعلى سبيل المثال، الدولة المصرية ما زالت تصر على إدارة قناة السويس بالطرق ‏التقليدية القديمة والتي تهدر مليارات الدولارات سنوياً.
على الرغم من ‏إمكانية الاستعانة بتكنولوجيا المعلومات من خلال إنشاء بورصة للبضائع التي تمر ‏بالقناة، وفتح باب المضاربة عليها، وتجميعها لتصبح مصر أكبر سوق للبضائع في العالم. والأمر ذاته ينطبق على صناعة السيارات وتجميعها، وإمكانية توفير بيانات احتكارية للعالم عن ‏حركة البضائع، وهو ما يمكّن مصر من الاتجار بالمعلومات والبيانات التي تستطيع أن تتفوق من خلالها على أكبر ‏صناعة في العالم، وتوفر ما يزيد عن 15 تريليون جنيه سنوياً. إلا أن الدولة ما زالت تتعامل مع قناة السويس، ‏باعتبارها مجرى مائيا يربط بين الشرق والغرب والشمال والجنوب ولا تستفيد مما تمتلكه من معلومات تجارية. ‏
وكذلك، لدى مصر ‏مساحة زراعية كبيرة، حيث يصل عدد ملاك الأراضي إلى ستة ملايين مالك، ‏وبرغم ذلك ما زالت الزراعة عشوائية، ولم يتم إنشاء بورصة زراعية. وعلى مستوى السياحة، ستجد أن مصر التي يوجد بها ما يزيد عن ثلث آثار العالم، لا تملك ترسانة معلومات عن ‏الآثار المصرية.
وأن هناك ما يقرب من 80% من الآثار المصرية غير مسجلة، إضافة إلى الوثائق القومية ‏ودار الكتب، والتي ما زالت تعتمد على طرق بدائية في الحفظ. وذلك بالرغم من أن الشيخ القاسمي منح مصر 22 مليون ‏جنيه لتوثيق الكتب والوثائق القومية منذ عام 2008 وإلى الآن لم يتم الانتهاء من المشروع. ‏ وعلى مستوى إدارة موارد الدولة، فإن مشروع البطاقة الذكية لتوزيع الدعم، تأخر ‏ثماني سنوات، وأدى إلى إهدار 12 مليار جنيه.‏

 

المساهمون